افراسيانت - د. هاني العقاد - الصمت يلف غزة من رفح الى اخر نقطة مع حدودنا الشمالية , حالة ظلام مخيف ليلا وشلل كامل لكل معالم الحياة نهاراً الا بعض المشاهد التي تنقل على استحياء هنا فرح وهناك بيت عزاء , لكن المشهد بات مخيفا , حالة الاحتضار هي سيدة الموقف ... موت غير طبيعي لكل عوامل الحياة , الناس في حالة ذهول مطبق خطف منهم السنتهم فلم يعد يجدي الحديث عن اي معاناة لا احد يسمع شيئا عن الامل الذي يتلاشى بين الفينة والأخرى , الاحباط يتراكم بعد كل موقف , الاحتلال يراقب كل شيء ويبني استراتيجيته للتعامل مع الفلسطينيين على اساس بقاء الانقسام الى الابد , الفصائل لا وجود لها و لا صوت حتى لو كان من باب تحذير الناس من القادم ,لا مبادرات ولا اي محاولات للإنقاذ الوطني , الأعلام الحزبي اخطر ما يشكل ضررا على الناس ولا يعمل منذ فترة الا على زيادة درجات الاحباط لدي الشعب , الماكنات الاعلامية تشتغل بلا هوادة و تستخدم كل الادوات بتقاريرها المفبركة واخبارها الكاذبة وتوقعاتها الصفراء تنهش هنا وهناك حالات تخوين وحالات تشوية مقصودة لهذا الطرف او ذاك ,لعب على المكشوف لعدد من الماكنات الاعلامية التي تستهدف اولا واخيرا كل الصف الفلسطيني وتهدف لإبقاء الفلسطينيين في حالة الانقسام ولرسالتها المخيفة انه لابد وان يقبل الشعب الفلسطيني هذا الانقسام ويتعايش معه باي شكل من الاشكال حتى ولو عادت حياتهم للعصور الوسطي .
جبهتين تعملان بلا كلل واحدة تحاول استعادة الوحدة الوطنية والأخرى تتمترس خلف الرفض و تشككك بنوايا الاولي وكلما حدثت حالات تقارب بينهما ابتعدتا سنة ضوئية عن الالتقاء والتفاهم والشروع بشراكة حقيقية يفتخر بها الشعب الفلسطيني اينما كان , تصريحات الطرفين من يسمعهما اول مرة يستبشر خيرا ويقول ان القادة الفلسطينيين اوعي ساسة بالعالم وما هي الا مجرد تصريحات تفتقد للإرادة الحقيقية التي تدفع الى الخطوات العملية للبدء في اجراءات انهاء الانقسام والتوافق على حكومة فلسطينية واحدة تتولي ادارة كل شؤن الفلسطينيين وحل ازماتهم وبعث الامل من جديد في نفوسهم ورسم امل اخر لأبنائهم الذين باتوا لا يثقوا في اي من الفصائل ولا يمكن استثناء احد من حالة عدم الثقة وفقدانها بسبب صمت هذه الفصائل لعشر سنوات عن الجريمة الكبيرة التي ترتكب ومازالت بقصد واصرار بحقهم و حق مستقبلهم .
الانقسام قتل الارادة الفلسطينية بعدما اطلق عليها الرصاص عندما انطلق على اجساد ابناء الشعب الفلسطيني محطما كل حواجز والحرمات الوطنية , قتلت الإرادة في اكثر من حدث بعد ذلك امتدادا من ارتفاع وتيرة القمع المدني الى الاعتقال السياسي واستدعاءات الأجهزة الامنية , تجاهل دعوات المواطنين والنخب الاكاديمية والمفكرين والكتاب السياسيين لطرفي الانقسام بإنهاء الانقسام ,لم يصغ احد , ولم يكترث احد للرسائل التي ارسلوها من خلال مقالاتهم و للتحذيرات المتعددة لمخاطر استمرار الانقسام الماضية في تدمير المشروع الوطني والذهاب بمعاناة الفلسطينيين الى ابعد حد, اختفت الارادة الوطنية والشعبية الفلسطينية بل تلاشت هذه الارادة التي كان يمكن ان تنهي الانقسام بالطرق الحوارية والاقناع والمشاركة في ادارة كل المؤسسات الوطنية والخروج من نفق معتم لا يمكن ان يقود في النهاية الى مخرج امن للحياة السياسية الفلسطينية , هذا المستنتج من اخطر ما لم بالحياة الوطنية ان تقتل الارادة الوطنية والشعبية الفلسطينيين بأيدي قيادات العمل السياسي الفلسطيني .
تعالوا نعيد للشعب الفلسطيني ارادته ونعيد له ثقته بقياداته الوطنية والاسلامية وتعالوا نفكر اكثر في بناء هذا الشعب سياسيا بدلا من التفكير في احزابنا فقط ونوقف عمليات غسيل الدماغ والتعبئة الحزبية الخاصة والخاطئة , تعالوا نخلق مبادرات شعبية تهدف لخلق حوار وطني شامل من اجل انهاء الانقسام وتمكين الحكومة الفلسطينية من الوقوف عند مسؤولياتها و البدء بحل كل ازمات هذا الشعب , تعالوا نبني مواطن يستطيع التغير عبر الديمقراطية الحقيقية و يستطيع ان يبني مؤسسات الدولة دون تمييز بسبب الانتماء السياسي وبسبب المعتقد الحزبي , تعالوا نتحرر من لعنة الشعب ونقمته التي سنصل اليها يوما من الايام ان بقينا في مربع اطالة عمر الانقسام وتوفير كل ما يضمن بقاءه و تعميقه , وانتم فصائل العمل الوطني والاسلامي يا من تخليتم عن مسؤولياتكم الوطنية , هل تعرفوا ان بقاء الانقسام لعشر سنوات يعني انكم فاشلون , لا ارادة وطنية لكم , صوتكم غير مسموع ودوركم فقط داخل غرف احزابكم , لا استراتيجية وطنية تجمعكم ولا استراتيجية نضالية تقودكم لمواجهة المحتل على الجبهات المختلفة ,لا عمل وطني حقيقي مشترك فقد بتنا نسمع اتهامات الشعب لكم بانكم عالة على الوطن والشعب , اما عن الحكومة فهي ليس بأحسن حال من الفصائل نسخة من اضعف فصيل تقاتل في كل الخنادق دون سلاح وتقاتل لتبقي هي اقوي من الشعب , تكذب نعم , تميز نعم , ضعيفة نعم , لا يعنيها وجود ارادة شعبية نعم , لذا فان حكومة الوفاق يجب ان تتغير بإرادة الشعب ايضا , حكومة تعتبر المواطن سلاحها , وتعتبر المواطن اغلي ما تملك تستثمر ما لدية من طاقات وخبرات لتمكنه من توفر لقمة العيش والحياة الكريمة بعيدا عن التسول وبعيدا عن تدمير مقصود لكل مقدراته المتواضعة .
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.