افراسيانت - نواف الزرو - في احدث تطورات المشهد الفلسطيني الممتد من اقصى شمال الضفة الى اقصى جنوبها نتابع :
في اعقاب ذلك القرار- الاعتراف الترامبي ب”القدس عاصمة اسرائيل الابدية”، مادت الارض تحت اقدامهم، طربا واحتفالات وتماديات وغطرسة صهيونية لم يسبق لها مثيل في تاريخ الكيان، ففضلا عن التصريحات التي اطلقت تباعا وتتحدث عن “ارض اسرائيل التاريخية” ، و”ارض الاجداد والآباء”، و”ان القدس لن تطرح على طاولة المفاوضات”، و”ان الاستيطان مستمر”، وغير ذلك، غير ان اهم وابرز تطور هو القرار الذي اتخذه مركز الليكود الاحد الماضي وبإجماع الاعضاء الحاضرين(1500 عضو) وطالب فيه بضم الضفة الغربية للسيادة الاسرائيلية، وكان لسان حالهم يتشق”فليفعل الفلسطينيون والعرب والامم المتحدة ما يشاءون”، واعتبروا ان هذا القرار تاريخي، وجاء في نص مشروع القرار: “في الذكرى الخمسين لتحرير يهودا والسامرة، بما فيها القدس، عاصمتنا الأبدية، تدعو اللجنة المركزية لليكود قيادات الليكود المنتخبة للعمل من أجل السماح بالبناء الحر، وتطبيق قوانين إسرائيل وسيادتها على مجمل المجال الاستيطاني المحرر في يهودا والسامرة-اي الضفة الغربية-“. وقال رئيس الكنيست يولي إدلشتاين خلال المؤتمر: “لقد حان الوقت لفرض السيادة، والآن كل شيء يعتمد علينا والخطوة الأولى لإعلان ترامب سيتم ضم مستوطنة معاليه ادوميم الى القدس″، وقال ادلشتاين “ان اعلان الرئيس ترامب فتح عهدا جديدا لدولة اسرائيل في القدس والضفة الغربية”.
والعنوان الكبير الذي نضع تحته خطوطا في هذا السياق، ان هذا القرار عدوان وارهاب وسطو مسلح في وضح النهار على الارض والوطن والتاريخ والقضية، وعلى مرأى من العالم كله.
ومن القرار والنظري الى الارض والميدان، فهناك بالتوازي قطعان المستوطنين اليهود الذين يشنون-تحت حماية الجيش- حربا مسعورة على كل شيء عربي ، ففي القدس يصولون ويجولون ويعربدون ويستولون على المنازل في الشيخ جراح وفي سلوان، وفي شعفاط وفي كل الاماكن المقدسية، فيتصدى لهم الشبان والفتية في معارك يومية والحرب تدور من حي لحي ومن منزل لمنزل..ناهيكم عن الاعتداءات اليومية على الاقصى والصخرة، حيث سجل على سبيل المثال: أنّ أكثر من (25) ألف مستوطن اقتحموا المسجد الأقصى بنسبة ارتفاع بقدر 75% عن عام 2016. وكانتّ مدة الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى (1023) ساعة، فيما تم فتح المسجد أمام المستوطنين (232) مرة.
وفي منطقة بيت لحم تواصل قطعانهم مدعمة بقوات الجيش عربدتها كذلك ضد الارض والانسان…
وفي خليل الرحمن فحدث بلا حرج: فالغرب الجامح-الكاوبوي الارهابي- هناك في قلب الخليل، من قتل وارهاب ومصادرة وقمع وتنكيل واعتقالات ضد الفتية.. وفي الخليل ناهيكم عن المواجهات اليومية سجل ايضا: ان سلطات الاحتلال الإسرائيلية، منعت رفع الأذان من المسجد الإبراهيمي، في مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة 645 مرة، وذلك خلال العام 2017 المنصرم.
فهذا الذي نتابعه على امتداد مساحة فلسطين بعامة، وفي القدس والضفة الغربية المحتلة على نحو حصري، من حملات تخريبية وهجمات تدميرية، ومن حملات حرق وقطع وابادة لشجرة الزيتون الفلسطينية..
وهذا الذي نتابعه من حملات اعتقالات ومحاكمات جماعية لاطفال فلسطين والقدس وسلوان على وجه الحصر…!
وهذا الهجوم الاستراتيجي الذي تشنه حكومة نتنياهو على الفلسطينيين والعرب لابتزاز اعترافهم ب”يهودية اسرائيل”..!
هذا الذي نتابعه ونشاهده من كم هائل من الاحداث والتطورات المتلاحقة المتراصفة انما يأتي في اطار مخطط استراتيجي صهيوني يستهدف الاجهاز على القضية والحقوق والامل في المستقبل لدى اصحاب القضية والحقوق…!
ونستحضر هنا ما كنا وثقناه في مقالات سابقة ب:
ان ما يجري على ارض القدس والضفة الغربية هو سطو صهيوني مسلح في وضح النهار على الارض والقضية والتاريخ والتراث…!
