تساؤلات حول الأهداف والتأثيرات الإقليمية .. "القوة العربية المشتركة" تمضي بخطوات سريعة
افراسيانت - السفير - مصطفى بسيوني - بالمقارنة مع أوجه التعاون العربي المختلفة، يسير مشروع تشكيل «القوة العربية المشتركة» بخطوات سريعة. هذه السرعة اللافتة للانتباه تبدو مثيرة للانتباه، مثيرة سؤالاً من بين أسئلة كثيرة بشأن أهداف القوة المشتركة وتأثيراتها الاقليمية في ظل ما يجري في الوطن العربية من أحداث خطيرة.
كثيرة هي مشاريع التعاون بين الدول العربية التي اقترحت منذ عقود، ولم يسجل معظمها أي تقدم، الى ان طواها النسيان وتجمدت في أدراج جامعة الدول العربية.
لكن مشروع «القوة العربية المشتركة» يسير بإيقاع أسرع من المعتاد، ففي شباط الماضي، دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الى تأسيس تلك القوة المشتركة، بعدما تم تجاهل دعوته الى التدخل الدولي في ليبيا. بعد شهر على تلك الدعوة، وتحديداً في مؤتمر القمة العربية في شرم الشيخ، كان الزعماء العرب يقبلون دعوة السيسي، ويقررون عقد اجتماع لرؤساء أركان القوات العربية، بهدف اتخاذ الخطوات اللازمة لتأسيس القوة المشتركة. وبالأمس انتهى الاجتماع الثاني لقادة الجيوش العربية كافة، رؤساء أركان الدول الاعضاء في الجامعة العربية، ما عدا سوريا، المعلقّة عضويتها، والجزائر، التي اقتصر تمثيلها على مستوى المندوب الدائم.
الاجتماع الذي عقد على مدار يومين برئاسة رئيس أركان القوات المسلحة المصرية الفريق محمود حجازي انتهى بدراسة مشروع البروتوكول الاختياري لإنشاء القوة العسكرية المشتركة، والذي يحدد مهماتها وميزانيتها وتشكيلها وهيكلها التنظيمي والإداري.
وتم الاتفاق على عرض المشروع على الدول العربية لإبداء رؤيتها بشأنه وإرساله إلى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية خلال أسبوعين تمهيدا لعقد اجتماع آخر لرؤساء الأركان للنظر في وضع مشروع البروتوكول في صياغته النهائية، ومن ثم عرضه على رئاسة القمة العربية (مصر) لإجراء المشاورات اللازمة مع القادة العرب.
وفي البيان صدر عقب الاجتماع العسكري، أشاد الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي بما تم التوصل إليه من توافق حول مختلف القضايا المتعلقة بإنشاء وتشكيل القوة العربية المشتركة لصيانة الأمن القومي العربي ومكافحة الإرهاب.
وأشار العربي إلى «روح الإخاء والتضامن التي سادت مناقشات رؤساء الأركان، وما تميزت به من إيجابية وتوجيهات بناءة أجمعت على ضرورة تشكيل هذه القوة لمواجهة المخاطر الجسيمة والتحديات الخطيرة التي تهدد الأمن القومي العربي».
وأوضح العربي ان الاجتماع تناول بحث المسائل ذات الصلة بمختلف الجوانب التنظيمية والقانونية بشأن تشكيل القوة العربية المشتركة، وأهدافها والمهام المناطة بها، وآليات عملها وتمويلها، والإجراءات الخاصة باتخاذ القرار بشأن طلب استخدامها والاستعانة بها، وطبيعة تدخلها خلال تنفيذها للمهمات التي يتم تكليفها بها.
واعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن ما تم التوصل إليه خلال الاجتماعين الماضيين يمثل إنجازاً مهماً على طريق استكمال بناء منظومة الأمن القومي العربي، وإيجاد ركائز قوية تكفل استتباب الأمن واستقرار دول المنطقة.
وبينما يقترب مشروع تشكيل القوة العربية المشتركة من التحقق، فإن الأسئلة حول طبيعة القوة وأهدافها وتأثيرها على الأوضاع الإقليمية والتوازنات القائمة تطرح نفسها.
وفي هذا الإطار، يقول مساعد وزير الخارجية المصري السابق للشؤون العربية السفير هاني خلاف، في حديث الى «السفير» انه «يمكن فهم السرعة التي جرت بها خطوات بناء القوة العربية المشتركة إذا وضعنا في الاعتبار أن المشاركة فيها اختيارية. وبالتالي فإن الخطوات لا تنتظر إجماعاً عربياً».
ويضيف «في الواقع، هناك تحالف عسكري قائم بالفعل بين مصر والسعودية والإمارات والأردن. والمشروع يقنن هذا التحالف ويضيف إليه. وهناك دول ستبقى بعيدة عن هذا التحالف، مثل الجزائر وعمان، فيما هناك دول وضعها لا يسمح بالدخول في هذا التحالف. وفي كل الأحوال ستتوقف المشاركة في هذه القوة على القدرة والجاهزية لكل دولة».
ويضيف خلاف «كانت هناك شكوك في التوصل لاتفاق سريع حول القوة العربية المشتركة، ولكن الإصرار المصري السعودي دفع الأمر الى الأمام، وإذا نجحت جامعة الدول العربية في بناء القوة العربية المشتركة ستكون خطوة كبيرة للأمام».
ويرى خلاف أن مشروع القوة المشتركة سيكون محددا بأهداف حماية الأنظمة الشرعية في الدول العربية، وحماية حدود الدول العربية واستقرارها.
ويوضح «بالنسبة الى التوازن في المنطقة، فلا الإيرانيون ولا الأميركيون ولا الروس ينزعجون من هذه القوة، لأن طبيعتها ومهامها وحجمها لن تكون مؤثرة في التوازنات القائمة حاليا».
ويبدو أن الأهداف التي تظهر أمام القوة العربية المشتركة، مثل حماية الأنظمة والاستقرار والحدود تتفادى بوضوح وضع خصم محدد أمامها. بالرغم أن بعض الخصومات في المنطقة أوضح من أي محاولة لإخفائها.
وفي هذا الإطار، يقول اللواء محمد رشاد، وكيل جهاز المخابرات العامة المصري الأسبق، في حديثه الى «السفير» انه «من الواضح جدا أن الخصم الأساسي أمام القوة العربية المشتركة هو خطر الإرهاب، الذي أصبح ينفذ عبر حدود أغلب الدول العربية. ومواجهة هذا الخطر ليست الهدف من تشكيل القوة العربية المشتركة فحسب، بل انها الباعث الأساسي على تأسيسها».
ويضيف رشاد «لا يمكن القول ان القوة العربية المشتركة ستحدث تغييراً في توازنات القوى في الشرق الاوسط، لأن ذلك سيكون أكبر من قدراتها. فحتى مواجهة النفوذ الإيراني سيكون أكبر من قدراتها، خصوصاً في ظل التطور على مستوى المفاوضات النووية».
كما يرى رشاد ان «السعودية تبحث عن خلق التوازن مع إيران عبر التحالف مع تركيا وليس عبر القوة العربية».
ويتابع «حتى في ما يتعلق بإسرائيل، فإن تشكيل القوة العربية المشتركة لا يناقض مصالح تل ابيب، التي تعتبر الإرهاب تهديدا لأمنها».
ويخلص رشا الى القول ان «أقصى ما يمكن للقوة العربية المشتركة الوصول إليه هو مواجهة الإرهاب».