افراسيانت - كتبت: ديمة جمعة السمان - باقة مختارة بعناية من المقالات أعادت للمرأة ثوبها الإنساني الحقيقي الذي يليق بها وبعطائها وإبداعها وحكمتها وذكائها وقدرتها على أن تكون الند للرجل بكفاءة ورقي الانسان الواعي الذي يثبت نفسه بفكره وزنته الدقيقة للواقع الذي يحياه بحلوه ومرّه.
مجموعة من المقالات واللقاءات والنصوص الابداعية المتنوعة جمعها الشاعر فراس الحج محمد بانتقاء شديد.. شممت فيه رائحة اعتذار غير مباشر للمرأة.. وكأنه أراد أن يقول أن هناك من لا زال يستمع للمرأة بأذن واعية تقدر جهودها وكفاءتها وقدرتها التي لا حدود لها.
افتتح فراس الحج محمد كتابه الذي حمل عنوان( شهرزاد لا زالت تروي) بمقالة تحمل عنوانا لافتا: (كلنا يحتاجك يا شهرزاد). ويرمز هنا إلى نموذج المرأة الاستثنائية التي لها قدرة أن تأخذ الدور القيادي بامتياز وتتحمل مسؤولية مجتمع يحتاج إليها وإلى وجودها، تماما كما فعلت (شهرزاد) حيث نجحت أن تنقذ بنات جنسها وعائلاتهن من جبروت وعقد شهريار النفسية بذكائها وحكمتها ورزانة عقلها.. فردته إلى رشده وصوابه، وعاد مجتمعها يشعر بالاستقرار والأمن والأمان بفضل مبادرتها التي كان من الممكن أن تفقدها حياتها.. استعدت شهرزاد أن تكون قربان فداء لجميع النساء. ويتساءل هنا الكاتب: لماذا نرتد إلى موروثات قديمة لنناجيها وعندنا المرأة العصرية التي حققت كثيرا من الانجازات وتخلصت من أوهام الماضي، ذلك الماضي الذي صنعته عقول متمرسة في التخلف والعصبية. ومتى سيفهم الجميع أن المرأة لن تكون دون رجل، وبأنه لا حياة لرجل دون امرأة توجهه وترعاه وتكون له معلمة وأما وأبا وزوجة وحبيبة. فالمرأة هي كل هذا.. لذلك لا غنى للبشرية عن هذا النموذج الرائع من المرأة.. فهي كل المجتمع لا نصفه .
لقد قسم الكاتب مختاراته الى ثلاثة فصول: حمل الأول اسم "المرأة وضرورة الحضور الانساني".. ضم سبعة عناوين، جميعها تؤكد على أن الحياة لا تحلو دون المرأة.. فهي التي تعطيك الدافعية لتكون متميزا.. فاعزف لحنها، واغرف من فيض رحيقها، لعلك ترضى.
كما أنه عرّج على مقاييس الجمال الأنثوي قديما وحديثا، فالجمال نسبي.. وقد اختلفت الانسانية في حكمها على الجمال مع مرور الزمن. وقد قصد الجمال بشقيه الجسدي والنفسي الأخلاقي الروحي.
وفي مقالة تحدث فيها عن واقع المرأة العربية قبل الاسلام ذكر الكاتب بأن المرأة كانت تؤدي وظائف اجتماعية وتربوية واقتصادية وسياسية على درجة من الأهمية، فلم تكن مجرد متاع تباع وتشترى. فقد شكلت المرأة في العهد الجاهلي عنصرا إيجابيا ومحور حياة، فقد كانت كيانا وجوديا محترما، لها رأيها السّياسي والاجتماعي، ولها ثروتها الاقتصادية تساهم في المجتمع وتعمل فيه، تتمتع بالحقوق التي منحها اياها المجتمع.
