ترامب الجشع… عينه على ثروات العرب

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 


افراسيانت - منذ أن وصل إلى السلطة بدا ترامب وكأنه شخص مكلف بمراقبة مداخيل الدول وإيراداتها المالية وثرواتها يريد نصيبه مما تملك ويرى أن لا حق للشعوب في الاستمتاع بثرواتها.


لم يحدث في تاريخ الولايات المتحدة أن وصل إلى البيت الأبيض رئيس يبدي كل أشكال الجشع والحسد والغيرة دون تحفظ، كالرئيس دونالد ترامب، الذي لا يكف عن الحديث عن ثروة هذا البلد أو ذاك، وكيف أن تلك الدولة لديها أموال كثيرة، والأخرى عليها أن تدفع مما تحتكم عليه من مقدرات. يكاد ترامب أن يكون مراقب ضرائب أو ضابط أداءات. كل تحركاته ومفرداته ونظراته تكشف اندفاعه غير العادي إلى تذكير الدول العربية الثرية بأن عليها أن تدفع له مما رزقها الله، وكأنه مانع السماء من السقوط عليها.


لا يكف ترامب عن تذكير العالم بأن هناك دولًا عربية ثرية في منطقة الشرق الأوسط، فكلما تحدث عن المال والاقتصاد، أو عن السياسة، أو عن الدين والثقافة، أو عن المعارك والحروب، أو العلوم والتكنولوجيا، أو أي موضوع آخر، إلا وتراه يتجاوز الموضوع الأساسي بالإشارة إلى تلك الدول الثرية حتى يكاد يشعرك بأنه يحسدها على ما هي عليه من رخاء، أو يستكثر عليها ما حباها به الله من مقدرات.


عندما يتحدث ترامب عن المال، يتحدث بصفته رجل الأعمال الذي كثيرًا ما يفاخر بأنه متخصص في عقد الصفقات. ينطلق من خصوصياته الثقافية التي تربى عليها أو ربما اكتسبها من مسيرة حياته التي قضاها راكضًا وراء المليارات. في كانون الثاني – يناير 2016 اعترف خلال لقاء خاص مع المحاربين القدامى في دي موين بولاية أيوا، بحالة الجشع التي ترافقه منذ طفولته، قال: “طوال حياتي كنت جشعًا، جشعًا للمال – ولكن الآن أريد أن أكون جشعًا للولايات المتحدة”، وأضاف: “سأجمع كل تلك الأموال، كل تلك الأموال – من أجل الولايات المتحدة”.


في الرابع من فبراير 2025 طرح ترامب مقترحًا يقضي بنقل سكان غزة إلى مصر والأردن تحت غطاء "الدوافع الإنسانية" محولًا القطاع إلى "ريفييرا الشرق الأوسط" بإشراف توني بلير.


منذ أن وصل إلى السلطة، بدا ترامب وكأنه شخص مكلف بمراقبة مداخيل الدول وإيراداتها المالية وثرواتها التي حباها بها الله، وهو عندما يتحدث عن تلك الدول يبدو وكأن لعاب الجشع يسيل بالفعل من فمه، ويريد أن يوصل إليها رسالة واضحة مفادها أنه يريد أن يحصل على نصيبه مما تملك. هو يرى أن لا حق للدول والشعوب في أن تستمتع بثرواتها ما لم تدفع له الجزية بزعم أنه المسؤول عن حمايتها ويستحق مقابلًا مجزيًا عن ذلك.


في أواخر أيار – مايو الماضي، أثار رئيس جنوب إفريقيا، سيريل رامافوزا، جدلًا واسعًا عندما خاطب الرئيس الأميركي من داخل البيت الأبيض، قائلًا: “أنا آسف، ليس لديّ طائرة لأعطيك إياها”. فردّ ترامب: “لو عرضت جنوب إفريقيا طائرة، لقبلتها”.


كان رامافوزا يشير إلى ترحيب ترامب بالهدية التي حظي بها من القيادة القطرية والمتمثلة في طائرة بوينغ 747-8 تبلغ قيمتها 400 مليون دولار. اعتبر ترامب أن تقديم دولة قطر طائرة للولايات المتحدة لفتة عظيمة لا يمكن رفضها، وأوضح أنه لا ينوي استخدام هذه الطائرة بعد مغادرته منصبه، مشيرًا إلى أن قبولها يعد حلًا عمليًا للولايات المتحدة على ضوء تأخير شركة “بوينغ” في تسليم طائرة رئاسية جديدة، حسب قوله.


كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، قالت إن الطائرة القطرية الفاخرة المثيرة للجدل هي “مشروع القوات الجوية” وإن ترامب “لا علاقة له بها”، وأضافت: “لنكن واضحين تمامًا، حكومة قطر، والعائلة القطرية، عرضت التبرع بهذه الطائرة للقوات الجوية الأميركية، وسيتم قبول هذا التبرع وفقًا لجميع الالتزامات القانونية والأخلاقية. سيتم تحديثها وفقًا لأعلى المعايير من قِبل وزارة الدفاع والقوات الجوية الأميركية – هذه الطائرة ليست تبرعًا شخصيًا أو هدية لرئيس الولايات المتحدة، وعلى كل من كتب ذلك تصحيح أخباره، لأن هذا تبرع لبلدنا وللقوات الجوية الأميركية”.


الحقيقة أن لا أحد كان يعتقد للحظة واحدة أن الولايات المتحدة، أقوى دولة على وجه الأرض والتي تعتبر نفسها شرطي العالم، يمكن أن تفتح الباب لقبول التبرعات لقواتها الجوية التي تمتلك أحدث الأسلحة ولديها قوة طيران استثنائية قادرة على أن تضرب متى وحيث شاءت من دون رقيب أو حسيب. ترامب فعلها وجعل بلاده تمد يدها للمساعدات.


لم يتوقف ترامب عند طموحاته على الأرض وإنما اتجه بها إلى السماء. في أغسطس الماضي، اعتبر أنه إذا تمكن من تحقيق السلام في أوكرانيا فإنّ هذا الإنجاز قد يساعده على دخول الجنة.


أحيانًا، يبدو ترامب وكأنه يسعى إلى ابتزاز الدول الثرية بأسلوب مبتذل، سواء لفائدة مشاريعه الشخصية ومشاريع فريقه والمقربين منه، أو لمصلحة بلاده، ولكنه في كل الأحوال يصادف أمامه قادة وزعماء ومسؤولين على مستوى عالٍ من الأخلاق والاحترام والهدوء وسعة البال. فهم تربوا في خير أوطانهم ورخاء مجتمعاتهم وترعرعوا على قيم ثقافية واجتماعية وإنسانية تجعلهم يقابلون إشارات الجشع الترامبي بالصمت أو الابتسام أو عدم الاكتراث.


في الرابع من شباط – فبراير 2025، وفي لقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، طرح ترامب مقترحًا يقضي بنقل سكان قطاع غزة إلى مصر والأردن، تحت غطاء ما وصفه بـ”الدوافع الإنسانية”. قال إن خطته تهدف إلى “إنقاذ الفلسطينيين من جحيم غزة” ونقلهم إلى حياة أكثر رفاهية واستقرارًا، في ظل الدمار الواسع الناتج عن الهجمات الإسرائيلية. وتضمنت رؤيته تحويل القطاع إلى “وجهة سياحية عالمية” أطلق عليها اسم “ريفييرا الشرق الأوسط”. قبل أيام أنكر أن يكون على علم بالموضوع. لكنه دفع بصديقه الذي لا يقل عنه جشعًا توني بلير إلى الإشراف على إدارة غزة، وخاصة على عملية إعادة الإعمار والتنمية وجلب أموال طائلة للاستثمار في القطاع باستعمال الضغط والابتزاز للدول ذات الفوائض المالية.


لم يتوقف الأمر عند ذلك، وإنما وصل بترامب إلى أن يطالب علنًا بتمكينه من جائزة نوبل للسلام، وقد فشل في تحقيق أمله على الأقل في العام الحالي، ربما لأن الكثيرين لم يصدقوا بعد أنه يدافع عن السلام وهو الذي كان يبرر قتل آلاف المدنيين في غزة، ويعتبر بنيامين نتنياهو صديقه المقرب، وتراجع عن خطته لوقف الحرب في أوكرانيا، ولم يقم بأي جهد لحقن الدماء في السودان. هو فقط يتحرك في اتجاهات مصلحته ومصلحة فريقه وبلاده.


لم يتوقف ترامب عند طموحاته على الأرض وإنما اتجه بها إلى السماء. في أغسطس الماضي، اعتبر أنه إذا تمكن من تحقيق السلام في أوكرانيا فإنّ هذا الإنجاز قد يساعده على دخول الجنة، مستطردًا أن “فرصه ضعيفة حاليًا في نيل ذلك”. الأحد الماضي، قال للصحفيين خلال حديثه عن إيقاف الحرب على غزة: “لا أعتقد أن هناك أي شيء سيدخلني الجنة، لا أعتقد أنني سأدخل الجنة”. هو يريد الدنيا والآخرة، الأرض والسماء، المال والسلطة، صداقة نتنياهو و”نوبل للسلام”. ولا يرى مانعًا من أن يطالب الآخرين بجزء من ثرواتهم. إنه ترامب الجشع، الذي يبدو أنه لا يعرف الشبع.

 

©2025 Afrasia Net - All Rights Reserved Developed by : SoftPages Technology