القدس - افراسيانت - أدى مسيحيون فلسطينيون وسياح أجانب امس، صلواتهم على باب كنيسة القيامة في القدس بعد إغلاقها لليوم الثاني على التوالي احتجاجا على فرض إسرائيل ضرائب على كنائس المدينة.
وتواجد العشرات من ابناء الطوائف المسيحية والحجاج في ساحات الكنيسة منذ ساعات الصباح، وعمدوا إلى أداء الصلاة بشكل فردي على باب الكنسية المغلقة في إجراء نادر تاريخيا.
وجرى يوم الأحد، إغلاق الكنيسة التي تعتبر من أقدس الأماكن لدى المسيحيين وموقعا رئيسيا للحج في القدس، وذلك حتى إشعار آخر احتجاجا على فرض ضرائب إسرائيلية.
وقال أديب الحسيني أمين مفتاح الكنيسة للصحفيين إنه "يوم حزين للمسيحيين بإغلاق الكنيسة وهو شيء غريب لأن أماكن العبادة للصلاة وليس لجمع الأموال".
واعتبر الحسيني إغلاق الكنيسة "أمر مأساوي خاصة أننا مقبلون على عيد الفصح، وبالتالي متوقع أن يزور الكنيسة الاف من الحجاج لأداء الصلوات وإحياء العيد".
وأشار إلى أن الوضع القائم (الستاتيكو)، القائم منذ زمن السلطان عبد الحميد العام 1852 يمنع دفع الكنائس ودور العبادة الضرائب "إلا أن إسرائيل تخطط لتغير الوضع وتفرض الضرائب".
وسبق أن أغلقت كنيسة القيامة في نيسان/أبريل من العام 1990 لمدة يومين احتجاجا على استيلاء مستوطنين إسرائيليين على مبنى مقابل لها، بحسب الحسيني.
وأوردت وسائل إعلام إسرائيلية أخيرا أن بلدية الاحتلال في القدس بدأت إجراءات فرض ضرائب على الممتلكات العائدة إلى الكنائس والفاتيكان في القدس والتي كانت معفية من الرسوم في المدينة.
وتعتزم البلدية الإسرائيلية جباية ضريبة الأملاك بما معدله أكثر من 650 مليون شيقل إسرائيلي (الدولار الأمريكي يساوي 3.5 شيقل) من مئات الممتلكات في المدينة التابعة للكنائس وللأمم المتحدة.
وطرح اليوم في الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي مشروع قانون لمصادرة أراضي كانت أجرتها الكنيسة ولكنها باعتها في السنوات الأخيرة لمستثمرين.
واعتبر زياد البندك مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون المسيحية أن فرض الضرائب "يهدف إلى ضرب الوجود المسيحي المحمي من كل الحقب التاريخية التي تواجدت على أرض فلسطين".
وقال البندك للإذاعة الفلسطينية الرسمية إن "إجراء إسرائيل الغاشم غير مسبوق وتجاوز لكل الخطوط الحمراء"، مطالبا بحماية دولية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
وأضاف إن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل في السادس من كانون الاول/ ديسمبر الماضي "شجع إسرائيل لأخذ كثير من الإجراءات التي كانت تترصد فيها".
بدوره، قال رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله إن على إسرائيل "أن تدرك أننا لن نقايض على هوية ومكانة القدس أو على وضع المقدسات فيها، وستبقى عاصمتنا الأبدية والتاريخية".
واعتبر الحمد الله في تصريح على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) أن "مخططات إسرائيل الهادفة إلى اقتلاع الوجود الفلسطيني من المدينة المقدسة وعزلها عن محيطها واستهداف مقدساتها لن تلغي حقوقنا التاريخية العادلة أو تطمس هويتنا وتاريخنا".
وشدد على أن دول العالم "مطالبة بالتحرك الفوري والجاد لإبقاء القدس منارة للانفتاح ورمزا للتعايش والتسامح ولجم الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة لكافة الاتفاقيات والقوانين والأعراف الدولية، التي تحترم حق وحرية ممارسة الشعائر الدينية وتصون الأماكن المقدسة".
من جهتها، قالت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي في بيان صحفي، إن "الكنائس المسيحية قائمة على هذه الأرض قبل إقامة دولة اسرائيل بزمن طويل".
وأكدت عشراوي أن "الهوية الفلسطينية تتضمن أقدم إرث مسيحي مستمر كجزء من الوجود الفلسطيني المتأصل على هذه الأرض، وإسرائيل بإجراءاتها الخطيرة تنتهك الوضع القائم الذي يحكم وضع الكنائس المسيحية في فلسطين منذ قرون".
وطالبت المسؤولة الفلسطينية المجتمع الدولي بـ"الوقوف بجانب الحق والعدالة ولجم إسرائيل ومحاسبتها على انتهاكاتها وجرائمها ووضع حد لسياساتها القائمة على التعصب الديني والإقصاء".
وفي السياق ذاته، اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن فرض إسرائيل الضرائب على كنائس القدس وممتلكاتها "استمرار للحرب الدينية التي تمارس على الفلسطينيين ومقدساتهم".
وقال الناطق باسم الحركة فوزي برهوم في بيان إن الإجراء الإسرائيلي "يعكس التداعيات الخطيرة لقرارات ترامب وسياسات إدارته التي تستهدف الوجود الفلسطيني وتثبت أركان الدولة اليهودية العنصرية المتطرفة".
ورأى برهوم أن ذلك "يستدعي خطوات عملية وفعلية على الأرض ومن كل المستويات لمواجهة هذا الاستهداف الخطير بما في ذلك تصعيد انتفاضة القدس في وجه الاحتلال وتطوير أدواتها".
وطالب الناطق باسم حماس بـ"استنهاض الأمة من أجل الوقوف في وجه كل المشاريع والمخططات التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وفضح هذه المخططات وإفشالها".
ويريد الفلسطينيون إعلان الجزء الشرقي من مدينة القدس عاصمة لدولتهم العتيدة، فيما تصر إسرائيل على اعتبار القدس الموحدة عاصمة لها، علما أنها احتلت الجزء الشرقي من المدينة المقدسة في العام 1967 ولم يعترف المجتمع الدولي بذلك.
والقدس واحدة من قضايا الوضع النهائي للمفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل والمتوقفة منذ العام 2014 بعد تسعة أشهر من المحادثات برعاية أمريكية من دون تحقيق تقدم لحل الصراع الممتد بين الجانبين منذ عدة عقود.