وما يجري هو انتهاك صارخ متواصل لكافة المواثيق و القرارات الدولية…!
وما يجري هو استخفاف بالعرب واحتقار سافر لهم ولمبادرتهم العربية…!
وما يجري تغطيه دولة الاحتلال بالقوة الغاشمة..!.
ويمكن ان نقول ان تلك الدولة ترتقي الى مستوى اكبر مافيا لسرقة الاوطان والاراضي والممتلكات على وجه الكرة الارضية…!.
وكل ذلك يجري في وضح النهار على مرأى من المجتمع الدولي…!
عالميا- بينما يجمع العالم كله تقريبا اليوم من اوروبا الى الامم المتحدة، ناهيكم عن الاجماع العربي والاسلامي على رفض الاستيطان الصهيوني، الا ان “اسرائيل” تستحضر دائما وتعمل وفقا لتلك المعادلة في العلاقات الدولية التي كان وضعها بن غوريون كما يلي:” ليس المهم ما يقوله الغوييم-اي الآغيار- وانما المهم ما يفعله اليهود”….!
ولكن ما يفعله الصهاينة في هذه الايام انهم يشنون حروبا مفتوحة على الوطن والشعب العربي الفلسطيني، ويشنون حربا من نوع خاص بهم على الارض الفلسطينية تستهدف الاستيلاء الكامل عليها من بحرها الى نهرها على انقاض شعبها وحقوقه التاريخية فيها..!.
وليس ذلك فحسب، فهم يغطون عمليا السلب والنهب والسطو المسلح والجرائم بالايديولوجيا والاساطير الدينية، فالحاخام ياكوف سافير يعبر عن ذلك قائلا:”ان الانتقادات الدولية للاستيطان الاسرائيلي في الضفة الغربية “سخيفة لان الله هو الذي وعد اليهود بهذه الأرض وعلى العرب ان يرحلوا الى مكان آخر، ويضيف:”ان هذه الأرض هي ارض يهودية-انها ديارنا”؟.
وفي السياق وجّه ما يسمى بـ”حاخامات أرض إسرائيل” رسالة تحمل في طياتها تهديداً صريحاً وواضحاً لرئيس الحكومة نتنياهو(الذي لا يحتاج قطعا الى تهديد) ينصحونه بألا يقوم بخطوات متسرعة من قبيل ترك -ما أسموه- بأرض إسرائيل لأعدائها لأنها ستجلب كارثة على الإسرائيليين وعلى نتنياهو بشكل شخصي حسب تعبيرهم”.
عمليا على امتداد مساحة الارض في الضفة الغربية لم يتوقف بلدوزر التجريف والاستيطان عن العمل في جسم الضفة، اذ تكشف لنا احدث عناوين مشهد الاستيطان ونهب الاراضي العربية النقاب عن معطيات مذهلة حول مناطق نفوذ المستوطنات وامتداداتها وتداعياتها على مستقبل الوحدة الجيوديموغرافية الفلسطينية وعلى مستقبل الدولة الفلسطينية التي ما تزال تراوح في دائرة الحلم التاريخي…!
فعلاوة على قرار مصادرة (139كم2) تقع ما بين القدس والبحر الميت، يشير تقرير للامم المتحدة مثلا الى”ان 38,3% من اراضي الضفة واقعة تحت سيطرة المستوطنات الاسرائيلية”.
ولكن لترتفع هذه النسبة الى” 40% من الضفة الغربية تقع تحت سيطرة الامبراطورية الاستيطانية-كما وثق في المصادر الاعلامية الفلسطينية”.
وعلى نحو مكمل تفيد المصادر الفلسطينية بان ” المخطط الإسرائيلي التهم حتى الآن حوالي 40- 50% من الضفة والذي ما زال ساري المفعول”، مشيرة إلى “أن الحركة الاستيطانية الإسرائيلية أعلنت عن خرائطها وتصوراتها للحل مع الفلسطينيين، والذي يتضمن حصرهم في معازل على مساحة 35% من الضفة في حين إسرائيل تقوم بالتهام بقية الأراضي”؟..
إذن ، هي حروب شاملة، حروب على الارض والشعب الفلسطيني تتقدمها حروب الاستيطان والضم والتهويد، وهي سطو مسلح حقيقي يتسابق مع عملية المفاوضات والسلام العقيمة المماطلة، وتهدف إلى تطويب الضفة الغربية جزءا من”ارض اسرائيل الى الابد”…!
وكل ذلك جري تحت مظلة المفاوضات والسلام الخادع والعجز العربي …!.
فجر اهلنا في القدس وانحاء فلسطين انتفاضة القدس والاقصى ضد قرار ترامب وضد مشاريع الاحتلال التهويدية…والانتفاضة مفتوحة….!
فماذا يقدم العرب في ضوء كل ذلك…؟!
سؤال كبير عاجل ملح على الاجندات العربية..!
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.