افراسيانت - السفير - في تصريحات هي الأولى من نوعها، أعلن مسؤولون أميركيون عن تزايد المخاوف لدى الإدارة الأميركية بشأن الأهداف السعودية المبتغاة من الحرب التي تقودها على اليمن، وهو ما دفع واشنطن إلى توسيع دورها في الحملة العسكرية، عبر تحديد الأهداف لطائرات «التحالف»، إلى جانب تعزيز وجودها في المياه الدولية.
وبينما تستمر الحرب على اليمن، وتحاول دول عدّة، إيجاد مخرج سياسي للأزمة اليمنية، يسعى الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى إقامة سلطة «شرعية» تعمل من مقر إقامته في الرياض.
وجرت في السفارة اليمنية في الرياض، أمس، مراسم تعيين رئيس الوزراء في الحكومة المستقيلة خالد بحاح نائباً لهادي، الأمر الذي رفضته جماعة «أنصار الله»، مؤكدةً على لسان المتحدث باسمها محمد عبد السلام أنّ «أيّ شيء يتعلّق بالوضع السياسي في اليمن، يجب أن يتحدّد من خلال حوار داخل البلاد».
أول المرحبين بخطوة تعيين بحاح، كان مجلس التعاون الخليجي الذي أكّد أنها «خطوة مهمة لتعزيز الجهود التي يبذلها فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي لإعادة الأمن والاستقرار الى اليمن الشقيق».
وبرغم توسيع مشاركتها في الحرب التي تقودها السعودية على اليمن، تتزايد مخاوف الولايات المتحدة بشأن أهداف حليفتها من هذه الحملة العسكرية، وفق ما صرح مسؤولون أميركيون وعرب لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية.
وأعرب مسؤولون أميركيون عن قلقهم من أن يؤدّي الارتفاع في عدد الضحايا المدنيين إلى تقويض الدعم الذي تحظى به «عاصفة الحزم» في اليمن، وغيرها من دول المنطقة، إذ إن الغارات الجوية لم تستثن المستشفيات والمدارس ومخيمات النزوح، وأدت إلى مقتل ما يزيد على 648 مدنياً، بحسب مسؤولين في الأمم المتحدة.
إلّا أن المتحدث باسم «التحالف» أحمد عسيري، جدّد روايته التي تقول إنّ الحوثيين «عمدوا إلى استخدام المدارس والمستشفيات والملاعب الرياضية والفنادق لتخزين المعدات والآليات والأسلحة»، مؤكداً «حرص قوات التحالف على المحافظة على البنية التحتية في اليمن».
وفي وقت لا يوجد أرقام دقيقة لأعداد الضحايا الذين سقطوا جراء الغارات، أوضح المتحدث باسم القوات المسلحة التابعة للحوثيين العميد الركن شرف غالب لقمان، خلال مؤتمر صحافي في صنعاء، أمس، أنّ «2571 مدنيًا بينهم 381 طفلاً وطفلة و214 امرأة سقطوا منذ بدء العدوان» على اليمن، فيما «بلغ عدد الجرحى 3897»، مشيراً إلى أنّ طائرات «التحالف» استهدفت «334 تجمعاً سكانياً و2265 منزلاً منها 91 منزلاً تم تدميرها على قاطنيها، في حين بلغ عدد النازحين 40 ألف أسرة».
وكشف المسؤولون الأميركيون لـ «وول ستريت جورنال» عن تشكيك لدى إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما بفعالية الغارات الجوية في وقف تقدّم «أنصار الله».
ويخشى المسؤولون من أهداف بعض القادة السعوديين الذين يسعون، من خلال الضربات الجوية، إلى إعادة الحوثيين إلى معقلهم في صعدة شمالاً، ووفق هذا السيناريو قد تستغرق الحرب أكثر من سنة، وفقاً لتقديرات الاستخبارات الأميركية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين عرب وأميركيين قولهم إنّ البيت الأبيض نصح السعودية بالتمسّك بمجموعة محددة من الأهداف العسكرية والسياسية، لتجنب الغرق في حملة مفتوحة.
ووفقاً للمسؤولين الأميركيين فإن هذه الحملة ربما تؤدّي إلى حرب بالوكالة بين السعودية وإيران، ما قد يضع إدارة أوباما في مأزق كبير، خصوصاً بعد التوصل إلى الاتفاق - الإطار بين إيران ومجموعة «5+1» حول برنامج طهران النووي. غير أنّ وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، أكد، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس في الرياض، أمس الأول، أنّ بلاده ليست «في حرب مع إيران»، ولكنه طالب طهران بـ «الامتناع عن دعم النشاطات الإجرامية للحوثيين ضد حكومة اليمن الشرعية».
وتوسع الولايات المتحدة دورها في تلك الحرب، حيث دعمت البحرية الأميركية الحصار الذي يفرضه «التحالف» على الموانئ اليمنية، عبر تكثفت البحث عن أسلحة في عرض البحر قرب سواحل اليمن، «لأن إيران تحاول تزويد الحوثيين بصواريخ أرض – جو»، وفقاً لوزارة الدفاع الأميركية.
