افراسيانت - عمر عبد الستار - القوات العراقية المشتركة تعلن بدء عملية عسكرية لاستعادة السيطرة على مناطق من مسلحي تنظيم داعش شمال صلاح الدين، في وقت تستمر فيه ضبابية المشهد السياسي في بغداد.
بعد نحو شهر على تصويت البرلمان على إقالة خالد العبيدي من منصبه وزيراً للدفاع، أقيل هوشيار زيباري وزير المالية، الذي اتهم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي بتدبير أمر إبعاده عن المنصب، كما وجه اتهاماً إلى رئيس البرلمان سليم الجبوري بالتواطؤ للإطاحة به.. زيباري أوضح أن الهدف من إقالته هو إسقاط حكومة حيدر العبادي.
وتأتي إقالة العبيدي ثم زيباري، بعد الإطاحة بأثيل النجيفي محافظ نينوى السابق وغريم المالكي، في ذروة خلافات محتدمة بين أطراف داخل التحالف الوطني مؤيدة لمشاركة الحشد الشعبي في معركة تحرير نينوى وأربيل من جهة، وبين هذه الأطراف ومحافظ نينوى السابق من جهة اخرى.
وجاءت الإطاحة بأثيل النجيفي ورئيس الحشد الوطني والأقرب لإقليم كردستان، في أيار 2015 لصالح نوفل العاكوب، من خلال مساومات سياسية داخل مجلس محافظة نينوى، لفرض إرادة وأجندة المالكي على المشهد السياسي داخل نينوى، وفق مصادر إعلامية. وبقي على المالكي بعد الإطاحة بالنجيفي أن يطيح بالعبيدي وزيباري من على رقعة شطرنج معركة الموصل.
ولتنفيذ أجندة المالكي في الإطاحة بزيباري والعبيدي بعد النجيفي، كما يشير سياسيون هنا، جاءت زيارته للسليمانية في تموز الماضي والتي سبقت استجواب العبيدي، ربما لتفعيل الانشقاق بين السيلمانية وأربيل لصالح المالكي، وقد تمت الاطاحة بالعبيدي اثر الزيارة فعلا في 25 اب الماضي.
وتبعت الإطاحة بالعبيدي زيارة قامت بها حنان الفتلاوي رئيس حركة إرادة إلى السليمانية، التقت خلالها قيادات الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير، لتأتي بعد ذلك إقالة زيباري.
والفتلاوي وعالية نصيف وهيثم الجبوري هم الذين يقودون حملة الاستجوابات داخل البرلمان، والثلاثة من كتلة الاصلاح التي برزت بعد ازمة النواب المعتصمين الذين ارادوا اقالة الرئاسات الثلاث في نيسان الماضي.
ومن هنا ربما تكون الإطاحة بالنجيفي والعبيدي وزيباري ثلاث خطوات متتالية نفذها المالكي لفرض أجندته في معركة نينوى على أربيل وعلى العبادي أيضا. وكثيرون يؤكدون أن الخلاف المستمر بين أربيل وبغداد في أكثر من ملف مجال خصب يستثمره المالكي لتنفيذ أجندته.
وملفات الخلاف كثيرة، ومنها كيفية تصدير النفط المنتج من إقليم كردستان، وكيفية إدارة المناطق المتنازع عليها، والاختلاف منذ 2014 بشأن توقيت وبرنامج استعادة الموصل، وأي قوات هي الأحق بالمشاركة فيها.. إذ ترى فصائل الحشد الشعبي أنها الأحق بتحرير نينوى، بينما ترى اربيل التي تحيط بنينوى من ثلاث جهات على هيئة قوس، كما يقول محافظ نينوى السابق، أن تحرير نينوى من دون مشاركة البيشمركة أمر مستحيل، كما صرح رئيس الإقليم مسعود بارزاني، داعياً إلى استبعاد الحشد الشعبي ومفضلاً مشاركة أبناء نينوى.