الكاتب يرى أنه لا يمكن أن تحتل المرأة تلك المكانة في الشعر الجاهلي ونظل ندّعي أنها مهانة. فهي التي تربعت على عرش المعلقات.
أما بيع المرأة وشرائها في أسواق النخاسة في العصر الجاهلي فقد كانت من تبعات نظام الرّق المعمول به آنذاك، والذي لم يفرّق بين الرجل والمرأة. أما حرمان المرأة من الميراث فقد كان اجراءا عمليا لئلا تنتقل ثروة القبيلة إلى القبيلة الأخرى.
ويؤكد الكاتب أننا إذا أردنا تغيير وضع المرأة في أي مجتمع لا بد أن نغير في الفكرة التي يقوم عليها هذا المجتمع. كما يؤكد بأن سوق الرقيق يعود من جديد، وبأن الحضارة الحديثة لم تحرر الانسان بل استعبدته، لأنها حررت البشرية من القيم الانسانية.. فهي منحطة وتبعد كل البعد عن الرقي، عادت تعيش العبودية بمفهوم جديد، فقد حولت الانسان إلى عبد لشهواته وأفقدته إنسانيته حتى أن بعض الحيوانات تخجل من سلوكيات هؤلاء. فالأمر ليس مقتصرا على المرأة بل على الرجل أيضا.
وينهي الكاتب الفصل الأول بمقال استوقفني كثيرا.. فيبدو أنه لم يستطع أن يخلع ثوبه التربوي كمشرف تربوي يعمل في وزارة التربية والتعليم العالي، حيث يحذر "الكاتب التربوي" الوالدين من أن يقتصر دورهما على الحراسة الليلية وعلى تسمين أبنائهم وكسوتهم على حساب تربيتهم، فالطفل يحتاج إلى تربية.. يحتاج إلى أن نغرس فيه مجموعة من قيم الحوار والحرية والكرامة والصبر والتطلع نحو المعالي والارتباط بأعالي القمم والخروج من قماقم الخرافات والتوافه، يحتاج أن نحتضنه بالمحبة والحنان والتفهم.. فلا شك أننا قصرنا.. ويطالب الجميع بالصحوة من كابوس سيقض مضاجع أمّة بأكملها.
أما الفصل الثاني من الكتاب، فقد حمل اسم " الأدب بروح المرأة"، تحدث من خلال مقالات عدة تناولت منتوج باقة من الأديبات. وهنا يؤكد الكاتب أن ملاحظاته لا تنقص من أهمية ما أنتجنه من أدب، وأنه ليس أكثر من وجهة نظر للقارىء والناقد.
وفد أعجبتني الزاوية التي تناول الكاتب من خلالها المرأة وكتاباتها، فقد كان نقده موضوعيا، راقيا ، مهنيا، بعيدا عن عنصرية الرجل التي طالما عانت منها المرأة، خاصة الشرقية.
لقد مثل كتاب ( في قلب هذا الكتاب أعيش) للمؤلفتين بيسان شتية وأسيل ريدي نموذجا للكتابة الحرة على مستوي اللغة (لغة عامية) وعلى المجتمع، حيث جاءت كتابة حرة تجسد النفس الانسانية عامة وليس الانثوية فقط. حرية ممنوحة لكل شخص، يكتب ما يشاء ليعبر عن نفسه كما يحلو له دون الشعور بأي رقابة سوى قناعاته الشخصية، حتى لو كان كتابا رديئا. وهنا يثير الكاتب جدلا، فالحرية تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين! وتبقى وجهة نظر تستحق النقاش مطولا بعمق. فالكتابة الفيسبوكية هل هي نعمة أم نقمة؟ حيث كانت الباب الذي تسربت منه شتى الكتابات، فمنها الغث ومنها السمين، وقد كان هذا الباب هم المحفز للكتاب، وخاصة الشباب منهم.
