افراسيانت - د.هاني العقاد - في مستوطنة "حلميش" القريبة من رام الله كان المستوطنين الإسرائيليين يدفعوا ثمن غطرسة حكومتهم وغباء نتنياهو الذي اراد ان يفجر المنطقة بإجراءات احتلالية لا يجني من واراءها سوي مزيدا من النار والمواجهة مع الفلسطينيين , هذا هو نتنياهو اليميني المتطرف يؤجج المنطقة بإجراءات إسرائيلية خطيرة تعني فرض السيادة الاسرائيلية الكاملة على المسجد الأقصى والرد على كل قرارات منظمة اليونسكو التي اقرت بأحقية الفلسطينيين في المسجد الأقصى وانكرت أي حق ديني لليهود واقرت ان المسجد الأقصى وهو خالص للمسلمين اينما كانوا , استغل نتنياهو حادثة اطلاق النار التي كان من المتوقع ان تحدث في أي زمن و اوعز للجهاز الأمني بإجراءات سيادية فقامت بتنصيب بوابات الكترونية وكاميرات مراقبة في كل ارجاء وزوايا وباحات المسجد الأقصى ,ما رواء ذلك خطير وهو تقسيم الأقصى مكانيا وزمانيا ولعل الصلاحيات التي اعطيت للشرطة والجيش الاسرائيلي لإدخال من يريدوا الى الصلاة في داخل الأقصى ومنع ما يريدون من المسلمين في اشارة الى تحديد عدد المصلين في المسجد الأقصى الى اقل من 5000 مصل فلسطيني وفي المقابل السماح لأي عدد من المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين باقتحام المسجد الأقصى واداء صلوات تلموديه وتدنيس كل مكان في المسجد الأقصى والمصلي المرواني و قبة الصخرة المشرفة وما وراء ذلك.
اسرائيل تعرف تماما ان الفلسطينيين لن يقبلوا بإجراءاتهم العنصرية الغير مسبوقة ولن يقبلوا باستمرار اغلاق المسجد الأقصى ,ولن يقبلوا باستمرار السماح للمستوطنين اليهود باقتحام باحاته, لكنهم في ذات الوقت لم يتوقعوا ان تكون المواجهة مع الجماهير الفلسطينية بهذا العنفوان وهذا الحجم الكبير وهذا الغضب الشعبي والرسمي , فبعد ان انتهت احداث يوم جمعة الغضب بدأ الإسرائيليين على كافة المستويات السياسية والامنية والجيش بالتفكير فيما سيأتي وما هو عنوان المواجهة وحجمها وتداعياتها في الجمعة القادمة مع الفلسطينيين , الجيش والشرطة ينفذوا مزيدا من القمع للمصلين الذين يؤدوا الصلوات خارج المسجد الأقصى وعلى ابوابه وخاصة المجلس والسلسلة وحطة , بالرغم من تحويل المدينة المقدسة الى ثكنة عسكرية الا ان اسرائيل فقدت السيطرة على القدس وعلى المسجد وباتت القدس في ايدي الجماهير الفلسطينية لدرجة ان اسرائيل حاولت محاصرة مستشفى المقاصد لاختطاف جثامين الشهداء الذين ارتقوا في الواجهات الا ان الشبان الفلسطينيين استطاعوا ان يهربوا جثامينهم ويدفنوهم في ميدان المواجهة أي ارض المعركة.
لم يتوقع نتنياهو ان تصل الامور الى ما وصلت الية سياسيا مع السلطة الفلسطينية التي اعلن رئيسها ابو مازن بعد اجتماع هام مع القيادة الفلسطينية قطع كافة الاتصالات مع اسرائيل كدولة احتلال أي ان العملية السياسية مجمدة وان التنسيق الامني متوقف وان الجماهير ستنزل بكل ثقلها الى نقاط التماس والقدس وتكون على اشتباك مستمر مع الاحتلال وقواته المجرمة, ثمن الاجراءات التي فرضتها اسرائيل في المسجد الأقصى كبير وباهض على مستوي حالة الهدوء التي فقدتها اسرائيل وعلى المستوي السياسي وحلفائها في العالم الامم المتحدة والمانيا وفرنسا و النرويج حتى واشنطن اليوم وللمرة الثالثة ابدت قلقها الشديد من تلك الاجراءات وطالبت بإعادة الوضع في المسجد الأقصى الى الوضع الراهن أي ما قبل البوابات الالكترونية , نتنياهو يريد تحقيق امرين اولهم تعزيز موقفه المتردي في الحكم بعد ملفات الفساد الكبيرة التي اصبحت بمثابة كابوس فوق راسه وسوف تدمر مستقبله السياسي , وبالتالي يتخلص لفترة ما من ملاحقة اجهزة التحقيق في الشرطة الى فترة ما حتى يتمكن من ايجاد مخارج مناسبة لهذه الازمة , كما ان نتنياهو يريد ان يسابق الزمن في فرض سياسة الامر الواقع على كافة الاماكن المقدسة في القدس وخاصة المسجد الأقصى و إبقاء كامل السيادة الاسرائيلية هناك وطرد المرابطين و حراس المسجد وبالتالي انهاء الوصاية الاردنية حتى يكون خارج أي مفاوضات قد تقودها وترعاها واشنطن و هنا يفرض نتنياهو الحلول التي يرتأيها للصراع بعيدا عن القدس التي يتمسك الشعب الفلسطيني بها كعاصمة ابديه لدولتهم , كما ان نتنياهو استغل حالة التردي العربي الحادثة الان وميل العرب لأنهاء الصراع بالشكل الذي يتيح بدء نسج شبكة علاقات سياسية واقتصادية امنية مع اسرائيل.
لم يفكر نتنياهو في ثمن اكثر من ذلك في الاتجاه الاخر فقدانه للأمن والاستقرار و وصول النار كل بيت اسرائيلي وتشوش الحياة الطبيعية لكل اليهود المستوطنين في كافة ارجاء الضفة الغربية , لم يفكر نتنياهو في ثمن اجراءاته الغير مسبوقة فيما يخص تشوية سمعة اسرائيل بالعالم واتخاذ اجراءات غير عادية بحق مواطنيها في كافة ارجاء الدنيا بل وقد تقدم كل من الاردن ومصر على تعليق العمل باتفاقيات السلام الموقعة بين الطرفين , لم يفكر نتنياهو في دائرة الدم الجديدة التي سوف يذهب فيها مئات الارواح من الفلسطينيين والإسرائيليين ,ولم يكن غريبا على نتنياهو وحكومته اليمينية هذا الاصرار على بقاء البوابات الالكترونية لأنها بالأساس ليست الهدف بقدر ما هو احكام السيطرة على المدينة المقدس والبدء بإجراءات التخلص من السكان الفلسطينيين وضم خمس كتل استيطانية الى السيادة الإسرائيلية بذلك تكبير رقعة المدينة العتيقة لتصبح جزء الدولة القومية التي يؤسسها نتنياهو الان , لكن الذي لا يعرفه نتنياهو ان معركة كبيرة بدأت يتميز الفلسطينيين بسلاحكم للدفاع عن الأقصى والقدس الا وهو سلاح الدم والفداء فكل فلسطيني اصبح يسارع لفداء الأقصى والقدس بدمه ورحه .
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.