افراسيانت - أثار إعلان مولود تشاووش أوغلو وزير الخارجية التركي تخطيط بلاده للبدء في أعمال تنقيب عن البترول والغاز شرق البحر_المتوسط قريبا، وتأكيدات في تصريحات لصحيفة يونانية أن التنقيب عن الثروات وإجراء دراسات عليها يعد حقاً سيادياً لتركيا جدلا كبيرا وتوترا جديدا مع مصر.
وزير الخارجية التركي زعم أن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص التي بدأت بمقتضاها مصر في الكشف عن الغاز شرق المتوسط لا تحمل أي صفة قانونية، وردت مصر على تلك المزاعم، حيث قال أحمد أبو زيد، المتحدث باسم الخارجية المصرية، إن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص لا يمكن لأي طرف أن ينازع في قانونيتها، حيث تتسق وقواعد القانون الدولي، وتم إيداعها كاتفاقية دولية في الأمم المتحدة.
وحذر أبو زيد من أي محاولة للمساس أو الانتقاص من حقوق مصر السيادية في تلك المنطقة، مؤكدا أنها مرفوضة، وسيتم التصدي لها.
السؤال الآن: ما هي منطقة شرق المتوسط التي أصبحت محل النزاع بين مصر وتركيا؟ وما هي اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر وقبرص التي لا تعترف بها تركيا؟ ثم كيف تستطيع مصر منع تركيا من التنقيب عن الغاز والثروات الطبيعية في شرق المتوسط؟
بداية المنطقة الاقتصادية الخالصة لمصر تقع شرق المتوسط وتقدر بمساحة 200 ميل بحري من نقاط نهاية حدودها البحرية مع إسرائيل وقبرص، وتمارس عليها مصر حقوقاً خاصة في الاستغلال واستخدام مواردها.
في فبراير 2003 تم ترسيم المنطقة الاقتصادية الخالصة لكل من مصر وقبرص، وتضمنت 8 نقاط إحداثية تحدد المساحة البحرية الخالصة لكلا البلدين، ووقع البلدان على اتفاقية لترسيم الحدود البحرية بينهما في ديسمبر 2013، وصدق عليها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والقبرصي نیكوس أنستاسیادس في سبتمبر 2014.
رمضان أبوالعلا، خبير البترول المصري والأستاذ بكلية هندسة البترول وأحد العلماء الذين قدموا دراسات للحكومة المصرية بشأن حقوق مصر في المياه الإقليمية بالبحر المتوسط كشف أن تركيا لن تستطيع المساس بسيادة مصر في شرق المتوسط، ولن تستطيع التنقيب عن الغاز في المنطقة الاقتصادية الخالصة لمصر لعدة أسباب:
أولا: إن اتفاقية الحدود بين مصر وقبرص اتفاقية دولية أودعت في الأمم المتحدة وتم توقيعها بين دولة قبرص التي تحظى باعتراف دولي وتسيطر على ثلثي الجزيرة عدا الجزء الشمالي الذي تحتله تركيا منذ عام 1974 وأعلنت إنشاء جمهورية شمال قبرص التركية، ولم تعترف أي دولة في العالم بها سوى الدولة التركية، وبالتالي فالاتفاقية سارية وملزمة قانونا ولا يحق لتركيا ووزير خارجيتها أن يقول إنها غير ملزمة له أو أن ينازع في قانونيتها.
ثانيا: هناك اتفاقيات مماثلة وقعت بين دول المتوسط، ولا تستطيع تركيا أن تنازع فيها أيضا، مثل اتفاقية ترسيم الحدود بين قبرص وإسرائيل عام 2010، واتفاقية ترسيم الحدود بين قبرص ولبنان عام 2007، وكل هذه الاتفاقيات ومنها اتفاقية مصر وقبرص تتسق مع اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1982، ودخلت حيز التنفيذ في 16 نوفمبر 1994 بعد أن صادقت عليها 60 دولة، بينها مصر، فيما لم توقع عليها كل من تركيا وإسرائيل وأميركا، مضيفا أن الاتفاقية تنص على إقامة نظام قانوني يضمن سيادة الدول على مياهها الإقليمية، وصون مواردها والحفاظ عليها، كما وضعت الاتفاقية الأطر العامة لاستغلال الموارد البحرية وأسست لمحكمة دولية لقانون البحار تختص بحل النزاعات.
ثالثا: كما يقول الخبير المصري إن تركيا لم تقدم أي خطوط أساس لسواحلها التي تطل على مناطق الاكتشافات، وحتى لو كانت تسيطر على الجزء الشمالي من قبرص فهي لم تقدم أيضا أي أساس لسواحلها المطلة على مناطق الاكتشافات، فضلا عن أنه غير معترف دوليا باحتلالها لشمال قبرص.
رابعا: إن تركيا طبقا للحدود الجغرافية والخرائط الجيولوجية والقوانين الدولية ليس لها الحق في المساس بسيادة مصر المستقرة على المناطق الاقتصادية، تم توثيقها وتحديدها سلفا باتفاقية دولية، أودعت في الأمم المتحدة طبقا للقانون الدولي، وإذا تجرأت وفعلت ذلك فمصر قادرة على الرد عسكريا وقانونيا وسياسيا.
وجهة نظر أخرى
الخبير الاستراتيجي عمرو عمار يشير لوجهة نظر أخرى في النزاع ويقول إن إعلان تركيا رفض اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص يأتي من منطلق احتلالها لشمال قبرص، مضيفا أن إعلانها بدء التنقيب في شرق المتوسط لا يعني التحرش بمصر أو السيطرة على ثرواتها بل يعني أنها ستنقب ناحية شواطئ قبرص التي تحتل شمالها وليس في المنطقة الاقتصادية لمصر.
وقال : إنه حتى لو رغبت تركيا في التنقيب عن الغاز والبترول في المنطقة الشمالية لجزيرة قبرص التي تحتلها فلن يعترف بذلك دوليا، إلا بعد أن تقوم بترسيم الحدود مع سوريا ولبنان وقبرص وهو ما لم يحدث، وربما لن يحدث لتوترات سياسية بينهم، وبالتالي فلا يعترف به دوليا إلا بعد ترسيم الحدود البحرية.
وقال إن المسافة بين المنطقة الاقتصادية الخالصة لمصر بعيدة جدا عن أي مناطق نزاع بين تركيا وقبرص، مشيرا إلى أن الاعتراض التركي على الاتفاقية يخص الجانب القبرصي لخلافات سياسية بين البلدين ولا يخص الجانب المصري.