كما تناول الكاتب في مقال حمل عنوان: " هوامش على كتاب حليب أسود للكاتبة إليف شفاق"، التي اختارت أن تدعى باسم أمها. انتسبت لأمها لأنها كرهت ديكتاتورية أبيها.
هنا يؤكد الكاتب أنه تعلم من كتابات "اليف شفاق" الكثير، فكتاباتها عميقة تحمل مضامين فلسفية، بأسلوب غير مباشر، علمته أن يكون "أمّا" حانية على أبنائه ، وهو الذي يضيق ذرعا بمشاكساتهم التي تحرمه من الشعور بحالة من الهدوء، وبالتالي تقمع قلمه.
وتحدث عن الشاعرة آمال رضوان من خلال مقال تحدث فيه عن نشاطها وحضورها القوي والبارز في المشهد الثقافي عبر المواقع الأدبية الالكترونية الرّصينة ومتون الصحف والمجلات العربية.
كما كان له قراءة نقديّة في ديوان "ترانيم على وتر الألم" للشاعرة إيمان بدران، حيث استعرضه شكليا ومعنويا، وأشاد ببعض مواضيع ديوانها وتجوالها في حدائق الذات ودخولها ساحات المقاومة، ولكنه قدم نقدا غير خجول بأن الديوان يعاني من ضعف في الرتابة الموسيقية ، تمثلت في إخلالات الوزن والقافية، وضعف في البناء اللغوي والنحوي، وكثرة في الأخطاء الاملائية والمطبعيّة.
كما كان له وقفة مع ديوان " شامة بيضاء" للكاتبة إيمان زيّاد، حيث اعتبر الكاتب أن نصوصها بلغت مستوى عاليا من الشّعرِية الشفيفة. والملاحظ هنا أنها لم تعنون قصائدها، بل اكتفت بإعطاء كل نص من نصوصها رقما، ما جعلها تثبّت هذه الجملة في الفهرس: " ثمة حزن بين أرقام... وفرح". وقد ضم الديوان ثلاث قضايا رئيسة: اولها قضايا تمس الذات الأنثوية، وثانيهما قضايا عامة تعيشها المرأة في المجتمع، وثالثها تتطرق إلى حال السياسة بشكل عام. وهذا يدل على أن المرأة تنوع في كتاباتها مما يعكس تنوعا في أفكارها بقالب فني يوصف بالابداعي.
أما الشاعرة إيمان مصاروة، فقد كتب عنها الكاتب متمنيا لها شأنا كبيرا في الساحتين العربية والفلسطينية، وربما العالمية، ولكنها أكد على أنها تحتاج إلى بذل جهد مضاعف على المستوى الفني.
وقد ضم الفصل الثاني من الكتاب أيضا رسالة وجهها إلى التربوية الصحفية والكاتبة حنان باكير، والتي عرفت بأنها ناشطة في مجال تدوين الذاكرة الفلسطينية، حيث برعت في ذلك. كان عنوان الرسالة: " إلى أمي حنان باكير تحية عطرة بفلسطين بدماء شهدائها، ورحيق جراحها النازفات. وجه من خلالها نقدا لاذعا للساسة المستصغرين الباهتين السائمين تجتر علكتها بين فكين تسوست من كثرة الفساد ونواخر السوس الوطنية.
وقد تناول الكاتب أيضا فن الاندماجية الذاتية وأثرها في تركيبة النص من خلال التطرق إلى ديوان " أمشي على حروف ميّتة" للشاعرة الإيرانيّة ساناز داودازاده فر، إذ جاء بدون عناوين فرعية أو إشارات توحي بالانتقال بين نص وآخر. ولعل هذه التجربة في إخراج النّص بهذا الشكل تفرضه طبيعة النصوص المنبثقة من رؤية خاصة ذات تجربة واحدة. وما يميز النصوص، أنه عند قراءة النص تشعر أنه يحدثك وأنت جالس بقربه، يحدثك بهدوء كما لو أن العالم يصغي باهتمام منقطع النظير.
