"الحاج" روبيو في القدس المحتلة: أين صلّى وماذا بارك؟

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 


افراسيانت - جرياً على الطقوس السائرة أمام حائط البراق، حرص وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو على وضع قصاصة ورق في أحد شقوق الجدار، جاء فيها: «عسى أن يعم السلام على هذه الأرض المقدسة وفي العالم». ثم شارك، مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو والسفير الأمريكي لدى دولة الاحتلال، في تلاوة بعض المزامير والصلوات على راحة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرهائن الإسرائيليين، حسب ما ذكر بيان رسمي لمؤسسة الجدار الغربي.


هذه بالتالي جولة «حاج» إلى الحائط وأماكن العبادة اليهودية، أكثر مما هي زيارة لرأس الدبلوماسية الأمريكية، بدليل أن روبيو اصطحب زوجته لتشاطره طقوس «الحج» هذه، كما اصطحبه نتنياهو لافتتاح نفق أركيولوجي لا يضيف إلى احتلال مدينة القدس بُعد الانتهاك الديني والرمزي الصارخ فقط، بل يهدد سلامة بنيان المسجد الأقصى ويلحق الضرر بعمارة الأماكن الإسلامية المقدسة.


فلأي سلام صلى روبيو إذا كان قد وقف أمام حائط المبكى ودولة الاحتلال تنخرط في ثلاث جرائم حرب فاضحة تنتهك كل وأي معنى للسلام والشرعة الإنسانية والقانون الدولي، وتكاد واشنطن تنفرد عن العالم بأسره في مباركتها وتغطيتها وتزويدها بالسلاح والمال والتغطية الدبلوماسية؟ كما تمعن، أكثر فأكثر، في مواصلة الاعتداء على لبنان وسوريا واليمن، والتهديد بجرائم أوسع وأبعد.


في قطاع غزة يواصل الجيش الإسرائيلي احتلال المزيد من أحياء مدينة غزة، وتدمير الأبراج السكنية والمباني، وإجبار النساء والأطفال والشيوخ على اقتلاع قسري نحو المجهول، عدا عن تشديد الحصار الخانق أصلاً وقصف المشافي ومخيمات اللجوء وإيقاع مئات الشهداء. وفي الضفة الغربية تتزايد مظاهر الضمّ الفعلي وتعزيز الاستيطان والانتقال بالمستوطنات إلى قلب المنطقة E1، على نحو يكسر التواصل الجغرافي بين الأراضي الفلسطينية.


وكل هذا على مبعدة أيام من جريمة حرب الاستهداف الإسرائيلي لقيادات «حماس» في قلب العاصمة القطرية الدوحة، حتى وهي مجتمعة لدراسة مقترحات الرئيس الأمريكي نفسه حول صفقة وقف إطلاق نار وتبادل رهائن وأسرى، وقبيل ساعات من احتضان قطر قمة عربية وإسلامية استثنائية هي تتويج لموجة إدانات دولية شاملة لإرهاب الدولة الإسرائيلي.


ولم يكن عجيباً، وإنما كان منتظراً في سياقات كهذه، أن يمتنع «الحاج» روبيو عن أي تصريح يتناول حرج البيت الأبيض إزاء العربدة الإسرائيلية، وأن تُمنع وسائل الإعلام عن طرح الأسئلة، ويُعهد إلى التسريبات المعتادة بتأكيد الموقف الركيك المتمثل في أن الرئيس ترامب «غير سعيد» بالعدوان الإسرائيلي على الدوحة. وأما نتنياهو فإنه لم يفوت فرصة الوقوف أمام حائط المبكى، فصرّح بأن العلاقات الأمريكية ـ الإسرائيلية صلبة بصلابة الأحجار في هذا الجدار.


كذلك كان متوقعاً أن يقتدي هذا «الحاج» الزائف ببعض مستضيفيه من مجرمي الحرب، فيعمد خلال مؤتمره الصحافي مع نتنياهو إلى وصف رجال المقاومة الفلسطينية بـ«حيوانات بربرية»، مكرراً عبارة وزير الحرب الإسرائيلي السابق يوآف غالانت الذي اعتبر أن دولة الاحتلال تقاتل «حيوانات بشرية».


وليس هذا كله في أي موقع آخر على وجه الأرض، سوى الأراضي المقدسة ذاتها.

 

©2025 Afrasia Net - All Rights Reserved Developed by : SoftPages Technology