الصحفي أحمد دونميز يكشف الغطاء عن فساد أردوغان ورجاله منذ تسعينات القرن الماضي.
أنقرة - افراسيانت - تثير الأقلام والكتابات الناقدة مخاوف النظام التركي بشكل مستمر، ما جعله يلجأ إلى سياسة تكميم الأفواه والملاحقات القضائية لعدد كبير من الكتاب والصحفيين والمعلقين السياسيين والسياسيين المعارضين.
وأزعج كتاب “عمولة العشرة في المئة: من النظام العادل إلى نظام الحوض المالي" الذي كتبه أحمد دونميز المندوب الصحفي لصحيفة “زمان” في رئاسة مجلس الوزراء التركي، كبار المسؤولين والمستشارين في قصر رئاسة الجمهورية المعروف باسم “القصر الأبيض".
وتقدم بن علي يلدريم كبير مستشاري الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشكوى إلى النيابة العامة، طالب فيها القيام بمداهمات على "جميع العناوين المحتملة" للكاتب دونميز، كما طالب بمصادرة جميع الأجهزة الإلكترونية الخاصة بالكاتب وخاصة الحاسب الآلي والهـاتف المحمـول الخاص به.
وفي حال موافقة المحكمة على الطلب فمن المحتمل ألا تقتصر المداهمات على منزل الكاتب فحسب، بل قد تطال أيضا كلا من أقاربه وأصدقائه وذلك استنادا إلى عبارة "جميع العناوين المحتملة" التي لا يفهم منها مكان بعينه.
ويرى مراقبون أن تركيا أصبحت مشهدا قاتما لحرية التعبير وساحة مغلقة تضيق بالإعلاميين والأفواه المتخذة لصف النقد والرأي الآخر.
ويدافع أردوغان بقوة عن فكرة أن تركيا -التي تقبع في قاع القوائم العالمية لحرية الصحافة- ليس لديها سوى صحافة حرة. وقال في وقت سابق إن الصحفيين الأتراك أكثر حرية من نظرائهم في أوروبا.
ويواجه أكثر من 70 إعلاميا الملاحقة القضائية لتناولهم فضيحة الفساد التي تفجرت في ديسمبر عام 2013، مع اعتقال رجال أعمال مقربين من أردوغان وأبناء عدد من الوزراء في حكومته.
وقال الصحفي جنان جوسكون من جريدة جمهوريت الأقدم في البلاد، وهو ضمن الملاحقين قضائيا، إن "جميع الصحفيين والمراسلين الذين ينشرون أخبارا ضد الحكومة يعتبرون خونة".
ويروي دونميز تفاصيل مثيرة للغاية في كتابه حيث يقول إن "الفساد والحصول على حصص من العطاءات بدأ مع تولي أردوغان رئاسة بلدية إسطنبول الكبرى في عام 1994. وتم تشكيل ‘حوض مالي’ بهدف تأسيس حكومة المستقبل (العدالة والتنمية) والوصول إلى سُدة الحكم".
كتاب "عمولة العشرة في المئة: من النظام العادل إلى نظام الحوض المالي" يشعل مواجهة أخرى في أروقة النيابة العامة
كما يتحدث الكتاب عن الفترات الزمنية لأعمال الفساد والرشوة التي وقعت في عهد حكومة حزب العدالة والتنمية، كما يضم بين دفتيه معلومات في غاية الأهمية عن سبب الانفصال الذي حدث بين الحزب وحركة الخدمة.
والكتاب نفدت طبعته الأولى في الأسواق أما الطبعة الثانية فلم تطرح بعد. وورد اسم بن علي يلدريم في جميع أجزاء الكتاب الذي يضم معلومات خطيرة يعرفها الرأي العام بصورة واضحة للغاية.
وكان أول موضوع اشتكى منه يلدريم متعلق بادعاءات دخول كل من صحيفة "صباح" وقناة "أي تي في" المواليتين للحكومة في ملف تحقيقات أعمال الفساد والرشوة التي تكشفت وقائعها في 17 و25 ديسمبر 2013.
ويُزعم في هذا الملف، استنادا لأعمال التنصت القانونية التي تمت وفق قرار المحكمة أن بعض رجال الأعمال الذين حصلوا على بعض العطاءات من الدولة اضطروا لدفع أموال جُمعت في "حوض مالي" ثم تم تغيير ملكية صحيفة "صباح" وقناة "أي تي في" لتدخلا تحت سيطرة الحكومة.
وحسب الادعاءات كان بن علي يلدريم وزير النقل والاتّصالات السابق هو الذي يقوم بمهمة التنسيق بين رجال الأعمال.
وكان الموضوع الثاني في طلب الشكوى التي قدمها بن علي يلدريم للمحكمة السفينة التي اشتراها ابنه أركان يلدريم في عام 2003. كما أن هناك موضوعا آخر يزعجه وهو متعلق بالرشاوى المزعومة أن شركة سيمنز قامت بتوزيعها.
وفي سياق المحاكمات التي طالت الصحفيين الأتراك حكم على مريج سنيوز وهو شيوعي وصحفي في موقع أيلري هابر الإخباري بالسجن ستة أشهر جراء كتابته عن تقرير منسوب للشرطة يحتوي على مزاعم فساد ضد ابن أردوغان.
وخفف الحكم لاحقا إلى خمسة أشهر ثم تحول إلى غرامة. وقال سنيوز واصفا محنته "إنه أمر طبيعي في تركيا وهو جزء من ‘متاعب’ مهنتنا. أنا محظوظ كصحفي معارض لأنني لم أسجن".