ترى، متى تصبح المرأة حادّة كنصل؟ جاء الجواب في مقال ضمه إلى المجموعة المنتقاة، حيث كتب عن كتاب " زهرة في حوض الرّب" للكاتبة " سعاد المحتسب، الذي فتح أوجاعا حادة تعاني منها، فهي أم فقدت صغيرها بعد صراعه مع مرض السرطان، ومعاناتها كامرأة فقدت رجلين : الحبيب الراحل والأب البعيد. كما أن نصوصها تطرقت إلى النظرة الذكورية والتسلط الأبوي في المجتمع.
نصوص إن دلت على شيء، فإنما تدل على أنها امرأة لن تنكسر أبدا مهما تكالبت عليها الأوجاع، بل سيجعل ذلك منها امرأة حادة كنصل، وستأبى أن تحولها الفصول إلى غبار.
أما عن قصة خبز الفداء للأديبة الراحلة سميرة عزام، فقد كتب عنها مقالة بعنوان: ( خبز الفداء وسر الحياة بعد الموت) فالكاتبة – بذكاء- اعتمدت من خلال عنوانها على الدلالة الدينية المسيحية للخبز الذي هو رمز للحياة في الديانة المسيحية من خلال بطلة قصتها سعاد التي بدت غير عادية وبدت أشبه بالاسطورة، واعطتها سمات المسيح في فدائه غيره بجسده ودمائه.
وقد أكّد الكاتب من خلال مقال كتبه عن المجموعة القصصية القصيرة جدا " جريمة نصف زرقاء" للكاتبة صابرين فرعون بأن الكاتبة حققت أناقتها الخاصة التعبيرية على شتى المستويات الفكرة واللغة والعناصر، فأعادت الألق لهذا الفن الذي يراه الكاتب غير مجد بالحياة.
وقد كان للكاتبة صونيا عامر حصة في مجموعة الكاتب أيضا، حيث ألقى الضوء على دواوينها الثلاثة التي تُظهر اهتمام الكاتبة بقضايا الآخرين، تفكر بما يفكرون، تتفاعل معهم، فلا تبدو وحيدة أو منعزلة. أتقنت وصف الشعور الانساني، عندما يتأرجح بين الفرح والذّهول.
أمّا الشّاعرة الشابة عبلة جابر التي ترتاد ندوة الخليل الثقافية، والتي مثلت فلسطين في مسابقة " أمير الشعراء" على مستوى الوطن العربي، فقد أكد الكاتب أنها ستظل على مرمى الحلم والأمل، ففلسطين والعروبة والانسانية تحتاج إلى شاعرة لها هذا النفس المتحدي القابض على الجمر.
وانتقل الكاتب من كتابات عبلة جابر إلى قصة عبلة الفاري " مجنون حيفا"، حيث أبرزت الكاتبة من خلالها مأساة شعب بأكمله، وراعت بذكاء عدم السقوط في فخ المباشرة والتقليدية في الطرح. كما أكدت الكاتبة على أهمية الاعتكاف في محاريب العلم والابداع، فالموهبة وحدها لا تكفي.
وقد وصف الكاتب رواية " الخطيئة المغفورة" للكاتبة عبير عودة بأنها أقرب إلى الخاطرة منها إلى الرواية، فالرواية ليست مجرد حكايات عاطفية ونصب مناحات استدرارا لعطف القاريء أو دغدغة مشاعر الموجوعين دون أن يكون هناك دهشة الهندسة الروائية أو فلسفة ورؤيا أبعد من لغة جميلة وحكايات واقعية عن شهداء يرتقون إلى العلا، كلما حان موعد لوجبة دم احتلالية دسمة.
أما الراحلة الشاعرة فدوى طوقان، فقد خصص لها جزءا كبيرا من كتابه، فقد قام بتحليل لبعض قصائدها التي تحدّثت عن الحزن والهم الذاتي، وعن هدم الاحتلال لبيوت المواطنين الفلسطينيين، وعن السّجن وآلامه، وعن الحرية، والتّصفية الجسدية، والانتفاضة الفلسطينية.
