الكاتبة روز شوملي قدمت أعمال جبرا إبراهيم جبرا في كتاب باعتباره صاحب البصمة الخاصّة في النقد فهو متابع لحركة الفنّ والأدب والثقافة العربيّة والعالميّة.
افراسيانت - حيفا - أقامَ نادي حيفا الثقافيّ مؤخرا أمسية ثقافيّة احتفت بالكاتبة روز شوملي، في حفل لتوقيع كتابيْها “جبرا إبراهيم جبرا/ جدليّة الذات والمحيط” وديوانها الشعريّ “فرس الغياب”، وذلك في قاعة كنيسة مار يوحنا المعمدان الأرثوذكسيّة في حيفا، وسط حضور من الأصدقاء والأدباء.
وقد نشطت الأمسية الكاتبة آمال عوّاد رضوان، حيث بعد الترحيب بالحضور، تناولت الناقدة لينا الشيخ حشمة ديوان “فرس الغياب” في دراسة نقديّة، كما تحدثت الباحثة راوية بربارة عن كتاب “جبرا إبراهيم جبرا في جدليّة الذات والمحيط”، لتلي ذلك مداخلات من الحضور، تبعتها كلمة شكر من الكاتبة روز شوملي للحضور وللمنظمين والقائمين والمشاركين في إنجاح الأمسية.
في مداخلتها ذكّرت آمال عوّاد رضوان بإصدارات روز شوملي الشعريّة ذاكرة منها: “للنهر مجرى غير ذاته” 1998، و”للحكاية وجه آخر” 2001، و”حلاوة الروح” 2004، و”كيف أعبر إليك” 2006، و”ستعود الحمامات يومًا” 2010، و”فرس الغياب” 2014.
ثراء تجربة الشاعرة لم يقف عند حدود هذه المؤلفات بل تجاوز حتى الحدود الأجناسية لتكتب في أجناس وأنماط أدبية مختلفة مثل شعر الأطفال وقصصهم، ولتذهب حتى إلى الترجمة وتنجز فيها ترجمات من الإنكليزية للعربية مثل ترجمتها لكتاب “الشعر الفلسطينيّ الأميركيّ/ إعادة كتابة الثقافة وإعادة تعريفها: الهوية والوطن وما بينهما” للشاعرة نتالي حنضل عام 2012، وكتاب “حملة من أجل المساواة: القصة الداخلية”، نوشين أحمدي خراساني عام 2011، وغيرها من المؤلفات الهامة. هذا علاوة على ترجمتها لقصص الأطفال الذين اهتمت بهم في جزء هام من تجربتها ككاتبة وشاعرة مختلفة المشارب.
إضافة إلى تجاربها وإصداراتها هذه قدمت روز شوملي عددا من الدراسات التربوية والدراسات النقدية الأدبية التي ذكرت منها عوّاد رضوان قراءة شوملي في إنتاج جبرا إبراهيم جبرا/ الذات والمحيط عام 2004، والبئر الأولى وجبرا ابراهيم جبرا عام 2011، والبئر الأولى وجبرا ابراهيم جبرا أديبًا عام 2013، والمرأة في روايات ليلى الأطرش، وغيرها من الأعمال التي كشفت من خلالها الشاعرة عوالم أدبية عميقة لكتاب عرب مرموقين، مثل جبرا إبراهيم جبرا الذي درسته في أكثر من موضع وأثر.
وفي مداخلتها حول ديوان روز شوملي “فرس الغياب ديوان شعري” تعتبر الناقدة والباحثة لينا الشيخ حشمة أن هذه المجموعة الشعرية رحلة تسافر فيها بين غلافي الكتاب، في قصائد تنقّب في أوجاع قارئها، تستثيرها وتعريها دون أن تقدّم حلولًا، فالكتاب يأخذك إلى عالمه في رحلة نفسيّة لن تكون أنت بعدها مثلما كنت قبلها.
تقول آمال عواد رضوان في مداخلتها عن أهمية تناول روز شوملي لشخصية جبرا ابراهيم جبرا بالبحث، إنه”في ظل الحاجة وصراع البقاء العنيف وعزة النفس فإنّ جبرا إبراهيم جبرا يشكّلُ مجموع آبار ظامئة للحياة وللعدالة الاجتماعية، عميقة بتجاربها القاسية، صارخة بأصواتها الحزينة، تعجّ بالمحفزات والإبداع وبرؤى الفرح، فطفولة جبرا كانت غنيّة بالتذوّق الجَماليّ وبالحسّ الموسيقيّ، شكّلت أرضيّة صلبة شيّد عليها العديد من الأفكار الموسيقية والتشكيلية والنقدية الفنية ليشكل مع الفنان جواد سليم جماعة بغداد للفن الحديث عام 1951.
فإبداعات جبرا، كما ترى رضوان، تحمل بيت لحم بعاداتها وطقوسها، وسكانها بمختلف شرائحهم وبكل أحداثها الكبيرة والصغيرة. أمّا روح جبرا فقد تجسّدت بسلطة معرفته الأدبية المشحونة بالقصص والحكايات والتراتيل. وفي مداخلتها تقول الباحثة راوية بربارة متحدثة عن جبرا إبراهيم جبرا متسائلة بداية “لماذا يحقّ لجبرا أن تحتفي به الدراسات؟ وأن تحتفي به روز الشوملي، وأن تحتفي به الليلة حيفا؟” لتجيب “لأنّه قبل كلّ شيءٍ صاحب البصمة الخاصّة في النقد، فهو متابعٌ لحركة الفنّ والأدب والثقافة العربيّة والعالميّة، يقرأ ويكتب النقد عن الرواية، والسينما والفنّ التشكيليّ. جبرا أفضل مَن ترجم شكسبير في رأي معظَم النقّاد.
وقد تنوعت كتاباته وأشهرها ‘السفينة‘، و‘البئر الأولى‘، و‘البحث عن وليد مسعود‘ وغيرها ممّا وصل عددُه إلى حوالي سبعين مؤلّفًا، تشهد له بالقوّة في تعامله وتعاطيه مع الواقع. جبرا يستحقّ منّا لقاءً حتّى لو لم يكن بيننا، فمن كتبَ وأبدع مثله لا يموت.
وترى الناقدة أن جبرا رفضَ أن يكرّرَ نفسَه، معتبرا الكتابةَ تفريغًا أحاديَّ المرّةِ، فإذا ما وردت قصّةٌ كان قد فرّغَها في روايةٍ سابقةٍ أشار في الهامش إلى الإحالات القرائيّة، طالبًا من القارئ أن يقرأ الروايةَ السابقةَ التي ذكرتِ الحادثة. وهذه المحاولات للإحالات التناصيّة، أي تداخل نصّ في نصّ للأديب نفسه، إنّما أتت لدرء أيِّ خللٍ يمكن أن ينتجَ عن الإبداع المكرَّر. ما يؤكّدُهُ جبرا بفعلتِه تلكَ أنّ الأدبَ مرآةُ الواقعِ شئنا أم أبينا.