افراسيانت - معن بشوّر - لا يمكن إلاّ أن تعتزّ بانتمائك لأمّتك وبثقتها على مواجهة كل التحديات حين تلتقي بهذه الثلة من أبناء مليلة وسبتة المغربيتين المحتلتين منذ قرون.
في الجلسة التي ضمت في منزلي ثلاثين مشاركاً في الوفد الإنساني الزائر من أقصى المغرب الأقصى، وبينهم رجال دين مسيحيون، كان اعتزاز أهل مليتا وسبتة بأنه رغم محدودية مساحة المدينتين إلاّ أنهما تضمان تنوعاً دينياً وعرقياً يقدم النقيض لكل مشاريع التعصب العرقي والطائفي. فهم يقولون أن مجتعهم كالمجتمع اللبناني بتنوعه، وزيارتهم للبنان هي تعبير عن هذا الشعور الذي لمسوه في زيارتهم البقاع والجنوب والمخيمات وتناولهم أفطاراً رمضانياً مميزاً في الدير الأنطوني في عجلتون بدعوة من الاباتي د. أنطون ضو أحد أوطد جسور الحوار الإسلامي - المسيحي وأبرز إعلام العروبة الحضارية.
وفي الأمسية الرمضانية في منزلي التي ضمت أيضاً الصديق د. زياد حافظ أمين عام المؤتمر القومي العربي، ود.عبد الإله المنصوري عضو اللجنة التنفيذية للمؤتمر، جرى حوار عميق عنوانه هل نفسر محنة الأمّة بالمؤامرة الخارجية عليها فقط، أم أيضاً بوجود خلل داخلي في بناها السياسية والاقتصادية والاجتماعية؟. وهل يمكن مواجهة التبعية دون التحرر من الفساد والاستبداد، خصوصاً أن أركان هذه الثلاثية يغذون بعضهم بعضاً، بل يغذون ظواهر الغلو والتطرف والتوحش التي يستفيد منها أعداء الأمّة لتشويه صورة الإسلام الذي بات ديناً جذاباً لكثير من الوجوه اللامعة في الغرب، بل هذه الظواهر التي تستغل واقع القمع والفقر والجهل الذي تعيشه الأمّة.
أما فلسطين فكانت حاضرة في كل الحوار حيث لم يخف الزوار قلقهم على مستقبلها، وحماستهم لتحريرها عبر المقاومة التي يحملون كل التقدير لحركاتها.
وكم كان تفاعلهم لافتا حين زاروا مدافن شهداء فلسطين وخصوصا ضريح المفتي الشهيد أمين الحسيني والشهيد المغربي المقاوم أبن تطوان الحسين بن يحيي الطنجاوي.
مع هؤلاء القادمين من أقصى الوطن، والخارجين من قرون من محاولات اقتطاعهم من وطنهم، تستطيع أن تلمس عمق الانتماء الوطني والعربي والإسلامي والإنساني لجماعة نقرّ اننا كأمة لم نول قضيتهم العادلة ما تستحقه من اهتمام.