افراسيانت - د.هاني العقاد - على بعد بضعة كيلو مترات من القطاع يسكن مئات الإسرائيليين المستوطنين , كهرباء على مدار الساعة لو انقطعت لأربع دقائق لقامت الدنيا ولم تقعد على راس الحكومة الاسرائيلية , مياه حلوه مخصصة للشرب والزراعة دون انقطاع ودون محولات لرفعها للبنايات ودون اثمان مرتفعة قياسا بما ندفعه للبلديات في غزة , طرق ممهدة , نظيفة ,خدمات مدنية مجانية , لا يعجبهم كل هذا ’ بالمقابل هنا في غزة لا مقارنة بالمطلق فلا كهرباء ولا ماء ولا شوارع نظيفة ولا خدمات دون ضرائب مرتفعة ولا مياه حلوة صالحة للشرب بل يشتري المواطن المياه على حسابة الخاص خارج فاتورة البلدية , بطالة مستشريه ,اجور منخفضة ,رواتب معدومة , مرض فقر , كل مفردات المعاناة الانسانية تتجلي في غزة , فوق كل هذا فان غزة تعيش منذ نهاية حرب 2014 حالات تهديد مستمر بجولة جديدة من الحرب تأكل الاخضر واليابس و تنهي مقاومتهم المقاومة وتدمر سلاحها وتفاقم معاناة الناس وتشتت اواصرهم , ولعلي اجزم انها الان اصبحت حالة اسرائيلية غير جدية اذا ما بقي الانقسام وبقيت السلطة دون حكم غزة وتوحيد الكيان الفلسطيني استعدادا للدولة التي يسعي اليها الجميع .
الحرب شيء مخيف والمواجهة مع المحتل بالطبع قاسية لا نريدها ولا نفضل الدخول فيها, اسرائيل تفضلها دائما وتسعي اليها كلما ارادت تنفيذ مخططات عسكرية وسياسية وامنية لتغير واقع معين ,منذ فترة طويلة والاعلام الاسرائيلي يحرض على الحرب من جديد ,الساسة الإسرائيليين كلهم دون استثناء شهيتهم مفتوحة للدم والقتل والتدمير , لم يشبعوا من ثلاث حروب والالاف الشهداء والمصابين , نتنياهو هو الشخص الوحيد في اسرائيل الذي يعطي قرار الحرب هو اليوم يعتبرها حلا لكافة تعقيدات المشهد السياسي الداخلي والخارجي في اسرائيل ,الكاتب الاسرائيلي "روغال الفر" قال في هآرتس ان نتنياهو متحمس جدا لشن حرب جديدة على غزة هذه المرة لإعاقة التحقيقات بتهم الفساد ولصد مبادرة ترامب للسلام واشعال الحرب سيوف يعمل على الهاء ترامب فترة طويلة , انا لا اتفق كثيرا مع "روغال الفر" لان نتنياهو لا يريد ان يخسر الانقسام الفلسطيني واطالة عمره لصالح اسرائيل واستراتيجية ادارة الصراع بدلا من حله , ولا يريد ان يفسد مشروع اعاقة مسيرة التحرر الفلسطيني بأيدي الفلسطيني انفسهم .
التحريض علي معركة تقول عنها إسرائيل انها الحاسمة في غزة والتي يمكن ان تغير كل شيء هي الحالة التي تسود اسرائيل اليوم وما تسعي الية اسرائيل اليوم هو تحييد سلاح المقاومة وإبقائه غير فاعل ولا يشكل اي تهديد على اسرائيل , ليبرمان منذ فترة بدأ يكرر عبارة نزع سلاح المقاومة وهذا ما قاله لموقع المنسق والذي يديره منسق شؤن المناطق "يؤاف " ان اسرائيل مستعده يتزيد غزة بالكهرباء وتدعم الوقوف بالكامل الى جنب غزة في حال نزع سلاح المقاومة وهذا ما كرره ليبرمان في اكثر من موقف وما اكدة كثير من المحللين الذين افادوا ان جبهة غزة معرضة للانفجار خلال الصيف استناد للتهديدات الاسرائيلية المتواصلة اذا ما استمرت ازمة الكهرباء وتدني مستوي الحياة الانسانية للمواطنين , فاذا تأكدت اسرائيل انها قادرة على شن حرب واسعة من خلالها يمكن ان تنزع سلاح المقاومة فأنها لن تتأخر بل و ستحاول حشد مزيد من المجتمع الدولي لذلك .
اسرائيل لن توقف التهديد ضد غزة ولن تنام في العسل بالمقابل تبقي على استعداد وتتجهز لأي جديد في الموقف بينها وبين المقاومة وهي بالفعل اقرب للحرب من عدمه , نتنياهو شهيته مفتوحة للحرب لكنه قد لا يتخذ قرار الحرب في الوقت الحالي لأنها ستخدم اجندة لا تريدها نتنياهو فقد تكون في صالح ابو مازن والأمريكيين في نفس الوقت لمساعدتهم على ابرام مبادرات لحلول نهائية على اساس الكيان الفلسطيني المستقل المزمع أنشائه كدولة فلسطينية الى جانب دولة اسرائيل, لا تريد اسرائيل ان تخسر الفائدة الكبيرة سياسيا من بقاء الانقسام وبقاء حكم حماس في غزة لكن بأدني مستوي من الضعف العسكري لان بقاء حماس مسيطرة على غزة يعني فشل مشروع الدولتين ويعني ان الحل يكون اقرب لدولة في غزة وادارة امنية لمناطق الضفة لعشرات السنوات القادمة , لكن يبقي التهديد الاسرائيلي بالحرب حالة مستمرة وعلينا ان نبقي في هذا المضمار حالة مستعدة فقد تتغير المعادلة الاسرائيلية ويمارس ضغط عربي ودولي على اسرائيل لتبادر بتغير الواقع في غزة بالنار.
يمكننا ان نوقف كل هذا التلاعب بالمصير الفلسطيني وابقاء حالة الانقسام لكي تستخدمها إسرائيل ضددنا وفي ذات الوقت نوقف الحرب والتهديد المستمر لنا دون استسلام ويمكننا ان نحافظ على الانسان دون ركوع ويمكننا ان نحافظ على سلاح المقاومة دون فقدان ويمكننا ان نوفر للإنسان البسيط كل مقومات الحياة في غزة بسهولة , ويمكننا ان نفشل كل مخططات اسرائيل لإبقاء غزة خارج معادلة الصراع , ويمكننا ان نتحول الى جبهة قوية قادرة على احباط كل الدسائس وتحويلها للعنة على بني صهيون والانباه للإنسان المسحوق هنا في غزة لنوفر له كل متطلبات الحياة والصمود وكل عناصر الكرامة والافتخار الوطني ,كل ذلك يأتي من خلال انهاء الانقسام والمشاركة السياسية الحقيقية وهذا يتطلب تنازلات حقيقية لصالح المواطن لكي نعيد له الحق في ممارسة الديموقراطية وتجديد ممثليه السياسيين ونعطيه الحق في الاشتراك في بناء الدولة بالتساوي دون تمييز بسبب الانتماء السياسي ليعيش كباقي البشر بالعالم يبني وطن ولا يبحث عن طعام وماء وكهرباء ومسكن وعلاج وراتب . ولعل التغيرات الدراماتيكية بالمنطقة وتغير التوجهات تفرض علينا التغير ايضا لصالح المشروع الوطني والانسان والوطن وان ننزل الى مستوي ما يريده المواطن وهو انهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية بكل اشكالها.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.