افراسيانت - ما شأن السياسة بالرياضة؟ او الرياضة بالسياسة؟ ولماذا يغلب ان يكون امر الرياضة متبوعاً بالسياسة وخلافاتها؟
يقول متابع لما يجري حين تستغل الرياضة بادخالها الى عالم السياسة :
عالم اليوم بعولمته وسيطرة ثقافة الكوكاكولا والماكدونالدز بدأ في تحطيم الخط الفاصل بين الرياضة والسياسة محدثاً تداخلات افضت في احايين الى تشابكات غير محمودة.
نعلم ان السياسة لا تقتحم امراً الا وتصيبه غالباً بجنون اكثر ضراوة من جنون البقر البريطاني واشرس لوثة من تلك التي خلفها ديوكسين الدجاج البلجيكي... وبذلك لا ريب في ان الرياضة تفقد معانيها السامية المتمثلة في الالتقاء والاخاء والمحبة وشريف التنافس حين تلوح السياسة في افقها.
نصاب بالغم نحن الرياضيون عندما تغزو السياسة الرياضة فتتحول الاخيرة الى اداة حادة في ايدي الساسة، يطعنون بها ذائقة الجمهور الذي لم يجد إلا في الرياضة ملاذاً للهروب من هموم الحياة ومنغصاتها، فينحرون - اي الساسة - متعة الرياضة ويلحقون بالغ الضرر بمبادئها ويشوهون وجهها الجميل ويفسدون عبق نكهتها فتبدو بلا طعم ولا رائحة.
بلد يهدد بمقاطعة كرنفال رياضي لأسباب سياسية، وآخر يعمد الى الانسحاب من بطولة هرباً من مواجهة فريق من هذا البلد او ذلك لاعتبارات سياسية ايضاً، ووزير رياضة يهدد بالاستقالة من منصبه اذا لم يفلح في لملمة خلافات السياسة، وساسة يلوحون بين الفينة والاخرى بورقة الرياضة تعبيراً عن خلافاتهم، ودورات رياضية تئن تحت وطأة العراك السياسي... نماذج متعددة الأوجه لممارسات سياسية هنا وهناك تطعن في خاصرة الرياضة فتصيب متابعيها بالقيء والغثيان، بفعل ذلك الدفع القسري للرياضة الى مستنقع السياسة.
حتى المونديال لم يسلم من شغب السياسة ومناوشاتها.
قصارى القول ان ثمة علاقة نبحث عنها بين الرياضة والسياسة، تلك التي تبدأ بالرياضة نحو السياسة، وليس العكس، فبوسع الرياضة ان يكون لها قدرة كامنة في ترويض السياسة وان تصلح من شأنها. وفي المستطاع ايضاً ان تكون الرياضة وسيلة نحو تقارب الشعوب وردم هوة تباين الحضارات والثقافات.
لعل الساسة يقتفون اثر الرياضة فيمنحونها فرصة رأب الصدع وذلك بالتعاطي في ما بينهم بروح رياضية، والكف عن اقحام منافساتها في ما اختلفوا فيه... وكما ان الشعوب تحب السلام، فإن الرياضة وجه من اوجه السلام، بل شعاراً له، والشعوب محقة في ان تنعم بسلام الرياضة بعيداً عن محاولات الساسة تقويض ذلك المفهوم الجميل.
مناسبة الكلام ، ما يدور في اروقة الساسة الذين يقحمون الرياضة في حروبهم التي غالبا ما تخفي خلفها احقادا شخصية او مصالح احتكارية او توجهات انتخابية او .. الخ !!
مثال ذلك ، تلك الرسالة التي وجهها اعضاء في الكونغرس الامريكي الى الفيفا تتعلق بتنظيم بطولة كاس العالم في روسيا .
ففي الرسالة : جون ماكين وعدد من أعضاء الكونغرس الأمريكي"يناشدون بقوة" الإتحاد الدولي لكرة القدم على نقل البطولة من روسيا.
