العفو الدولية تدعو إلى إجراء تحقيق جاد في انتهاكات ارتكبها التحالف الدولي والقوات العراقية.
الموصل (العراق) - افراسيانت - تؤسّس الشهادات والأرقام المتواترة، بالتدريج عن المآسي التي شهدتها مدينة الموصل العراقية أثناء حرب استعادتها من تنظيم داعش، وما خلفته من خسائر بشرية في صفوف المدنيين، فضلا عن الخسائر المادية الجسيمة، لجريمة حرب مكتملة الأركان.
ومنذ الإعلان الرسمي عن استكمال استعادة المدينة التي تُتّخذ مركزا لمحافظة نينوى بشمال العراق، في شهر يوليو الماضي، لم تنقطع أرقام القتلى المدنيين عن التصاعد حتى بلغت في أحدث حصيلة أحد عشر ألف قتيل، مع وجود قابلية كبيرة للارتفاع في ظلّ تأكيدات شهود عيان بأنّ جثث عائلات بأكملها لا تزال تحت أنقاض المباني المدمّرة.
وكان تنظيم داعش قد احتلّ مدينة الموصل بشكل مفاجئ في شهر يونيو 2014، ليجعل منها أحد المقرّات الكبيرة لما سمّاه “خلافة إسلامية”. وعلى مدار سنوات سيطرته على المدينة، التي هي ثاني أكبر مدن العراق من حيث عدد السكان بعد العاصمة بغداد، فرض تعاليمه المتشدّدة على الأهالي ونكّل بهم تنكيلا شديدا، قبل أن يتّخذ منهم دروعا بشرية لدى انطلاق الحملة العسكرية لاستعادتها منه.
واكتست حملة استعادة الموصل التي تواصلت من أكتوبر 2016 إلى يوليو 2017، أهمية كبيرة في سياق الحرب على تنظيم داعش.
وشاركت في الحملة قوات عراقية مشتركة مكونة من جيش وشرطة وميليشيات شيعية منضوية ضمن ما يعرف بالحشد الشعبي، بدعم جوي ومدفعي من قبل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
وفي الكثير من منعطفات الحرب، بدا أنّ الهدف هو تحقيق إنجاز وهزيمة داعش في الموصل بغض النظر عن الثمن وعن حجم الخسائر.
ويفسّر ذلك استخدام أسلوب غير مناسب لحرب المدن والشوارع قام على القصف العشوائي المكثّف بالمدفعية والطيران، ما يفسّر ارتفاع عدد القتلى وحجم الدمار الذي أتى على أحياء بكاملها.
كما لم تسلم الحرب من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان تمثّلت في تنكيل الجنود المشاركين في الحملة بأناس يُقبض عليهم بتهمة الانتماء لداعش قبل أن يتم إعدامهم ميدانيا بطرق فظيعة مثل الإلقاء بهم من أماكن مرتفعة مثلما هو مثبت في تسجيل فيديو سبق أن تم تداوله على نطاق واسع.
حصيلة جديدة لعدد القتلى المدنيين في الحملة العسكرية على الموصل تبين مقتل ما يصل إلى 11 ألف مدني
ودعت منظمة العفو الدولية التحالف الدولي ضدّ داعش في العراق وسوريا إلى إجراء تحقيق فوري في انتهاكات ارتكبتها قوات التحالف والقوات العراقية بحق مدنيين في مدينة الموصل.
وجاءت دعوة المنظمة الحقوقية على خلفية حصيلة نشرتها وكالة “أسوشييتد برس” الأميركية للأنباء، وتفيد بمقتل ما بين 9 و11 ألف مدني في الموصل خلال عمليات استعادتها من داعش.
وتوصلت الوكالة إلى هذه الحصيلة بعد أن راجعت قوائم مشارح الجثث وقواعد بيانات كثيرة من منظمات غير حكومية.
وقالت منظمة العفو، في تقرير على موقعها الإلكتروني إن “آلاف المدنيين قُتلوا في معركة الموصل”، مضيفة “تلك الوفيات لم تسببها جماعة داعش المسلحة وحدها، وإنما القوات العراقية وقوات التحالف أيضا”.
وأضافت أن “تقديرات أسوشييتد بريس أكثر بعشرة أضعاف من الأعداد التي أوردتها قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة، والتي أعلنت مسؤوليتها عن مقتل 326 شخصا فقط”.
وشددت على أن “عدم اعتراف القوات العراقية وقوات التحالف بأعداد القتلى المدنيين في الموصل، وعدم التحقيق فيها، يُعتبر تخليا صارخا عن المسؤولية”.
وتابعت منظمة العفو، ومقرها لندن “نطالب بتوخي الشفافية، وتقديم كشف حساب صادق وعلني بالثمن الحقيقي الذي تكبَّده المدنيون في هذه الحرب”.
ودعت إلى “إجراء تحقيق فوري من قبل التحالف في الانتهاكات والهجمات غير القانونية، التي وثقتها منظمة العفو الدولية وغيرها من المنظمات المستقلة، أثناء معركة الموصل”.
وأوضحت أن “العديد من الوفيات التي وردت مؤخرا جاءت نتيجة مباشرة لقتل المدنيين أو سحقهم تحت أنقاض المباني المدمَّرة، جراء الهجمات غير المتناسبة أو العشوائية التي شنتها قوات التحالف والقوات العراقية”.
وشددت المنظمة الدولية على أنه “لو كانت قوات التحالف والقوات العراقية تقيدت تماما بالتزامها باتخاذ الاحتياطات الضرورية لتقليص الأضرار المدنية إلى الحد الأدنى، لأمكن تفادي جزء من الدمار الهائل والخسائر في أرواح المدنيين”.