واشنطن - افراسيانت - في كتابه الجديد "الرئيس كارتر: سنوات البيت الأبيض" الذي يتناول فترة حكم الرئيس الأميركي التاسع والثلاثين، جيمس إيرل كارتر (جيمي كارتر) التي امتدت من كانون الثاني 1977- إلى كانون الثاني 1981، كتب ستيوارت آيزانستات الذي كان دائما إلى جانب كارتر، حيث شغل منصب كبير مستشاري السياسة الداخلية للرئيس الأميركي، أن كارتر دفع ثمنا باهظا، وخسر الانتخابات عام 1980 أمام رونالد ريغن بشكل كبير بسبب دفاعه عن حقوق الفلسطينيين.
ويشرح آيزانستات أن قرار السيناتور الديمقراطي تيد كينيدي من ولاية ماساشوستس (شقيق الرئيس السابق جون كينيدي) تحدي الرئيس الحاكم من حزبه جيمي كارتر، حتى اللحظة الأخيرة في المؤتمر الحزبي الوطني (11 آب-14 آب 1980 في مدينة نيويورك) كان محفزا بشكل كبير بسبب تأييد الرئيس الأميركي كارتر لقرار مجلس الأمن 465 (1 آذار 1980) الذي يدين الاحتلال الإسرائيلي والاستيطان في الأراضي العربية التي تحتلها إسرائيل.
وينص قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 465، الذي اعتمد بالإجماع في 1 آذار 1980، أي أن الولايات المتحدة لم تعارضه، وبالتالي نأت بنفسها عن استخدام الفيتو، مما أثار سخط اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة. ويتعلق القرار بمسألة المستوطنات والإدارة الإسرائيلية في "الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية".
ويقول آيزانستات "كان السيناتور تيد كينيدي سينهي تحديه السياسي لكارتر في عام 1980 ، لو لم يقل كارتر إن القدس كانت أرضًا محتلة بموجب قرار مجلس الأمن الدولي الذي تم إقراره بالإجماع في آذار الماضي؛ لقد رأينا موظفي الحملات الانتخابية (الديمقراطية) وهم يهجرون حملتنا، والذين خرجوا من مكاتب حملاتنا معترضين على موقف كارتر مما أدى لخسارة الانتخابات المبدئية للحزب (الديمقراطي) في ولاية نيويورك لصالح كينيدي، بسبب تخلي الجالية اليهودية الأميركية عن كارتر لاستخدامه تعبير وطن للفلسطينيين في أرضهم، ولأن كارتر رأى الفلسطينيين على أنهم مضطهدين كالأميركيين من أصل أفريقي" الأمر الذي أضعف كارتر أمام ريغن قي انتخابات 4 تشرين الثاني 1980 وأودى بحياته السياسية كرئيس.
وفي مقابلة معه أجرتها سارة بريجر لمجلة "مومنت" يفسر آيزانستات السبب وراء انتخاب اليهود الاميركيين لكارتر بنسبة هي الأقل في التاريخ لديمقراطي، رغم أنه حقق اتفاق "كامب ديفيد" لإسرائيل مع مصر واخرج الدولة العربية الأكبر من حلبة الصراع، وحقق لاسرائيل الاعتراف والتبادل الدبلوماسي مع مصر بالقول ، "بعد هذا النجاح [في كامب ديفيد] ، لماذا حصل على أصغر نسبة من الأصوات اليهودية من أي رئيس ديمقراطي في التاريخ الحديث؟. لتحقيق السلام بين مصر وإسرائيل، وضع كارتر (من وجهة نظر اليهود الأميركيين) الكثير من الضغوط على إسرائيل، وكانت لكارتر علاقات متوترة جدا مع رئيس الوزراء رابين ، ومن ثم مع بيغن.
ويشير الى قول كارتر "أنا أفضّل وطن فلسطيني" وانه لم يتحدث عن دولة بل قال "وطن"، وتسبب ذلك في ضجة كبيرة وأحرج حزب العمل في إسرائيل ورابين بشكل كبير. وما زالوا يلومونه على هزيمتهم في الانتخابات الإسرائيلية المقبلة ثم كانت العلاقة مع بيغن صعبة للغاية".
ويضيف آيزانستات أنه "على الرغم من ذلك، بدأ التصويت اليهودي في العودة إلى كارتر في انتخابات ولاية إلينوي (التمهيدية) في ربيع عام 1980، حيث حصل كارتر امام كينيدي على 70 في المائة من الأصوات اليهودية، بما في ذلك في شيكاغو. كنا نتوقع 20 في المائة من الأصوات اليهودية الأميركية حسب استطلاعات الرأي في نيويورك بعد أسبوعين، ولكن انكسرت القشة الأخيرة: قرار الأمم المتحدة رقم 465 (1/3/1980) في كامب ديفيد، تعهد كارتر بأنه لن يدعم أي قرار من الأمم المتحدة بشأن المستوطنات في القدس (الشرقية المحتلة). وكان قرار الأمم المتحدة رقم 465 يتضمن ستة إشارات إلى القدس كأرض محتلة، وأنه لا ينبغي أن تكون فيها مستوطنات".
