مصادر أمنيّة رفيعة بتل أبيب: الإخفاقات المتكررة للأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة في رصد تحركّات المقاومة الفلسطينيّة في غزّة أشعلت “الحرب العالمية الثالثة” بينهم
افراسيانت - الناصرة - “رأي اليوم”- من زهير أندراوس - كشفت مصادر أمنيّة إسرائيليّة، وُصفت بأنّها رفيعة المستوى، كشفت النقاب عن أنّ الفشل المُتكرر للمخابرات الإسرائيليّة في رصد وتعقّب حركة المقاومة الإسلاميّة (حماس) أدّى إلى تأجج الخلافات داخل الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة، فبعد أنْ كان الخلاف العميق والشديد يقتصر على جهاز الأمن العام (الشاباك) وشعبة الاستخبارات العسكريّة (أمان)، انضمّ جهاز الموساد (الاستخبارات الخارجيّة) إلى الحرب الخفيّة الدائرة بين الأجهزة، كما قالت المصادر لرئيس تحرير موقع (ISRAEL DEFENSE)، عمير راببورت، المختّص بالشؤون العسكريّة والأمنيّة.
ولفتت المصادر عينها إلى أنّ تفاقم الخلافات بين الشاباك والموساد مردّها تحويل مسؤولية مراقبة تهريب الأسلحة من شبه جزيرة سيناء إلى قطاع غزّة من الشاباك إلى الموساد، الأمر الذي أثار حفيظة رئيس الشاباك، يورام كوهين.
وبحسب الموقع الإسرائيليّ فإنّ الخلاف بدأ عمليًا بين الأجهزة بعد قيام إسرائيل بتنفيذ خطة الانفصال أحادي الجانب عن قطاع غزّة في آب (أغسطس) من العام 2005، حيث لم تُقرر الحكومة اعتبار غزّة بأنّها منطقة خارج حدود السيادة الإسرائيليّة، علمًا بأنّ الموساد هو المسؤول عن معالجة المشاكل خارج إسرائيل، فيما مسؤولية الشاباك تقتصر على مراقبة الوضع وإحباط العمليات داخل ما يُطلق عليه الخط الأخضر من طرفيه. وتابع راببورت قائلاً إنّه عندما تقرر أنْ يكون الشاباك هو المسؤول الأعلى عن المخابرات في قطاع غزّة بدأت الخلافات بينه وبين الاستخبارات العسكريّة، وأدّت الخلافات بين الجهازين إلى ارتفاع وتيرة الفشل في رصد تحركات الفصائل الفلسطينيّة في قطاع غزّة، على حدّ قوله.
ولفت إلى أنّ الخلاف بين رئيس الشاباك وبين القائد العام للجيش الإسرائيليّ، الجنرال بيني غانتس، والذي تفجرّ بعد عملية (الجرف الصامد) ضدّ القطاع في الصيف الماضي، ما كان إلّا جزءً من المعركة الدائرة بين الشاباك وأمان. وشدّدّ المُحلل العسكريّ الإسرائيليّ على أنّ الإخفاقات الاستخبارية الإسرائيليّة بدأت بعد قيام حركة حماس بأسر الجنديّ الإسرائيليّ، غلعاد شاليط، وبعد ذلك، أخفقت الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة في توقّع قيام حماس بالانقلاب العسكريّ والسيطرة على القطاع، علاوة على ذلك، أضاف أنّ الإخفاق الأهّم تجلى واضحًا في عدم معرفة الأجهزة الأمنيّة شيئًا عن الأنفاق الهجوميّة التي قامت حركة حماس بحفرها. كما أنّ التحذير من خطر نشوب حرب بين إسرائيل وحماس في الصيف الأخير، كان عاملاً إضافيًا لتأجج الصراع بين الأجهزة الأمنيّة، حيث زعم الشاباك أنّه حذّر من هذه الإمكانية، ولكن شعبة الاستخبارات العسكريّة نفت ذلك جملة وتفصيلاً، وأكّدت على أنّها لم تتلقَ أيّ تحذير في هذه القضية.
وأردف المحلل راببورت قائلاً إنّ دخول الموساد على الخط لمنع عمليات التهريب، التي تعتبرها إسرائيل خطرًا إستراتيجيًا، زاد من حدّة الخلاف بين الأجهزة الأمنيّة، خصوصًا وأنّ تل أبيب تفترض أنّ الأسلحة يتّم تهريبها إلى القطاع عن طريق الجمهورية الإسلاميّة الإيرانيّة، التي تُحاول تهريبها عن طريق السودان، حتى وصولها إلى الأنفاق التي تجمع بين رفح المصريّة وبين رفح الفلسطينيّة، ومن ثمّ توزيعها بين حركتي حماس والجهاد الإسلاميّ.
ولفت الموقع أيضًا إلى أنّه على الرغم من الجهود المُكثفّة التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، فإنّ ما أجمع عليه الإعلام الإسرائيليّ بتسميتها الحرب العالميّة الإعلاميّة بين الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) حول العدوان على قطاع غزة والاستعداد لها، ما زالت مُستعرّة، وكشفت عمق الخلاف بين المؤسستين.
رئيس الشاباك السابق، يوفال ديسكين، تطرّق إلى رسالة الشكوى التي قدّمها القائد العام للجيش الإسرائيليّ، الجنرال بيني غانتس، إلى رئيس الوزراء ضدّ رئيس الشاباك، يورام كوهين، واشتكى فيها من اتهامات الشاباك بأنّه حذّر في بداية العام الفائت من نية حماس بفتح حرب مع إسرائيل في صيف العام نفسه، وأنّ الجيش لم يستعد لذلك، على حدّ تعبير كوهين. واختار ديسكين التطرق إلى الموضوع من خلال صفحته على موقع التواصل الاجتماعيّ (فيسبوك)، حيث قال إنّه جرى التعبير عن الوصاية والنفاق الإعلاميّ للجيش الإسرائيليّ، من خلال رسالة الشكوى التي بعثها رئيس أركان الجيش، والذي تذّمر فيها من أمور بينها كشف أسرار من جانب الشاباك.
وتابع ديسكين، واقتبس ما كان قد نشره المُحلل للشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، عاموس هارئيل، بأنّ شكوى غانتس حول كشف معلومات حساسة وأساليب عمل من جانب الشاباك في البرنامج التلفزيونيّ، برنامج التحقيقات (عوفداه)، الذي تبثه القناة الثانية بالتلفزيون الإسرائيليّ، كانت أقّل إقناعًا.
ولفت إلى أنّ هذه المخاوف لم تمنع الجيش من إطلاع وسائل الإعلام على تفاصيل دقيقة لاغتيال القيادي في حماس، أحمد الجعبري، قبل عامين. وخلُص المحلل إلى القول إنّه على الرغم من الخلافات المتأججة بين الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة، فإنّ المهام المنوطة بهم تُنفذ على أحسن حال، مذّكرًا بأنّ العدو الرئيسيّ يتواجد في كلّ من غزة، ودمشق وطهران، بحسب تعبيره.