عملية الهدم في واد سنيسل بالخان الاحمر شرق القدس المحاذي لمستوطنة معاليه ادوميم افراسيانت - مع بداية العام الجديد، شرعت إسرائيل في هدم تجمعات سكانيّة فلسطينيّة في منطقة الخان الأحمر، ومناطق (E1) الملاصقة لمستوطنة "معاليه أدوميم" في خطوة تُمهّد للضم الفعلي للمستوطنة لما تطلق عليه "القدس الكبرى".
ومستوطنة "معاليه أدوميم"، هي واحدة من كبرى المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية، وتقع شرق القدس.
وفي تصريحات غير مسبوقة، قال وزير التعليم وزعيم حزب "البيت اليهودي" اليميني، نفتالي بنيت، إن حزبه "يدفع باتجاه مشروع قانون لضم مستوطنة معاليه أدوميم كجزء من استراتيجية لضم مناطق (ج) في الضفة الغربية".
ويؤكد خبراء ونشطاء ضد الاستيطان أنّ تصريحات بنيت تتزامن مع خطوات عملية على الأرض، تمثلت بهدم تجمعات سكنية في منطقة الخان الأحمر صباح الثلاثاء، وعلى طول الطريق الواصل بين القدس وأريحا، تمهيدًا لضم المنطقة بعد إخلائها من سكانها العرب إلى مخطط "القدس الكبرى" الذي تنوي إسرائيل إقامته بضم تجمعات استيطانية كبرى مقامة حول القدس.
وفي السياق ذاته، قالت وزيرة العدل الإسرائيلية، إيليت شاكيد، القيادية في حزب "البيت اليهودي" السبت الماضي، إن ضمّ "معاليه ادوميم" مقدمة لضم كل المناطق المصنّفة (ج).
من جهته، قال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، وليد عساف، في حديث لـ "القدس" دوت كوم، إن إسرائيل تسعى على أرض الواقع لضم مناطق (ج) وعزلها، من خلال الشروع بخطة تهجير ممنهجة بتدمير التجمعات السكانية المنتشرة على مساحة 60% من الضفة الغربية، مضيفًا أن عمليات الهدم تتسع وتيرتها، حيث تم تسجيل 1035 حالة هدم في عام 2016، مقابل 500 حالة هدم في عام 2015.
وبدأت إسرائيل العام الجديد بعمليات هدم واسعة في مناطق (ج)، لتنفيذ الخطة التي تسير عبر مسارات رئيسة بهدف ضم تلك المناطق، من خلال البدء في تدمير التجمعات السكانية، ونقل السكان إلى تجمعات مغلقة ومعزولة (خطة إعادة التموضع)، إضافة إلى المسار القانوني، من خلال إعلان قانون تسوية الأراضي الذي يتيح تشريع إقامة المستوطنات، وتطبيق القانون الإسرائيلي عليها، ما يعني ضمّها بشكل رسميّ لإسرائيل.
وأوضح عساف، أن مرحلة الضمّ ستبدأ أولًا بمستوطنة "معاليه ادوميم"، حيث بدأ الترويج لعقد جلسة رسمية للتصويت على الضم، تزامنًا مع تهجير السكان الذين يعيشون في محيط المنطقة، بتدمير تجمعات سكنية في واد سنيسل في الخان الأحمر، لإخلاء مساحة تقدر بـ 38 ألف دونم، بما يشمل أراضي العيزرية وابو ديس.
واعتبر أنّ إسرائيل تسعى من وراء هذه الخطوة لتدمير الدولة الفلسطينية واقتصارها على مناطق (أ. ب) التي تشكل نحو 38% من مساحة الضفة، وبدون تواصل جغرافي، وهو بمثابة إعدام لحل الدولتين، حيث ستتعذر إمكانية اقامة الدولة الفلسطينية المتواصلة جغرافيا وعاصمتها القدس بشكل نهائي.
وتتزامن هذه الخطوات الإسرائيلية مع صدور قرار دولي في مجلس الأمن يدين الاستيطان، ويعتبره عقبة أمام حلّ الدولتين.
وقال خبير الاستيطان، خليل التفكجي، في حديث لـ "القدس" دوت كوم، إن ضم التجمع الاستيطاني "معاليه ادوميم" يعني الانتقال إلى التطبيق الفعلي لإقامة القدس الكبرى التي تشكل نحو 10% من مساحة الضفة الغربية، ويعني فعليًا فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها، إضافة إلى إلغاء مفهوم وإمكانية أن تكون القدس عاصمة دولة فلسطين، إضافة إلى قلب الميزان الديمغرافي بالقدس، بضم التجمعات الاستيطانية الكبرى إليها، وهو ما سيجعل الأحياء العربية خارج معادلة التأثير الديموغرافي.
وقال الخبير في الشؤون الإسرائيلية، برهوم جرايسي، في حديث لـ "القدس" دوت كوم، "إن السياسات العنصرية والقوانين التي نشهدها مؤخرًا، كانت ما بين الهوس والخيال في الماضي، والان تتحول إلى واقع".
ويعتقد أن هذا القانون لن يرى النور على الأقل في المرحلة الحالية بالرغم من وجود الحكومة المتطرفة، حيث يعي بينت أن تقديم هذا القانون في هذه الدورة البرلمانية سيحظى بسهولة بأغلبية مطلقة، لوجود إجماع حول ضم المستوطنات، إلا أن إسرائيل في هذه المرحلة وحتى في ظل تعويلها على الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة ترامب، لن تجازف بتشريع القانون لتجنب فتح جبهات سياسية دولية ضدها، هي في غنى عنها في هذه المرحلة على الأقل.
وأشار جرايسي إلى أنّ فرض الوضع القائم يفي في هذه المرحلة، ولا يوجد داع لمعاداة المجتمع الدولي المناهض للاستيطان والذي ينظر إليه بعين الريبة، حيث ان القوانين الإسرائيلية مطبقة على مستوطنة "معاليه ادوميم" وبقية البؤر الاستيطانية.
واعتبر أنّ الحديث عن ضم "معاليه ادوميم" حاليًا يقع في إطار المناكفات الحزبية الإسرائيلية وتصدُّر المشهد، لافتًا إلى صمت نتنياهو حول القانون الذي لوّح بنيت بتقديمه، بينما سمح لوزير مقرّب منه بتصريح حول رفض المشروع لتجنب المواجهة المباشرة مع مجتمع المستوطنين المتطرّف.