للروائيَّة: ديمة السَّمان، مكتبة كل شيئ- حيفا، 2018
افراسيانت - بقلم: رفيقة عثمان - تعتبر هذه الرواية، جزءًا ثانيًا، لرواية "غفرانك قلبي"، حول تبوّء السلطة، والأطماع للوصول لرئاسة الحكم، بطرق غير مشروعة.
دار محور الرواية حول علاقة حب، وخيانة من قِبل بطل الرواية وحيد الذي أحبَّ منى، ولم يكن له النصيب بالزواج بها، فتزوَّجت، وأنجبت طفلين؛ تزوَّج وحيد من ناهد الصحفيَّة؛ والتي ترقَّت الى منصب وزيرة في الدولة، وأنجبت توأم بنات.
ظلَّ وحيد يحمل مشاعر الحب لمنى، خاصّة بعد أن توفي زوجها في حادث غرق، وأصبحت منى تحت رعاية آل سالم، وقامت بإدارة مزرعتهم؛ عادت العلاقة بين وحيد ومنى تتوطَّد أكثر، وأكثر بسبب انشغال ناهد عنه.
تزوَّجت ناهد منى من مهندس المزرعة احمد، بعد غياب وحيد سالم عن البلدة واختفائه مدَّة طويلة.
عاد وحيد من غربته واكتشف خيانة منى وزواجها من احمد، فارس أخو احمد عمل بالشرطة، لقي حتفه في حادث طائرة، خاض وحيد معركة الانتخابات وفاز برئاسة الدولة.
اكتشف وحيد، سر قتل زوج منى المهندس احمد، وقتل زوجته ناهد؛ من خلال رسالة تركها أخوه فارس له معترفًا بقتل احمد؛ كي لا ينافس أخاه وحيد على رئاسة الحكم، ومن ثمَّ ، أمر بقتل ناهد الوزيرة؛ كي لا تكشف سر القاتل.
تطرَّقت الروائيَّة ديمة السّمان، لقضيَّة اجتماعيّة هامّة، متفشيّة في معظم مدن وقرى مجتمعنا العربي؛ الذي تغيب عنه النزاهة والعدالة؛ للوصول الى كراسي السلطة؛ نجد أن العصبيَّة القبليَّة هي الغالبة، والفكر الجماعي والتبعيّة ما زالت تحتل دورًا هامّا في اتِّخاذ القرارات الرئيسيّة، على حساب الافراد.
كما أشارت الروائيّة في الرواية، عندما اكتشف وحيد سلوك أخيه فارس؛ الذي أجرم وقتل؛ كي يضمن نجاح أخيه وحيد بالرئاسة، لم يجرؤ على البوح بالحقيقة، إخلاصا لوصيّة جدّه؛ الذي أوصاه على الحفاظ على وحدة العائلة وتضامنها معا مهما حصل.
تطَرَقت الروائيَّة ديمة السَّمان، لموضوع هام في المجتمع، الوصول الى السّيادة بطرق غير مشروعة، وغير نظيفة، مهما كلَّف الأمر من صراع، وسفك دماء، والتَّخلي عن الأخلاق والمُثل، واتّباع مبدأ "الغاية تبرِّر الوسيلة"؛ للحفاظ على الإرث العائلي، حيث لا مكان للفكر الفرداني المتعقّل في هذه المعركة؛ وينساق الإنسان النظيف وراء العصبيّة القبليّة؛ لتحقيق أهداف الجماعة.
ورد بالرواية حدث غير مقنع للقارئ، وهو غياب بطل الرواية وحيد بشكل مفاجئ عن الحياة الاجتماعيّة وعن أسرته، لمدَّة طويلة، دون أن يعرف أحد مكانه؛ وترتّب على هذا الغياب تغيير في مجرى الأحداث القادمة.
تكاد الرواية تخلو من ذكر مكان محدَّد لحصول أحداث الرواية، وكذلك المكان؛ إلا إذا أشارت الكاتبة لذلك في الجزء الأوَّل.
هدفت الكاتبة في إيصال الرسالة من الرواية للقارئ، وبشكل واضح لا يحتاج القارئ فيه لتفكير تحليلي للوصول اليها في نهاية النص الروائي؛ دون أن يلجأ القارئ للتفكير التحليلي.
استخدمت الكاتبة اسلوبًا روائيًّا فيه السرد الممتع والشيِّق للقارئ، بلغة فصحى سهلة ورصينة، تزخر فيها البلاغة المحسنات البديعيَّة، والخيال الخصب.
تخلَّل الرواية حوارات ذاتيَّة، تظهر الصراعات المكنونة بداخل الإنسان، الذي يحمل المبادئ والأخلاق، وبنفس الوقت يسعى للحصول على النفوذ والسّلطة. كما ورد صفحة 201، 202. " كنت اطمح أن، أصل إلى مركز الرئاسة بأيادي نظيفة نقيَّة شريفة، ملعون ذلك المجد الذي يصل إليه الإنسان بالدَّم، بقدر ما كنت اطمح للوصول إليه، فأنا اليوم أكره أن أنتسب إليه.".
وُفّقت الكاتبة في اختيار العنوان، حيث فيه نوع من التشويق، بما يتلاءم مع احداث الرواية، وخاصّةً في نهاية النص، عندما قالت البطلة منى للمحبوب وحيد "الرجل الذي كنت اعرفه تغيَّر وتبدَّل، هذا الرجل لا أعرفه، لا اعرفه". استكرته عندما اكتشفت بأنَّ أخلاقه تبدَّلت عمَّا كانت عليه سابقًا، قبل استلامه السُلطة.