افراسيانت - رشيد شاهين - لا تشير الاحداث الراهنة في الأراضي المحتلة وهي على وشك الدخول شهرها السادس، إلى انها ذاهبة باتجاه التوقف، فهي تخبو حينا وتتصاعد أحيانا، وقد يستمر الوضع كذلك لسنوات طويلة قادمة.
لقد اصبح جليا ان لهذه الانتفاضة شكلها وممارساتها المختلفة عن الانتفاضتين الاولى والثانية، فهي تختلف عن الاولى من حيث الشمول العام والمشاركة الحماهيرية الواسعة، ولا تشبه الثانية في "العسكرة" الكبيرة واستخدام السلاح والمتفجرات والاستشهاديين وخاصة في مدن الداخل الفلسطيني.
هذه الانتفاضة، الهبة، تنحصر عمليا في فئة عمرية معينة وفي مواقع شبه معلومة، تنحصر على الأغلب في نقاط التماس التي اصطنعهتا اتفاقية اوسلو المشؤومة، بالاضافة الى العمليات المنفردة المتتالية والمتمثلة في الطعن والدهس بشكل رئيس.
وقد لوحظ ان عددا من العمليات تمت داخل المستوطنات، وعلى شوارع رئيسية تربط المستوطنات بعضها ببعض، ما أثار حالة من الرعب في صفوف القادة الصهاينة، الذين يعيشون حالة وهم غير مسبوقة، قد تكون مرتبطة بما يجري في بعض الأقطار العربية، وانشغال العالم "بمقاتلة" الإرهاب.
ما يجري في الأرض المحتلة، هو الوضع الطبيعي لشعب يخضع لاحتلال منذ خمسة عقود، وهو يمارس حقه في المقاومة المنصوص عليها في المواثيق الدولية، عدا عن انها الطبيعة الإنسانية التي لا يمكن ان تقبل سوى العيش بكرامة وحرية.
العويل الذي تمارسه العصابة الحاكمة في تل أبيب عند مقتل أو إصابة صهيوني، أو حتى عند مجرد محاولة للطعن، لن تجدي نفعا، طالما بقي الاحتلال على هذه الأرض.
العدد الإجمالي لقتلى العدو حتى اللحظة وصل إلى 33، وعشرات الجرحى، والسؤال، ماذا لو تصاعدت الانتفاضة وصار حجم المشاركة أوسع، وكيف سيكون موقف عصابة تل أبيب، فيما لو دخلت الانتفاضة إلى المستوطنات، وماذا لو توجه الشباب إلى طرق وشوارع المستوطنين، وماذا لو بدأ يسقط أعدادا اكبر من القتلى الصهاينة.
استمرار التطرف الصهيوني وإدارة الظهر للحق الفلسطيني، لن يؤدي كما يعتقد قادة الكيان إلى مزيد من الركوع الفلسطيني، بقدر ما سيؤدي إلى مزيد من الثورة ضد الكيان الغاصب، وعليه، فان من الأجدى والأجدر لهؤلاء الذين تأخذهم العزة بالإثم، ان يبحثوا عن حل للقضية الفلسطينية يكون مُرْضٍ للجماهير الفلسطينية الواسعة، التي إذا ما فقدت الأمل بالتحرر والعودة، فلن يكون أمامها إلا ان تحرق الأخضر واليابس، ولن ينفع لا تنسيق امني ولا قمع ولا إعدامات ميدانية.