افراسيانت - أعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر أن المشاركين في اجتماع فيينا أيدوا بالإجماع تخفيف حظر تسليح الجيش الليبي وتقديم الدعم لحكومة الوفاق الوطني.
جاء هذا التصريح يوم الاثنين 16 مايو/ آيار تزامنا مع تسريبات بشأن البيان الختامي للمشاركين في اجتماع فيينا لمناقشة الأزمة السياسية في ليبيا. والحديث يدور هنا عن:
وفي صياغات أخرى يتم استخدام عبارة "تسليح القوات التابعة لحكومة الوفاق الوطني". هذه الصياغات تثير الكثير من اللغط والتساؤلات والشكوك في نوايا الدول التي التقت في فيينا وقررت "تخفيف الحظر". فعن أي جيش ليبي يدور الحديث؟ عن قوات الفريق خليفة حفتر، أم عن القوات التابعة لبرلمان طرابلس، أم عن قوات ما تحارب في غرب ليبيا وأخرى تحارب في سرت وثالثة تحارب في طبرق أو درنة أو مصراتة أو صبراته أو الزنتان؟ أم هل يدور الحديث حول القوات التي تقوم حكومة الوفاق الوطني بتشكيلها لقطع الطريق على قوات حفتر من جهة، والحصول على شرعية وثقل سياسي وميداني من جهة أخرى، وذلك بهدف تنفيذ شروط الدول الأوروبية بإبعاد حفتر عن المشهدين السياسي والميداني؟!.
لقد تم استدعاء رئيس مجلس النواب الليبي غير المعترف به عقيلة صالح للتوجه إلى فيينا حيث جرى اجتماع الدول التي ناقشت الوضع في ليبيا وموضوع التسليح. والمعروف أن الولايات المتحدة فرضت عقوبات على هذا الشخص بعد اتهامه بتقويض عملية التسوية السياسية في البلاد. ما أعطى انطباعا بأن هناك صفقات ما يجري عقدها مع أطراف وقوى مناوئة لحفتر، ومناوئة أيضا لبرلمان طبرق. وهو ما يعني أن الأمور لا تسير في طرق ممهدة، وهناك مشاكل وعقبات واصطفافات جديدة، ومحاولات لخلق تحالفات لتوسيع جبهة الإسلاميين في حكومة الوفاق وتقليص مساحة القوى الداعمة للفريق حفتر.
لا أحد يعرف إلى الآن ماذا تعني الدول الغربية بـ "الجيش الليبي"، وعن أي جيش يدور الحديث. ولا أحد يعرف أيضا ماذا يعني الأوروبيون والأمريكيون بـ "دعم حكومة الوفاق الوطني"، بينما هناك حكومتان أخريان، واحدة في طرابلس والثانية في طبرق. إضافة إلى حكومات مصغرة للتنظيمات المتطرفة والإرهابية والمجموعات المسلحة الكثيرة الأخرى في ليبيا.
البعض يتخوف من وقوع ما سيصل إلى حكومة الوفاق من أسلحة في أيدي داعش، أو في أحسن الأحوال في أيدي مجموعات وقوى مختلفة المشارب والتوجهات والمصالح. وفي الوقت نفسه حرمان قوات حفتر من أي دعم سياسي أو ميداني لصالح فكرة تشكيل جيش تابع لحكومة الوفاق الوطني، لا أحد يعرف بالضبط شروط تشكيله ومن من سيتكون بالضبط، وما هي القوى التي ستشارك فيه، وأي مهام سيتم تكليفه بها!!
من جهة أخرى، ترى تقارير أنه يجري تحييد دول الجوار، مثل مصر وتونس والجزائر. أو بعبارة أكثر دبلوماسية، يجري تقليص دور هذه الدول، ومحاولة الضغط عليها لتأييد المجلس الرئاسي والتخلي عن أي خطط أخرى، بما في ذلك دعم قوات الفريق حفتر.
المسألة الآن لا تتعلق برفع الحظر أو تخفيف الحظر عن توريد السلاح إلى (ليبيا، الجيش الليبي، حكومة الوفاق، القوات التابعة لحكومة الوفاق؟؟!!!) بقدر ما تتعلق بالتوقيت، وبتوجهات وسيناريوهات الدول الأوروبية من جهة، والولايات المتحدة من جهة ثانية، ودول الجوار الليبي من جهة ثالثة.
إن رفع الحظر أو تخفيف الحظر بدون ضبط المشهد السياسي بين الفرقاء الليبين، وفي ظل إبعاد قوات حفتر من المشهدين السياسي والميداني، وفي ظل تحركات مشبوهة للقوات الخاصة التابعة لكل من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة في المدن الليبية.. في ظل كل ذلك، يصبح تخفيف الحظر أو رفعه مساعدة مباشرة لداعش وبقية التنظيمات الإرهابية المتواجدة على الأراضي الليبية، خاصة وأن الدول الأوروبية والولايات المتحدة تحاول قدر الإمكان إبعاد قوى دولية وإقليمية أخرى عن الملف الليبي أو تقليص مشاركتها.
إن تخفيف حظر التسليح أو حتى رفعه دون تحديد "الجهة" التي ستتسلم هذه الأسلحة، وفي ظل كل العوامل المذكورة أعلاه، يفسح الطريق أمام توسيع التواجد الغربي رسميا في ليبيا. وهو ما يمكن أن ننتظره من حكومة الوفاق قريبا. أي طلب التدخل في ليبيا، أو بتعبير دبلوماسي، طلب الدعم العسكري لحكومة الوفاق من أجل مواجهة الإرهاب. وذلك على الرغم من أن رئيس الحكومة فايز السراج قد أعلن تزامنا مع تخفيف حظر التسليح أن ليبيا سوف تتحرر من الإرهاب بأيدي الليبين فقط ودون أي تدخل خارجي!
أشرف الصباغ – بالتزامن مع روسيا اليوم