غزة - افراسيانت - لا يتوانى الاحتلال الإسرائيلي في توجيه قوة نيرانه المفرطة التي يستخدمها بحق المتظاهرين، باتجاه الصحافيين الذين يقدمون على تغطية الأحداث التي تشهدها الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة للجمعة الرابعة على التوالي، فيقتل ويصيب عدد منهم بشكل متعمد بهدف طمس الحقيقة التي يحاول أولئك الصحافيين إظهارها للعالم.
واستشهد صحافيين وأصيب أكثر من 77 آخرين منذ بداية المسيرات الحدودية لقطاع غزة في الـ 30 من مارس/ آذار الماضي. حيث استشهد الصحفي المصور ياسر مرتجى في السابع من الشهر الجاري متأثرا بجروحه التي أصيب بها في الجمعة الثانية من المسيرات. بينما أصيب الصحفي المصور أحمد أبو حسين في الخامس والعشرين من أبريل/ نيسان الجاري متأثرا بجروحه التي أصيب فيها بالثالث عشر من ذات الشهر التي كانت تصادف الجمعة الثالثة من الأحداث.
ويرى صحافيون أن الاحتلال الإسرائيلي يتعمد استهدافهم وزملائهم في الميدان بهدف حجب الصورة التي يلتقطها المصورون وينقلها المراسلون والتي تظهر جرائم الاحتلال التي تطال الشعب الفلسطيني. مشيرين في أحاديث منفصلة لـ القدس، إلى أن هذا يأتي في إطار الاستهداف المستمر بحق الصحافيين خلال حروب غزة الثلاثة وفي فترات أخرى من العدوان على القطاع.
ويقول الصحفي المصور حسن اصليح مصور فضائية القدس، أن الاحتلال يستهدف الصحافيين بالرغم من أنهم يعملون على تغطية الأحداث على بعد لا يقل عن 500 متر من الحدود. مشيرا إلى أن هذه المسافة آمنة جدا بالنسبة للصحافيين ولا تشكل أي خطر على جنود الاحتلال الذين يتعمدون استهداف الطواقم الصحافية من خلال إطلاق الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز تجاههم.
وأشار اصليح في حديث لـ القدس، إلى أن الغالبية العظمى من الصحافيين وخاصةً من يتم استهدافهم يرتدون دروع مكتوب عليها باللغتين العربية والانجليزية كلمة "صحافة". لافتا إلى أنه بالرغم من ذلك يتم استهدافهم بشكل متعمد في محاولة واضحة من الاحتلال لمنعهم من تغطية الأحداث ونقل رسالة المتظاهرين السلميين إلى العالم.
وأضاف خلال تغطيته للأحداث من حدود شرق خانيونس "رسالتنا كصحافيين واضحة بأننا نقل رسالة أبناء شعبنا للعالم دون أي تلاعب بالحقيقة، ومهمتنا بالأساس نقل الخبر للعالم ليشاهد هذه المشاهد السلمية التي يتبعها المتظاهرين في الدفاع عن حقوق شعبهم، وكيف أن الاحتلال يتعمد استهداف أولئك المتظاهرين بمختلف أنواع الأسلحة وتعمد إصابتهم بهدف تحقيق إصابات قاتلة في صفوفهم".
وأصيب خلال التظاهرات التي شهدتها "جمعة الشباب الثائر" ما لا يقل عن 9 صحافيين، أحدهم بالرصاص الحي والآخرين جراء استهدافهم بقنابل الغاز.
ولم تكتفي قوات الاحتلال باستهداف الصحافيين من المصورين والمراسلين، بل تعمدت في أكثر من مرة استهداف سيارات البث المباشر للفضائيات العربية والدولية.
وحملت نقابة الصحفيين في بيانات سابقة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة الصحفيين واستمرار جرائمها، مجددة المطالبة بتوفير الحماية الدولية الحقيقية للزملاء الصحفيين في فلسطين. مشددة على ضرورة تدخل كافة المنظمات الدولية والإنسانية لتحمل مسؤولياتها تجاه هذه الجرائم.
وقال تحسين الأسطل نائب رئيس نقابة الصحافيين الفلسطينيين، أن استمرار استهداف الصحافيين من قبل الاحتلال إنما هي جريمة متواصلة ضمن مسلسل الجرائم التي ترتكب بحقهم منذ سنوات طوال وخاصةً خلال المسيرات والحروب التي شهدتها قطاع غزة وكذلك المسيرات في الضفة الغربية.
واعتبر أن استهداف الصحافيين من مسافات بعيدة دون أن يشكلون خطرا وهم يلتزمون الحياد الهدف منه أن يبتعد الصحافيين عن مكان الجريمة. مضيفا "الاحتلال لا يريد للعالم أن يشهد هذه الجرائم المرتكبة بحق الأطفال والنساء والرجال الذين يتظاهرون سلميا على طول الحدود".
وجدد الأسطل في حديث لـ القدس، المطالبة بتوفير الحماية الحقيقية للصحافيين من قبل مجلس الأمن والأمم المتحدة. مشيرا إلى "صمت غريب" من تلك المؤسسات الدولية إزاء الممارسات الإسرائيلية بحق الصحافيين.
ولفت إلى أن هناك خطوات عملية قامت بها نقابة الصحافيين منذ بداية الأحداث بالاجتماع مع المفوض السامي لحقوق الإنسان وممثل حقوق الإنسان في الأمم المتحدة وإطلاعهم على مجمل الانتهاكات بحق الصحافيين.
وقال "هذه الجرائم والانتهاكات المتصاعدة تتوجب العمل من أجل لجمها ووقفها". مشيرا إلى ضرورة أن تتحمل المؤسسات الدولية والحقوقية مسؤولياتها وأن تخرج عن صمتها أمام هذه الجرائم.
من جهته قال رئيس المكتب الإعلامي الحكومي ومسئول وزارة الإعلام بغزة سلامة معروف، إن تكرار استهداف الاحتلال للطواقم الصحفية التي تغطي أحداث مسيرة العودة في كل جمعة يثبت أنه ينتهج سياسة متعمدة تحظى بغطاء من المستوى السياسي وتهدف لمحاولة ثني الصحفيين عن القيام بدورهم المهني.
ورأى معروف في تصريحات صحافية، أن هذه الاعتداءات تثبت أن الاحتلال لا يفهم إلا لغة الغطرسة العسكرية في مواجهة الحراك السلمي المدني لمسيرات العودة الكبرى. كما قال.
وأضاف "مصداقية كافة المنظمات الدولية باتت على المحك في ظل استمرار صمتها على جرائم الاحتلال". داعيا إلى الإسراع في تشكيل لجنة تحقيق وسحب عضوية الاحتلال وتوفير معدات السلامة المهنية للصحفيين.