افراسيانت - خلُصت دراسة حديثة أجراها أحد طلبة كليّة الصيدلة في جامعة القدس، إلى أنّ تعرّض الأسرى في سجون الاحتلال لإشعاعات مؤيّنة مُنبعثة من أجهزة التفتيش، يُفسّر ارتفاع أعداد المصابين منهم بمرض السرطان، بنسب تضاعفت ثماني مرّات، عن المصابين خارج السجون، في الضفة الغربيّة.
الطالب ضياء حاتم قشوع (27 عامًا)، يقول ، إنّ البحث الذي قدّمه لنيل متطلبات التخرّج من كلية الصيدلة، امتدّ على مدار عام كامل، وشمل جمع معلومات من 215 أسيرًا من معتقل عوفر غرب رام الله، و287 أسيرًا سابقًا، حول الحياة اليوميّة للأسرى داخل السجون، وتأثير ظروفها على الحالة الصحيّة للأسير، وعن النظام الصحي التابع لمصلحة سجون الاحتلال، وعن الأمراض المنتشرة، وكذلك الحالة النفسيّة للأسرى والأسرى السابقين.
قشوع الذي سبق وأن اعتقله الاحتلال أربع مرّات، يقول إنّ أخطر ما خلصت إليه دراسته أنّ استخدام الإشعاعات المؤينة تحديدًا تلك المنبعثة من جهاز "Transmission "X-ray vehicle scanning System" والتأثير التراكمي للإشعاع غير المتأين من باقي أجهزة التفتيش التي يتعرّض لها الأسرى على مدار 24 ساعة يوميًا، يُفسّر النسب العالية لإصابة الأسرى بأمراض السرطان، وكذلك آلام الرأس المستمرّة، والتي تجاوت نسبتها أيضًا 49 في المئة من الأسرى الذين استطلعت الدراسة آراءهم.
الرطوبة العالية، والتهوية السيّئة واكتظاظ غرف الأسرى، كلّها ظروف معيشية كان لها دور مباشر في ارتفاع نسبة الأسرى المصابين بالربو وأمراض الجهاز التنفسي، والأمراض الفطرية كانتشار "Scabies" قبل سنوات في السجون، وهذا ما أكّد عليه 83 في المئة من الأسرى المُستطلعة آراؤهم.
ومن الأسباب المُباشرة المؤثّرة على صحّة الأسرى، تقييد حركتهم في ساحة السجن والمعروفة بـ "الفورة" لأقلّ من أربع ساعات يوميًا في غالبيّة السجون، رغم أنها قد تقلّ أو تزيد من سجن لأخر، فارتفعت نسبة الأسرى الذين أصيبوا بأمراض مزمنة مثل الروماتيزم، ومشاكل الأوعية الدموية والقلب وغيرها، إضافةً لنقص فيتامين (D3) وغيره بسبب الحرمان من أشعة الشمس.
وتطرّقت الدراسة البحثية التي أشرف عليها الدكتور حاتم حجاز إلى خروقات مصلحة سجون الاحتلال للقانون الدولي فيما يتعلّق بالنظام الغذائي والصحي، وتحديدًا في مواد (26/15 من ميثاق جنيف)، فقوائم الأطعمة المقدّمة للأسرى أسبوعيًا لا تكفي كمًّا ونوعًا، واتضح أنّها توثّر سلبًا على نظام التغذية، وتسبب ارتفاع نسبة الأمراض المتعلّقة بالجهاز الهضمي لدى الأسرى.
ولم تُغفل الدراسة الإتيان على معدّلات الاكتئاب بين الأسرى، واعتمد الباحث اختبار (PQH-9) في فحص معدلات الاكتئاب، ليتبيّن أنّ معدلات الاكتئاب يبين الأسرى أقلّ من المتوقع رغم إجراءات الاحتلال، مقارنة مع تلك النسب الموجودة في سجون العالم، فمثلًا كانت نسب الاكتئاب بين الأسرى أقل بمرة ونصف من تلك الموجودة لدى نزلاء سجن ايلا في النرويج. لكنّ اللافت في الدراسة أنّ معدّلات الاكتئاب كانت مرتفعة صفوف الأسرى السابقين مقارنة مع الأسرى الحاليين، وهو ما عزاه الباحث لاكتئاب ما يُعرف بـ"Post Traumatic PTSD" الذي يصيب الأشخاص عادة بعد الصدمات التي يتعرضون لها، بسبب ضعف برامج إعادة التأهيل ودمج الأسرى المحررين في المجتمع المحلي.