ويدعي آيزانستات أنه "لم يقرأها كارتر بعناية (فقرات القرار)، وكان هناك سوء فهم كبير بالنسبة لنقاط القرار".
وقال "هناك سبب آخر، رأى كارتر أن الفلسطينيين هم الأميركيين الأفارقة في الشرق الأوسط - الذين اضطهدهم الجيش الإسرائيلي بنفس الطريقة التي قمع بها رجال الشرطة البيض الأميركيين الأفارقة. في الواقع ، كان الأمر أسوأ من ذلك. لقد اختلفت بشدة مع ذلك. فشلت في مراعاة قضايا إسرائيل الأمنية، وفشل الفلسطينيون في إظهار الرغبة في صنع السلام، ولكن هذا كان رأيه. الآن ، إذا سألته سيقول: هذا ليس على حساب إسرائيل، فهو يعتقد أن أهم شيء هو حل الدولتين، لكن تم التعبير عنه بشكل فج، ولا سيما كتابه الأبارتايد (فيما بعد)".
ويقر آيزنستات الذي يعتبر نفسه "صهيونيا أصيلا" بـأنه حاول أن يثني كارتر عن نشر كتابة "السلام أو الفصل العنصري" أو يغير عنوان الكتاب و"كتبت مذكرة طويلة إلى كارتر عن الكتاب قلت فيها" هذا خطأ سياسي وأخلاقي وتاريخي وقانوني. الفصل العنصري هو مصطلح يستخدم ضد جنوب أفريقيا، التي كان لديها حكومة بيضاء أقلية كانت تمنع السود من المشاركة، قلت: قد تقول أن هناك تمييزًا ضد العرب الإسرائيليين، لكنهم يحصلون على تعليم مجاني، والتصويت، وهم ممثلين في البرلمان، ويحصلون على الرعاية الصحية. إذا كنت تتحدث عن الفلسطينيين ، فهذا هو الإقليم الذي ما زال حتى يومنا هذا موضع خلاف. يمكنك أن تكون ضد سياسات الاستيطان. أنا لا أحب سياسات الاستيطان أيضاً ، لكنها ليست أبارتهايد" واضاف "ثم اتصلت به، وقلت أعرف أن الكتاب مكتوب بالفعل. فقط غيّر العنوان قال (كارتر) /أتمنى لو سمعتك من قبل. لقد فات الأوان ، إنه قيد البيع/".
ويدعي آيزانستات أنه في 3 آذار 1980، حاول كارتر التراجع عن قرار مجلس الأمن 465 موضحا موقف الولايات المتحدة القائل بأن تفكيك المستوطنات الإسرائيلية "ليس سليماً ولا عملياً" وأن "القدس يجب أن لا تكون مقسمة" بموقفها الثابت في مفاوضات السلام. وأضاف أن الولايات المتحدة وافقت على التصويت على أساس أن جميع الإشارات إلى القدس ستتم إزالتها.
ويقر آيزانستات "الرئيس الآخر الوحيد الذي خدم لولاية واحدة في السنوات الثلاثين الماضية كان جورج إتش. دبليو (الأب رقم 41) الذي هزم جزئيا بسبب معارضته للمستوطنات الإسرائيلية، وركض بيل كلينتون لاستغلال الموقف وتبني مواقف مناصرة لإسرائيل والاستيطان في عام 1992، مما غير موقف الجمهوريين، حيث قرر منذ تلك اللحظة أن يؤيدوا إسرائيل بالكامل".
يشار إلى أن ايزنستات، البالغ من العمر 75 عاما عمل مستشارا رئيسيا لهيلاري كلينتون حول قضايا إسرائيل خلال حملتها الانتخابية عام 2016 وساعد في صياغة بيانها ضد المقاطعة (المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات بي.دي.إس BDS)، ورتب اجتماعا مع بنيامين نتنياهو ونقل مشورته إلى كلينتون (كما نعرف الان من ويكيليكس لرسائل البريد الإلكتروني الخاصة بمؤتمر DNC)، كما ضغط على التزامها بلقاء نتنياهو في الشهر الأول من رئاستها المفترضة في حال انتخابها.
وكما يصف ايزنستات نفسه، فهو "صهيوني ملتزم ومدافع قوي عن اسرائيل من وراء الستار".