وما فاجأني أن فيروز الفنانة اللبنانية ذات الصّوت المخملي كانت حاضرة في الكتاب كحالة إنسانية دائمة الهطول في نهارات بني الانسان، مثقفين وكتابٍ وموظفين وطلابٍ وعشاقِ وصوفيين ودينيين ولا دينيين، ستظل فيروز تشدو تغازل أرواحنا المجهدة، فتستند الحياة صلبة، وتشد عزيمتها، فلا يتوقف نبضها عميقا حساسا مجبول بأناتنا المتعبة التي نحن إلى راحتها بين يدي حبيبة نستحضرها في الصوت واللحن ومكامن البوح من صاحبات فيروز، لنرى كل شيء كأنه هناك، وهنا لا محالة، تعانق شيئا من ذكريات وأمنيات يتقاذفها الوقت وفنجان القهوة الدافىء.
أما الشاعرة الجزائرية ليلى رابح فقد أكد الكاتب على أنها صاحبة موهبة، من خلال مجموعتها القصصية الأولى التي حملت عنوان ظل امرأة في ظل رجل، وأن القصص التي ضمتها المجموعة هي بذور أعمال قصصية ناجحة، ولكن قد تكون أكثر نضجا لو عملت الكاتبة على تفجير ما في هذه القصص من إمكانيات موضوعية وإشكالية وأسلوبية لنتوصل إلى ما يشبه الدراما المسرحية، ولو عملت الكاتبة على تثوير ما في القصة من مناطق إبداع كامنة، ليظهر ذلك في عمل جديد مرسوم بعناية، فسيكون أمرا محسوبا للكاتبة في أعمالها الأدبية القادمة.
مايا أبو الحيات كانت حاضرة ضمن المجموعة المختارة من خلال قصة ( وليد 2020) باللغتين العربية والانجليزية. النص يناقش فكرة هامة جدا بأسلوب بسيط وسلس وممتع، ويركز على قيم تربوية وتعليمية نحن في أمس الحاجة لترسيخها في وعي الاجيال الجديدة بعيدا عن أسلوب الوعظ والارشاد المباشر. إلا أن القصص اكتفت بما هو واقعي، حيث كانت نهاياتها حادة ومفتوحة على الموت، وكان يلزمها التفكير بأمل يُصنع في تلك النصوص، حتى تساعد الناس على البقاء والعيش بتفاؤل.
وقد حضرت أيضا الشاعرة نازك الملائكي، من خلال قصيدتين ((دعوة إلى الحياة)) و((قيس وليلى)) ، والمعروف أن الشاعرة تركت بصمة في التاريخ الأدبي والثقافي العربي، وأصدرت ما يزيد عن عشرة كتب بين الشعر والدراسة.
الكاتبة في نصوصها دوما تنتصر للمرأة ولا تهاجم الرجل. بل يكونان جنبا إلى جنب في أيقونة الحياة.. تمثل كتاباتها اتزانا على حد العلاقة بين الجنسين.
أما الكاتبة المصرية الدكتورة نهلة زيدان الجوراني فتطرح سؤالا جدليا فلسفيا في غاية الأهمية: هل يمكن للكتابة أن تغير وجه العالم؟ لا شك أن القناعة التي تتفرس في رؤيا الكاتب البصيرية كفيلة بالدفاع عن هذا الظن. بأنّه ثمة ما يدفع الكاتب لاختيار موقف ما يكون حريصاعلى إيصاله للقارىء متوخيا بكل ما أوتي من حرارة فكرية وفنية أن يتخذ القارىء، القناعة نفسها. إنه أمل يراود الكتّاب في أن تصلح كتبهم وجه العالم المغضن بالشرور والآلام.
