افراسيانت - أشرف الصباغ - تنتظر موسكو وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لإجراء مباحثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف حول آفاق تسوية الأزمة السورية.
وهناك أنباء تشير إلى أن الإدارة الأمريكية طلبت لقاء بين كيري والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ما يعني بشكل أو بآخر أن كيري يحمل رسائل مهمة، سواء لوزير الخارجية لافروف أو للرئيس الروسي بوتين.
نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف كشف بدرجة ما عن بعض نقاط أجندة المباحثات، مشيرا إلى أن "موسكو ستؤكد لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري خلال زيارته إلى موسكو ضرورة تفعيل العمل على تسوية الأزمة السورية". وأضاف ثلاث نقاط أخرى مهمة:
- التعاون الروسي - الأمريكي بشأن التسوية السورية مثمر في العديد من المجالات رغم وجود بعض الاختلافات المبدئية بين الجانبين.
- هناك جهات سورية تلتزم بالهدنة بشكل لا بأس به، وأن الاتفاق الروسي – الأمريكي يمثل الشرط الأهم للعملية السياسية وتحسين الوضع الإنساني.
- موسكو وواشنطن تعملان بشكل وثيق على التأثير على هؤلاء الذين يعارضون التسوية السلمية في سوريا، وهذا العمل يحقق نتائج معينة.
هذه النقاط الأربع تشير بدرجات مختلفة إلى أن واشنطن تتعامل مع مستجدات الأزمة السورية، وخاصة بعد سحب روسيا قواتها الأساسية من سوريا، بشكل أقرب إلى المماطلة والتسويف. ما يعطي انطباعا بأن واشنطن قلقة من توازن القوى الذي حدث في سوريا خلال الأشهر الأخيرة، وربما ترغب بالإخلال بهذا التوازن لصالح قوى معينة. ولكن مستجدات الأوضاع تملي على الجميع استثمار الفرصة الحالية المتاحة في مفاوضات جنيف لفتح أكثر من طريق أمام تحريك الأوضاع من أماكنها الثابتة، وتثبيت الهدنة نسبيا لأهداف إنسانية بالدرجة الأولي، ولبث بعض الثقة بين الأطراف المتفاوضة.
وعلى الرغم من النداءات والدعوات لتفعيل التعاون بين موسكو وواشنطن من أجل تنفيذ الاتفاق، إلا أن التباطؤ الأمريكي يثير الكثير من الشكوك، وخاصة في ظل تصريحات أمريكية بأن "الجانب الأمريكي لا يرى داعيا لعقد اجتماع عاجل حول الرقابة على وقف إطلاق النار في سوريا استجابة لطلب روسيا". هذه التصريحات قيلت بحجة أن"هناك محادثات بناءة حول هذا الموضوع". ما دفع موسكو إلى التعامل بجدية، وتحذير الأطراف المتقاعسة بأنها، أي موسكو، قد تتعامل بمفردها مع من ينتهكون الهدنة.
وبالتالي، إذا عدنا إلى زيارة كيري المرتقبة إلى موسكو، والنقاط الأربع التي كشف عنها نائب وزير الخارجية الروسي ريابكوف، نجد أنه من المفروض أن يأتي كيري بأجندة تتضمن محاور جدية ليس فقط للحديث، بل وأيضا للشروع في تنفيذ ما يمكن الاتفاق عليه في ختام المباحثات.
هناك خلافات مبدئية ين موسكو وواشنطن حول الأزمة السورية، كما ذكر ريابكوف. ومع ذلك لا أحد ينفي أن التعاون البسيط بين الطرفين يسفر عن نتائج إيجابية بدرجات ما. وربما تكون النقطة الأخيرة في كلام نائب وزير الخارجية الروسي، هي الأكثر دلالة على هذا التعاون. إذ نجحت كل من موسكو وواشنطن في "التأثير" على الذين يعارضون التسوية "السلمية" في سوريا. هذا على الرغم من أن الجميع يتحدث عن رغبته في تلك التسوية باعتبارها تسوية سياسية.
وإذا تعاملنا بمصطلحات أكثر مباشرة، فهناك ضغوط إيجابية من جانب موسكو وواشنطن على أطراف المفاوضات وعلى أطراف إقليمية. ولكن يبدو أن هدف هذه الضغوط ليس واحدا. فموسكو ترغب في تحويل الملف، إلى ملف سياسي، بينما تماطل واشنطن لتعديل الأوضاع على الأرض لصالح قوى وأطراف معينة من جهة، ولكي ترضي بعض الحلفاء من جهة أخرى، لدرجة أن الأمر يبدو وكأن الضغط الأمريكي أسفر عن ضغط معاكس من جانب الحلفاء الإقليميين. هذا إذا استثنينا رغبة واشنطن أو محاولاتها الاستئثار بالمساحة الأكبر لفرض شروطها، وليس شروط حلفائها. أو بمعنى أوضح، من وراء ظهر حلفائها.
إن زيارة كيري إلى موسكو ستضع العديد من النقاط على الحروف بشأن جدية واشنطن وشفافيتها، واستعدادها للعمل ولو حتى على العوامل والنقاط المشتركة مع موسكو. وذلك على الرغم من الفرق الواضح في مباحثات جنيف الحالية بين رؤى المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا وطروحات ممثلي دمشق في العديد من النقاط. الأمر الذي يثير المخاوف بقطع المفاوضات وتأجيلها لفترة أخرى كما حدث من قبل.