ودلّلت الصحيفة على ذلك من خلال قيام قوات من البحرية الأميركية، في الأول من نيسان الحالي، بتفتيش سفينة في البحر الأحمر كانت ترفع علم بنما، وكان يُشتبه بأنّها تحمل أسلحة للحوثيين، غير أنها لم تعثر على شيء.
وقبل أسبوع على بدء الحملة، سلم السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير القائمة السعودية الأولية للأهداف ذات الأولوية العالية في اليمن، إلى مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) جون برينان، وفقاً لمسؤولين أميركيين أكدوا أنّ الجبير طالب مراجعة الولايات المتحدة لأكثر من 100 هدف.
وكان على الإدارة الأميركية، وقتها، اتخاذ قرار بشأن مدى المساعدة التي تريد الولايات المتحدة تقديمها للحملة الجوية السعودية، إلّا أن البيت الأبيض أذِنَ لمخططي الحرب في وزارة الدفاع التحقق من الأهداف السعودية لإبلاغها بالضربات الأولية، وهو ما فعله البنتاغون، فيما يؤكّد المسؤولون السعوديون أنّهم أخذوا تلك التوصيات بالاعتبار.
وفيما يسعى المسؤولون الأميركيون إلى إيجاد مخرج ديبلوماسي لوقف القتال بأسرع وقت ممكن، رفض الجبير التعليق على اتصالاته مع برينان، معتبراً أن «الهدف النهائي للعملية العسكرية هو فتح الباب أمام عملية سياسية لحلّ الأزمة اليمنية».
وخلال الجولة الأولى من الضربات السعودية، حدّت الولايات المتحدة من تبادل المعلومات الاستخبارية مع السعودية، ولكنها استمرت في تأمين صور عبر الأقمار الاصطناعية. إلا أنه وفي الأيام الأخيرة، زادت واشنطن من تعاونها الاستخباري مع الرياض عبر توفير أهداف محددة للطائرات، وفقاً لمسؤولين أميركيين.
وبموجب هذا الترتيب الجديد، يختار السعوديون أهدافهم، قبل أن يقدموها للمراجعة من قبل البنتاغون في مركز العمليات المشترك.
وعلى المستوى الديبلوماسي، جددت إيران دعوتها، أمس، إلى تشكيل حكومة جديدة في اليمن وعرضت المساعدة في انتقال سياسي.
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في خطاب ألقاه أثناء زيارة إلى كازاخستان «حظيت بشرف المشاركة في مؤتمر بون (2001) عندما شكلنا الحكومة الأفغانية. وفي الواقع لم نشكلها نحن بل الأفغان.. يمكننا أن نفعل هذا في اليمن أيضا».
من جهته، اعتبر نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان أنّ «أعداء المنطقة يحاولون تقسيم وإضعاف السعودية، والاعتداء على اليمن وتبعاته نقطة بداية لهذه الخطة المشؤومة»، مطالباً أميركا بالتخلّي عن ازدواجية المعايير في المنطقة.
وفيما أوصى السعودية بعدم المراهنة على المساعدات الأميركية في اليمن، أشار عبد اللهيان إلى أنّ الوقت ليس في مصلحة الرياض «التي جعلت الأمن الإقليمي ألعوبة في يدها من خلال عدوانها على اليمن».
وفي باكستان، أكد رئيس الوزراء نواز شريف أنّ بلاده «ستكثف» جهودها، بالتشاور مع السعودية، لإيجاد حلّ ديبلوماسي للأزمة في اليمن، بعدما صوّت البرلمان على عدم المشاركة في «التحالف» الذي تقوده السعودية، إلّا أنه اعتبر أنّ عودة حكومة هادي «ستكون خطوة مهمة باتجاه إحلال السلام».
كما سعى شريف إلى التقليل من أهمية الخلاف مع الإمارات بعدما انتقد وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات أنور قرقاش باكستان بسبب قرار برلمانها عدم المشاركة في «التحالف»، واصفاً مواقف إسلام أباد بأنها «متناقضة وملتبسة»، ومتهماً باكستان بالتحيز لإيران.
وأكّد أنّ تضامن باكستان مع دول الخليج غير قابل للشكّ، مضيفاً أنّ الخلاف مع الإمارات كان نتيجة «سوء تفسير» على ما يبدو لقرار البرلمان.
وفي الدوحة، جدّد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون دعوته، أمس الأول، إلى وقف الأعمال الحربية في اليمن في أسرع وقت ممكن، وإعطاء الأولية للحوار.
وفي اليوم التاسع عشر على بدء الحرب، قصفت السعودية بالمدفعية الثقيلة من منطقة جازان مواقع للحوثيين، بحجّة أنّها تلقّت معلومات بأنّهم يعتزمون التحرك صوب حدود المملكة. كما استهدفت الغارات قصر الرئاسة في منطقة المعاشيق في عدن.
وكان عسيري قد أعلن، أمس الأول، أنّ «التحالف» نشر مروحيات قتالية على الحدود بين السعودية واليمن.