وينهي الكاتب الفصل الثاني بكتاب " برد دافىء) للكاتبة وفاء إبريوش، حيث يعتقد أنها كتبت بعين المرأة وبروح الأنثى ما تعانيه المرأة وما تحسه، وبأن الكلمات تقفز على الوجع لنتخطاه، ولكننا نغرق فيه ونحس وخزه في كل جسد، وفي كل روح. وقد أكد على أن كتاباتها مثالا للكتابة النسوية الملتزمة التي تشبع الفكر والعقل وتهذب المشاعر وتنميها وترعاها بحسن الرعاية.
أما الفصل الثالث فقد خصصه لكل ما كتبه عن الأديبتين فاطمة نزال ومادونا عسكر من مقالات وحوارات أدبية كشفت عن علاقة تجمعها تحمل كل مودة واحترام وتقدير، خاصة وأن الكاتب هو من شجع الكاتبة نزال على المضي في الكتابة والنشر بعد اكتشاف قدرتها الأدبية على صفحات التواصل الاجتماعي، كما أنه حثها على النشر باسمها الحقيقي بعد أن كانت تنشر تحت اسم مستعار( زهرة البيلسان). والكاتبة فلسطينية تقيم في السعودية، وأم لثلاث بنات، خبيرة تجميل، درست علم الاجتماع والترجمة، وتتقن اللغتين العربية والانجليزية، هي تكتب لترتاح، فتكتب القصة القصيرة والقصيرة جدا والشعر والمقالة والخاطرة. منحتها وسائل التواصل الاجتماعي فرصة تجديد موهبتها بعد ركود، لتكتب قصصها وتنشرها في عدد من المواقع الأدبية والصحف العربية.
أما الكاتبة مادونا عسكر وهي أديبة لبنانية تعتنق الديانة المسيحية، درست اللغتين العربية والفرنسية، وقد درست علم اللاهوت الذي ساهم في منحها حرية فكرية مسؤول، وساعدها في التعمق أكثر في النفس البشرية وكيفية تخطيها لذاتها لتصل الى المطلق. ويظهر في كتاباتها البعد الأنساني والروحي، إذ أن محور علم اللاهوت ليس الله وحسب ، بل الانسان أيضا. كما درست وتعمقت في وعلم الحديث القرآن الكريم.
والجدير بالذكر أن الكاتب فراس الحج محمد يحفظ معروفها ولن ينساه أبدا، فقد دعمته، ووقفت معه تتحسس ما به من ألم إثر انهزامات عاطفية عنيفة عانى منها بشدة، فكانت تحتمل هذيانه المتتابعة – على حد قوله- دون ملل. وقد عالجت فتاة تعرضت لأزمة عاطفية من خلال جلسات عبر المواقع الاجتماعية، وأنقذتها من محاولة الانتحار.
هكذا يرى الكاتب الصديقة اللطيفة الرقيقة الأديبة مادونا عسكر التي تتصف بالوعي والرقي الانساني بكل معانيه.
في كتابه ( شهرزاد لا زالت تروي) ترك الأديب الشاعر التربوي فراس حج محمد "شهرزاد الحديثة العصرية" تروي بحرية، واستمع إليها جيدا كصديق طيب يكن لها المحبة والتقدير..
بعيدا عن نظرة شهريار، فهو يعترف أن للمرأة العديد من التجارب الانسانية والابداعية التي تستحق أن تسجل. فستظل المرأة مبدعة ما بقيت الحياة، ولن تكون أثاث في البيت. هي لا تحتاج أن تناضل أكثر، فهي ليست في معركة إثبات ونفي، ووجود وعدم.
وينهي الكاتب مجموعته بجملة لو وعي إليها شهريار لما كان حال المرأة كما هو عليه الآن: ( ستظل الحياة ما دامت المرأة تعيش في كياننا وتمنحنا الاتزان لنستطيع الاكتمال).