يقول الخبر : أرسل عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي خطابا إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) حثوه فيه على النظر في نقل نهائيات كأس العالم 2018 من روسيا بسبب دورها في أزمة أوكرانيا.
وفي الخطاب : قال 13 عضوا ديمقراطيا وجمهوريا إنهم "يناشدون بقوة" الاتحاد الدولي على نقل البطولة من روسيا.
ومن ابرز الموقعين على الخطاب روبرت منينديز العضو الديمقراطي في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ ورون جونسون العضو الجمهوري ورئيس اللجنة الأوروبية وهي إحدى اللجان المنبثقة عن لجنة العلاقات الخارجية.
ووقع العضو الجمهوري جون ماكين رئيس لجنة القوات المسلحة على الخطاب كما فعل ريتشارد ديربن الرجل الثاني في ترتيب الديمقراطيين بمجلس الشيوخ.
وتم إرسال نسخة من الخطاب إلى الاتحاد الأمريكي لكرة القدم.
فما العلاقة هنا بين الازمة الاوكرانية والرياضة ؟
ربما لا يحتاج الامر الى تعليق من خارج مؤسسات الرياضة ايضا ، فالفيفا سبق وان اعلنت دعمها روسيا لاستضافة مونديال 2018 بلا قيد أو شرط ، كان ذلك بتاريخ 28-10-2014 .
فقد أعلن رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم السويسري جوزيف سيب بلاتر ان الفيفا “يدعم دون شرط.
أو قيد” السلطات الروسية لاستضافة نهائيات كأس العالم عام 2018 ويعارض احتمال مقاطعة المونديال بسبب الازمة الاوكرانية.
وقال بلاتر خلال حفل في موسكو للكشف عن الشعار الرسمي لمونديال 2018: “الاتحاد الدولي يدعم بدون شرط أو قيد اقامة كأس العالم في روسيا. نحن نثق في هذا البلد ونثق في مسؤوليه”.
واضاف “المقاطعة لن يكون لها أي تأثير إيجابي. كرة القدم يمكنها أن تساعد ليس فقط في توحيد روسيا، ولكن أيضا لتظهر للعالم بأسره أنها أقوى من أي حركة احتجاج”.
وتابع “عندما حصلنا على رسائل من أمريكا الشمالية (تطالب سحب استضافة المونديال من روسيا)، كنا نرد عليها بأن الأمر يتعلق بكرة القدم”.
كما اعرب بلاتر عن ارتياحه للتقدم الذي أحرزته روسيا في التحضير لنهائيات كأس العالم المقررة في 11 مدينة في انحاء البلاد.
وقال “يمكنني القول أنه بالمقارنة مع البرازيل (التي استضافت كأس العالم الاخيرة الصيف الماضي)، فإن روسيا متقدمة بشكل كبير في الاستعدادات”.
وذكر بلاتر ايضا بنجاح استضافة روسيا لدورة الالعاب الاولمبية الشتوية في سوتشي العام الماضي على الرغم من الانتقادات اللاذعة التي تعرضت لها قبل انطلاق الحدث الاولمبي.
وقال “تذكروا جيدا اننا كنا نواجه نفس الوضع قبل سوتشي. ولكن لا أثناء الألعاب، أو بعدها، لم نعد نسمع أي نقد لهذا الحدث”.
بدوره كان السكرتير العام للاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» جيروم فالكه قد دعا ، لعدم تسييس مونديال روسيا 2018، واصفا التهديدات بمقاطعة الحدث الرياضي بأنها «سخيفة».
ونقلت وسائل الإعلام عن فالكه تصريحات قال فيها: «أعتقد أن الجميع سيتفهم أن كأس العالم لا شأن لها بالسياسة، ولا يصح استخدامها كأداة سياسية.. إنها احتفالية للمشجعين».