افراسيانت - في خطابه أمام الجامعة الاميركية في القاهرة، تحدث وزير الخارجية الاميركي، مايك بومبيو مطولا عن «إيران وأذرعها العسكرية في المنطقة» وعن انه يجب الانتقال من مرحلة احتواء ايران الى مرحلة مواجهتها،فيما يشبه إعلان حرب متهما حزب الله بتكديس ١٣٠ ألف صاروخ ومتحدثا عن الارهاب او مهاجما السياسة الاميركية في عهد الرئيس السابق باراك اوباما وواصفا ذلك بـ «عار اميركا» مشيرا الى ما اسماه الفوضى في المنطقة التي خلفها بعد اميركا عمن اسماهم اصدقاءها وحلفاءها، في هذا الخطاب لم يتطرق بومبيو بكلمة واحدة عن اسرائيل حليفة الولايات المتحدة التي تكدس في ترساناتها أحدث اسلحة الدمار الاميركية عدا عن الاسلحة النووية التي أكدت مصادر اجنبية مرارا امتلاك اسرائيل لها، كما لم يتطرق الى قضية الشرق الاوسط المركزية، قضية فلسطين واحتلال اسرائيل غير المشروع للاراضي الفلسطينية والعربية وانتهاكاتها الجسيمة للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية.
أن يهاجم بومبيو سياسة إدارة اوباما السابق فهذا شأن اميركي داخلي لن نتطرق له الاّ بالقدر الذي يلامس فيه قضيتنا الفلسطينية، ولتذكير بومبيو فقد امتنعت الولايات المتحدة عن استخدام الفيتو في مجلس الامن الذي اتخذ قرارا يدين الاستيطان الاسرائيلي ويؤكد ان القدس العربية المحتلة جزء لا يتجزأ من الاراضي المحتلة وهو ما ينسجم مع قرارات الشرعية الدولية، في الوقت الذي اقدمت فيه ادارة ترامب على انتهاك قرارات الشرعية الدولية وبقيت معزولة مع اسرائيل عن باقي المجتمع الدولي عندما اعترف ترامب بالقدس عاصمة لاسرائيل وقرر نقل سفارة اميركا من تل ابيب الى القدس، ثم صعّد عداءه للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة بوقفه المساعدات الاميركية للاونروا وللسلطة الفلسطينية ولمستشفيات القدس وحاول التشكيك في اعداد اللاجئين الفلسطينيين واعطى الضوء الاخضر للاحتلال الاسرائيلي غير المشروع لتوسيع الاستيطان واسدل الستار على حق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني.
هذه السياسة التي تنتهجها الادارة الاميركية التي ينتمي اليها بومبيو والتي تنتهك القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وتتنكر لارادة المجتمع الدولي هي عار أميركا الحقيقي. وإن محاولة بومبيو ذر الرماد في العيون والاستخفاف بالعقل العربي بالايحاء وكأن مشاكل المنطقة تنحصر في ايران وحزب الله متجاهلا الخطر الاسرائيلي الاكبر على الشرعية الدولية، إنما هي محاولة بائسة لن تنطلي على ابناء الامة العربية بمن فيهم ابناء الشعب المصري، الذين يدركون تماما ان استمرار المأساة الفلسطينية واستمرار احتلال الاراضي الفلسطينية والعربية من قبل اسرائيل بما يخالف القانون الدولي سببه السياسة التي تنتهجها الادارة الاميركية في دعم اسرائيل بالمال والسلاح والحماية في المحافل الدولية.
أما الفوضى التي يتحدث عنها بومبيو فهي وليدة التدخل الاميركي السافر في الشؤون العربية ودعمها السافر لتنظيمات وميليشيات هددت الامن والاستقرار في اكثر من قطر عربي ووليدة الغزو العسكري الاميركي لأكثرمن قطر عربي سواء العراق أو سوريا أو غيرهما مما اسهم بشكل رئيسي في خلق الفوضى التي يتحدث عنها بومبيو.
والأنكى من ذلك ان يزعم بومبيو ان اميركا بقيادة ترامب هي «قوة خير» في الشرق الاوسط. فأين هو الخير الاميركي في الوقت الذي تصطف فيه ادارة ترامب الى جانب الاحتلال الاسرائيلي غير المشروع وتدعمه بشكل مطلق فيما تعادي الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره والعيش حرا في دولته المستقلة ذات السيادة على ترابه الوطني. وأين هو الخير من السياسة الاميركية التي تقف موقفا عدائيا من اللاجئين الفلسطينيين الذين هجّرهم الاحتلال الاسرائيلي قسرا من ديارهم عام ١٩٤٨، وتدوس على قرارات الشرعية الدولية الخاصة بحقوق اللاجئين في العودة الى ديارهم، وأين هو الخير في السياسة الاميركية التي تنشر قواعدها العسكرية في عدة دول عربية وتحتل اراضي دول عربية اخرى بشكل غير مشروع؟!
ولذلك نقول ان هذه الكلمات التي اطلقها بومبيو في القاهرة لن تطمس حقيقة السياسة الاميركية المناهضة للامة العربية وللشعب الفلسطيني الذي لا زال يعاني بسبب هذا الانحياز الاميركي المطلق للاحتلال الاسرائيلي.