افراسيانت - العرب - يبدو أنه جاء الدور المبعوث الأممي الحالي لدى ليبيا مارتن كوبلر لتطاله اتهامات الانحياز مثلما حصل مع المبعوث السابق برناردينو ليون.
فقد تفجرت خلافات حادة بين المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج ومجلس النواب بطبرق برئاسة عقيلة صالح على خلفية تصدير النفط ومواجهة تنظيم الدولة الإسلامية. وقد تعزز الانقسام بين الطرفين في الوقت الذي تحتاج فيه ليبيا إلى تثبيت مؤسساتها والتصدي لمخاطر الإرهاب.
وكان لهذا الخلاف المتصاعد انعكاس على دور المبعوث الأممي لدى ليبيا مارتن كوبلر الذي وجد نفسه ممزّقا بين حكومتين الأولى في الغرب والثانية في الشرق
.
وفي أعقاب رفضه محاولات حكومة عبدالله الثني تصدير النفط الليبي، انتقد عقيلة صالح مارتن كوبلر وقال إنه لم يعد يلتزم بوظيفته، إذ بات يتدخل في الشأن الداخلي الليبي فضلا عن انحيازه لطرف بعينه على حساب الأطراف الأخرى.
وحث بيان لعقيلة أصدره منذ أيام مبعوث الأمم المتحدة مارتن كوبلر على بذل المزيد من الجهود والالتفاف للقضايا الأساسية في ليبيا وإيجاد حل لها بما يضمن عدم التدخل في الشأن الليبي أو الانحياز لطرف دون آخر.
كما حذر بيان أصدره “ملتقى إنقاذ ليبيا” بمدينة الأبيار من استمرار عمل مارتن كوبلر، مطالبا مجلس النواب بمخاطبة الأمم المتحدة لتغييره هو وطاقمه الفني .
وأفاد البيان بأن “كوبلر أصبح عبئا على القضية الليبية، ويشكل خطرا على الشؤون الداخلية وسيادة الوطن، لذلك يجب سحبه”.
وبرر “ملتقى إنقاذ ليبيا” موقفه من كوبلر بالتأكيد على أنه “غير نزيه، لأنه اخترق بنود الاتفاق السياسي، وكذلك التشريعات المحلية للبلد”.
وأبدى البيان، تأييده لمجلس النواب الليبي، وقال إنه “الجسم المنتخب في انتخابات مباشرة والجسم التشريعي والممثل الوحيد للشعب الليبي، والمتمثل في رئيسه عقيلة صالح”.
ورفض البيان وجود الميليشيات والتشكيلات المسلحة التي لها دور في عرقلة وتعطيل مسار التحول الديمقراطي ضمن الترتيبات الأمنية في مستقبل ليبيا السياسي القادم.
وأعلنت حكومة الوفاق، في وقت سابق، عن عزمها احتواء المجموعات المسلحة الخارجة عن السلطة بدمج بعض كتائبها بالجيش والشرطة، لكن متابعين حذّروا من هذه الخطوة باعتبار أن بإمكانها خلق جيش كتائبي متعدد الولاءات وغير قادر على حماية المنشآت الحيوية للدولة.
ومثّلت الصعوبات المالية التي عانت منها حكومة طرابلس غير المعترف بها وعجزها عن مواجهة الخطر المتصاعد لتنظيم الدولة الاسلامية أبرز عاملين وراء تثبيت حكومة الوفاق الوطني سلطتها في العاصمة من دون إراقة دماء.
ويعد انتشار الميليشيات المسلحة على التراب الليبي نتيجة لضعف الدولة وانهيار مؤسساتها بسبب استشراء الفوضى والانفلات الأمني واختراق ليبيا من قبل التنظيمات الجهادية، مقابل تراجع القوات النظامية وانحسار الأراضي التي تسيطر عليها.
وتمهيدا لبدء عملية تحرير سرت التي يسيطر عليها تنظيم داعش، أعلنت القيادة العامة للجيش الليبي أن وحداتها العسكرية منتشرة في جميع الحقول النفطية، موضحة أن أغلب حقول تصدير النفط في ليبيا تخضع لسيطرة الجيش.
وسبق أن حذّر خبراء أمنيون من سعي داعش للسيطرة على الموارد النفطية في ليبيا، معتبرين أن الهجمات التي استهدف بها التنظيم عدة منشآت نفطية في بداية العام الجاري، دليل على رغبته في الهيمنة على الثروات الطبيعية في ليبيا والتي تعدّ مفتاح السيطرة على ليبيا وتحويلها إلى إمارة تابعة لـ”دولة البغدادي”.
يشار إلى أن أولى هجمات داعش في ليبيا كانت على ميناء “مرسى الحريقة” البحري النفطي، وكان الهجوم الثاني على حقل “المبروك”، الواقع على بعد نحو 100 كيلومتر جنوب مدينة سرت، شمال وسط البلاد، والذي تشغله شركة “توتال” الفرنسية، وآخر الهجمات التي نفذها التنظيم استهدف موقعا في مدينة سرت التي تمكن من ضمها إلى قائمة المدن الخاضعة لسيطرته.
ومنذ أشهر قليلة نفذ تنظيم داعش هجوما على منطقة الهلال النفطي في محاولة للسيطرة عليها نظرا لأهميتها واحتوائها على أكبر موانئ للنفط في ليبيا. وتتوسط منطقة الهلال النفطي المسافة بين بنغازي وطرابلس، وتحوي المخزون الأكبر من النفط، وتضم عدة مدن مثل بنغازي وسرت، إضافة إلى مرافئ السدرة ورأس لانوف وهما أكبر ميناءين لتصدير النفط في البلاد.
ويوجد بميناء السدرة أربعة مراس مجهزة لسفن الشحن، وبسعة تخزينية تقدر بـ6.2 ملايين برميل من النفط الخام، ويعتبر من أكبر الموانئ النفطية في ليبيا، وتغذيه أربعة حقول نفطية، وهي الواحة، والسماح، وجالو، والظهرة.
أما ميناء رأس لانوف فيوجد به 13 خزانا، ويتم تزويده بنحو 140 ألف برميل يوميا، من العديد من الحقول، فيما تصل سعته التصديرية اليومية إلى 200 ألف برميل من النفط الخام.