ويؤكد ذلك أن المعركة تأجلت أكثر من مرة منذ سقوطها في حزيران 2014 بيد داعش. فقبل نهاية ذلك العام، خطّطت بغداد واربيل والتحالف الدولي لاستعادة السيطرة على مدينة الموصل من داعش. وباشر الثلاثة بإنشاء معسكر "قوة تحرير الموصل".
لكن الانظار، اتجهت صوبَ تكريت، وبعد استعادة تكريت أواخر آذار/مارس 2015؛ بدأ الحديث عن هجوم واسع للجيش العراقي والبيشمركة لاستعادة الموصل في نيسان/أبريل أو مايو/أيار 2015.
إلاَّ أنّ الأنظار توجهت للرمادي بعد سيطرة داعش عليها في 17 مايو/ أيار. ومع استعادة الرمادي، عاد الحديث مجدداً عن عملية استعادة الموصل. أي أن تحرير نينوى كان معداً لأن يأتي في نهاية 2014 فتأجل الى نهاية 2015 ثم إلى نهاية 2016.
وهذا يؤكد ان عوائق تحرير نينوى تتحكم بها أجندات سياسية اكثر منها عسكرية، وأن الإقالات الثلاث المتتابعة للنجيفي والعبيدي وزيباري دليل واضح على ذلك.. ولا يدري أحد من سيكون المقال رقم أربعة او الخطوة التالية في هذا الطريق.
وهذا ما يؤكده أثيل النجيفي، حيث يقول إن "سبب تأخر انطلاق معركة الموصل، هو عدم التوصل لاتفاق بين بغداد وأربيل حول الجهات المشاركة في عملية استعادة المدينة وعوامل استقرارها بعد الاستعادة"، مضيفاً أنه "في الوقت الذي تنظر فيه أربيل إلى خطورة الاضطراب الأمني في الموصل على أمن واستقرار إقليم كردستان، تريد بغداد أن تتعامل مع الأمر وكأن أربيل غير معنية بالموضوع". ويوضح النجيفي أيضاً، أن "الغائب بين بغداد وأربيل هو صوت نينوى الذي لم يستطع لا مجلس المحافظة ولا المحافظ تمثيله وتحديد موقف واضح عن رؤيتهم لما بعد داعش".
وعلى الرغم من توصل أربيل وبغداد وواشنطن أخيراً إلى اتفاق على عملية تحرير نينوى، فإن كتلة المالكي وأنصارها، وفق البعض هنا، يبذلون المستحيل للضغط على بغداد واربيل وفرض رؤيتهم على توقيت وكيفية تحرير نينوى ليتوافق مع سقف أجندة المالكي، التي ترى أن تحرير نينوى يحمل في طياته أجندة دولية تريد تقسيم نينوى ومنع الحشد من المشاركة فيها، توطئة لتفكيك الحشد الشعبي لاحقاً.
وفي الوقت الذي أعلن فيه هادي العامري أن قوات بدر أصبحت أقوى من الجيش العراقي، حذرَ الأمين العام لمنظمة بدر هادي العامري من تحول تحرير مدينة الموصل إلى “معركة لتقسيم العراق "لثلاث مناطق".
من جانبه، أعلن هاشم الموسوي المتحدث باسم حركة النجباء، في تصريح متلفز "أن الحشد الشعبي مستهدف وأن الولايات المتحدة تضغط على العبادي لمنع مشاركة الحشد الشعبي في وقت يفرضون مشاركة البيشمركة ويعدون لدرع فرات في نينوى مماثلة لدرع الفرات التركية في سوريا ويريدون تقسيم نينوى".
وفيما يقترب موعد اعلان انطلاق معركة تحرير نينوى، يستمر الصراع على أجندة المعركة بين المالكي والحشد الشعبي من جهة، وبين العبادي والبرزاني من جهة أخرى. والسؤال: ماذا تبقى بيد المالكي من أوراق ضد خصومه؟ وهل من ضمنها ما يحذر البعض منه، وهو انقلاب ببغداد ربما تقوم به فصائل الحشد الشعبي؟