دولة فلسطين: الخطة المستحيلة أم الحل الوحيد؟

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 


افراسيانت - القدس العربي - حظي «إعلان نيويورك» الصادر عن المؤتمر الدولي رفيع المستوى للتسوية السلمية للقضية الفلسطينية وحل الدولتين بتأييد واسع من الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية 142 دولة، واعتبر البيان المشترك لرئاسة المؤتمر، السعودية والفرنسية، هذا التأييد الاستثنائي تأكيدا للالتزام الدولي الثابت بحل الدولتين، وأنه «يرسم مسارا لا رجعة فيه لبناء مستقبل أفضل للفلسطينيين والإسرائيليين ولشعوب المنطقة كافة».


ترافق الإعلان مع تحرّكات دولية داعمة لهذا الحل، كما يمثّله المؤتمر وتصويت الجمعية العامة على بيانه، وكذلك موجة الاعترافات الدولية الأخيرة بدولة فلسطين، ويشكّل ما أعلنته إسبانيا، من حظر شامل لتصدير السلاح لإسرائيل، مثالا واضحا عليه.


تتزامن التحرّكات الرسمية العربية والعالمية مع جهود كبيرة لحراكات شعبية ونضالات منظمات مدنية، مثل جهود المشاركين في أسطول الحرية، الذي بلغ أكثر من 50 سفينة متوجهة إلى غزة، وكذلك جهود عدد كبير من المنظمات الحقوقية، على شاكلة ما تفعله «مؤسسة هند رجب» التي تلاحق ضباط وجنود إسرائيل المتهمين بارتكاب جرائم حرب، وكذلك ما تقوم به مؤسسات شهيرة أخرى، مثل «أمنستي انترناشيونال»، و«المرصد اليورو متوسطي»، و«هيومن رايتس ووتش»، وعشرات غيرها.


ما كان لهذه التطوّرات كلّها أن تحصل لولا حصول تغيّرات كبيرة في الرأي العام العالمي تتعاطف مع الفلسطينيين، وتستنكر الإبادة الإسرائيلية الجارية بحقهم، على الرغم من أشكال القمع الشديد الذي تعرّضت له بعض المنظمات المناهضة للإبادة، كما حصل مع «بالستاين أكشن» التي أعلنتها بريطانيا منظمة إرهابية، وما جرى في الجامعات الأمريكية، والعديد من الدول الأوروبية، ضد الطلاب والجمهور العام.


مقابل الابتهاج الذي عبّر عنه الفلسطينيون بالاعترافات الدولية التي جرت مؤخرا، فإن أصواتا لافتة رأت في الاعتراف «رمزية فارغة»، كما قال مصطفى البرغوثي، رئيس المبادرة الوطنية الفلسطينية، كونه لا يغيّر في واقع «الدولة الواحدة والفصل العنصري» الذي تفرضه إسرائيل على الفلسطينيين، ولا واقع الإبادة الجارية والتطهير العرقي الجاريين في غزة.


تكرّرت هذه الفكرة بأشكال عديدة، فأكد رئيس وزراء اسكتلندا، جون سويني، على ضرورة وقف الإبادة بغزة، وشدد ستيفن فلين، زعيم الحزب الوطني الاسكتلندي، على ضرورة وقف مبيعات الأسلحة لإسرائيل، وقالت صحيفة «اندبندنت» البريطانية إن الاعتراف لن يغيّر الواقع.


جاء التصريح الأكثر صراحة حول هذه المسألة من رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز، الذي قال خلال المؤتمر المذكور آنفا، إن «حل الدولتين مستحيل عندما تكون إحداهما ضحية إبادة جماعية»، معتبرا أن المؤتمر «هو تمرد أخلاقي» و«التزام جماعي بوقف الوحشية وتمهيد الطريق للسلام».


قدّم أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، مقاربة مشابهة لسانشيز في خطاب افتتاحه قمة الجمعية العامة ، فاعتبر أن «الأهوال» في غزة «ناجمة عن قرارات تتحدى أبسط قواعد البشرية»، وقدّم غوتيريش مسارا ممكنا للفعل بوعده بتفعيل التدابير المؤقتة الملزمة قانونيا التي أصدرتها محكمة العدل الدولية في قضية تطبيق اتفاقية منع جرائم الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في قطاع غزة.


انتهت في 18 من الشهر الجاري، المهلة التي أعطتها محكمة العدل الدولية لإسرائيل، ولكن الدولة العبرية، بدلا من إنهاء احتلالها، وتفكيك مستوطناتها غير القانونية، وإخلاء مستوطنيها، أعلنت نيتها توسيع النشاط الاستيطاني وربما ضم الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، كما نشرت علنا خططا لإعادة الاستيطان في غزة، ولتحقيق ذلك سرعت من عملية إفناء سكان القطاع عبر حملة إبادة جماعية وتجويع واسع النطاق.


تفرض الكارثة الكبرى التي صنعتها إسرائيل، والأجواء الدولية المتصاعدة التي نشهدها، أن يقوم مجلس الأمن، أو الجمعية العامة، بتحديد الالتزامات الملزمة لإسرائيل كقوة احتلال، وأن تتركز الجهود الدولية نحو قرار يكرّس سلطة الجمعية العامة باتخاذ إجراءات جماعية المستعدة والقادرة على التحرك. هذه هي الخطوات المطلوبة دوليا، وهي الإجراء القانونيّ اللازم لوقف الإبادة وهو الفيصل بين القوة الغاشمة والحق.


وكما قال غوتيريش: «يجب تنفيذ التدابير التي نصت عليها محكمة العدل الدولية ـ بشكل كامل وفوري»، وهذا أمر مطلوب منه قيادته شخصيا.

 

©2025 Afrasia Net - All Rights Reserved Developed by : SoftPages Technology