افراسيانت - ملاك حمود - السفير - هي الحكاية نفسها التي تنسحب على كلّ المناسبات. التهمة المُكرَّرة، هي نفسها أيضاً: «معاداة السامية». وسواء كان تضامناً مع أسطول الحرية الذي كان في طريقه لكسر الحصار الذي يعيشه قطاع غزة، أو حتى الإشارة إلى «إصرار إسرائيل على اعتبارها دولة لليهود فقط»، فإنّهما يصبَّان في خانة «العداء» تلك.
يوم الاثنين الماضي، نقلت «إذاعة الجيش الإسرائيلي» عن تقرير يفيد بأنَّ السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة رون بروسور، التقى بوكيلة الأمين العام للأمم المتحدة لخدمات الرقابة الداخلية، كارمن لابوانت، ليطلب منها فتح تحقيق على خلفية تصرفات الأمينة التنفيذية لـ «الإسكوا» ووكيلة الأمين العام للمنظمة الدولية، ريما خلف، داعياً إلى ضرورة إحالتها على محكمة تأديبيَّة.
القضية مع خلف ليست جديدة، إذ إنَّ بروسور، الذي يغادر المنظمة الدولية قريباً، كان قد طالب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، قبل سنة، بطرد ريما خلف، بعدما اتّهمها بالمقارنة، بشكل غير مباشر، بين إسرائيل والنازية.
طبعاً حكاية السفير الإسرائيلي ليست واقعيَّة، لأن تصريحات كتلك، لم تصدر عن خلف. وتقول خلف في حديثها لـ «السفير»، إنَّها «ليست المرة الأولى التي تحاول فيها إسرائيل الضغط على من يشيرون إلى جرائمها وانتهاكها للقانون الدولي بهدف إسكاتهم». وتشير إلى أنَّ «بعثة إسرائيل لدى الأمم المتحدة تتّهمنا بمعاداة السامية لمجرّد أنّنا أكّدنا أنّ حصار غزة غير قانوني، ولأننا قلنا: إنَّ إصرار إسرائيل على اعتبارها دولة لليهود فقط يعدّ انتهاكاً لحقوق المسلمين والمسيحيين من سكان الأرض الأصليين، وفيه إحياء لمفهوم النقاء العرقي والديني للدول، والذي جلب على الإنسانية أقبح ويلات القرن العشرين»، وهو ما تعتبره إسرائيل «معاداة للسامية».
«إن من الغرائب اتهامنا باللاسامية، وهي شكل من أشكال العنصرية، بينما كلّ ما نطلبه هو المساواة بين البشر، وعدم التفرقة بينهم على أساس الدين والعرق»، تضيف خلف.
بالنسبة لبروسور، فإنَّ إسرائيل ليست على استعداد لتحمُّل مقارنات من هذا القبيل: «إنَّ اتهام إسرائيل بأنَّها تقوم بعمليات تطهير عرقي هي خلاصة اللاسامية العصرية، ولا يمكن غفرانها لأيّ سبب. إنَّ خلف تحمل لقب دكتوراه في تحليل الأجهزة، لكنَّها تستحق دكتوراه أخرى في الكتابة الإبداعية، لقد اعتقدنا أنَّ مواقف من تلك التي تحملها قد زالت من العالم».
تكرَّرت مطالبته مجدداً، بعدما شعرت إسرائيل بالاستفزاز، ولكن هذه المرة بسبب دعم خلف لأسطول الحرية الذي كان متجهاً لكسر حصار غزة، في حزيران الماضي.
وفي الوثيقة التي سلَّمها رون بروسور إلى لابوانت، كتب السفير: «تسيل من تصريحات خلف معاداة السامية.. ليس مقبولاً أن يصدر هكذا كلام عن مسؤولة رفيعة المستوى في الأمم المتحدة. نحن لن نقبل بذلك».
خلف كانت قد قاربت قرصنة إسرائيل للسفينة «ماريان» بـ «عمليات الخطف التي يقوم بها القراصنة في عرض البحر، في الهواء وعلى الارض، وهو ما لن يتردَّد العالم بوصفه على أنه إرهاب».
وفي بيانها الذي أصدرته حول سفينة أسطول الحرية، قالت: «يبدو أنَّ إسرائيل تعتبر التضامن مع المدنيين العزَّل المحاصرين تهديداً لأمنها، فلا تتورع عن ارتكاب أبشع الجرائم للحيلولة دونه، بما في ذلك قتل عشرة مواطنين أتراك في عرض البحر العام 2010».
وتضيف لـ «السفير»: «أنَّ البعثة الإسرائيلية تمثّل دولة مسؤولة عن قتل أكثر من 550 طفلاً في غزة العام الماضي، وتضم وزراء ومسؤولين أيّدوا علناً دعوات لإبادة الفلسطينيين وقتل أطفالهم وأمهاتهم، وحذّروا من هولوكوست في قطاع غزة، واقترحوا رمي الفلسطينيين في معسكرات اعتقال في الصحراء».