«جيش الإسلام» يريد مضادات للطائرات.. وفوضى أمنية في إدلب
افراسيانت - دمشق ـ السفير- أصبحت بلدة سلمى في ريف اللاذقية الشمالي تحت مرمى نيران الجيش السوري، إثر سيطرته على بعض القرى المطلة عليها من جهة الشرق.
وبينما فشل تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»-»داعش» في تغيير خريطة السيطرة مع الجيش السوري في ريف حلب الشرقي، استمرت معارك الكر والفر في أكثر من منطقة في محيط سد تشرين ومدينة إعزاز.
في هذا الوقت، استمر تدهور الحالة الأمنية في مدينة إدلب، حيث تزايدت وتيرة الاغتيالات والاعتقالات فيها على وقع تصاعد الخلاف بين الفصائل المسيطرة عليها. أما في ريف دمشق، فإن «جيش الإسلام»، بعد مقتل قائده السابق زهران علوش، واصل قتال خصومه من أجل الهيمنة والنفوذ، غير أن ذلك لم يمنعه من متابعة ملف الحل السياسي، ولكن على طريقته.
وأحكم الجيش السوري خلال اليومين الماضيين السيطرة على قرية المغيرية وتلال رويسة القاموع وبنجازة، فيما شكلت سيطرته على قرية كدين الانجاز الأهم بسبب إشراف القرية بشكل مباشر على قرية ترتياح التي تعتبر، بالإضافة إلى خزان كفردلبة، خط الدفاع الأخير بالنسبة للمسلحين عن بلدة سلمى. وقد أحس عناصر «جبهة النصرة» و«التركستانيون» و«الشيشان» على الفور بوطأة هذا الانجاز، حيث بدأ القصف المدفعي يطال بلدة سلمى التي لم تشهد أي عمل عسكري منذ حوالي ثلاث سنوات، بينما نفذت الطائرات الروسية عدة غارات على معاقل وتمركزات المسلحين داخل البلدة. وكان الجيش قد حقق خطوة مهمة باتجاه سلمى منذ بداية عمليته العسكرية قبل ثلاثة أشهر، عندما سيطر على كفردلبة وكفرعجوز ودورين، كما تمكن من قطع خطوط الإمداد بينها وبين ربيعة، من خلال سيطرته على بعض الجبال المرتفعة المطلة، مثل برج القصب وجبل النوبة. ويعني هذا التقدم للجيش السوري أن معركة سلمى أصبحت وشيكة، وهي تنتظر فقط إشارة البدء للانطلاق.
من جهة ثانية، حاول تنظيم «داعش» تغيير خريطة السيطرة في محيط سد تشرين ضد «قوات سوريا الديموقراطية»، لكنه فشل رغم الهجوم المعاكس العنيف الذي شنّه، أمس الأول، على المنطقة. كما فشل في إحداث أي تغيير في قرية النجارة جنوب مدينة الباب، والتي حاول استهدافها للمرة الثانية بعربة مفخخة، لكن الجيش السوري صد الهجوم واحتفظ بالقرية التي تتيح له تلتها استهداف مدينة الباب أحد أهم معاقل التنظيم في ريف حلب الشرقي.
في غضون ذلك، استعادت الفصائل المسلحة في ريف حلب الشمالي، في إطار معارك الكر والفر الدائرة منذ حوالي الشهر، بعض القرى في محيط مدينة إعزاز من يد «داعش» حيث سيطرت، أمس، على قرى قرة كوبري وقرة مزرعة والخربة.
إلى ذلك تصاعدت ردود الأفعال في إدلب ضد «جبهة النصرة» بسبب ارتفاع عدد قتلى الغارات الروسية على «دار القضاء» في معرة النعمان، والذين اتضح أن عدداً منهم هم مواطنون زجت بهم «النصرة» في سجونها لأسباب مختلفة. وقال القيادي السابق في «جبهة النصرة» صالح الحموي بأنه كان على «النصرة» إفراغ سجونها منذ الغارة السابقة على «المحكمة الشرعية» في مدينة إدلب قبل أسبوعين. وطالب بعض وجهاء المدينة «النصرة» بدفع دية القتلى. وسبق لأهالي المدينة أن قدموا عدة اعتراضات إلى «جبهة النصرة» بسبب وضعها مبنى «المحكمة والسجن» بين الأحياء السكنية لتهديده حياة المدنيين، إلا أن الأخيرة لم تستجب لهذه الاعتراضات.
وفي إدلب أيضاً، نجا القيادي في «أحرار الشام» أبو طالب إبلين من محاولة اغتيال بعبوة استهدفت سيارته على طريق كفرحايا-الرامي، لكنه أصيب بجروح ونقل إلى المستشفى. وتأتي هذه الحادثة بعد أيام على مقتل قائد «أحرار الشام» في حمص أبي راتب الحمصي. كما أنها تأتي بعد ساعات من إصدار «جند الأقصى» بياناً استنكرت فيه إقدام مندوب «أحرار الشام» في «جيش الفتح» على إعدام خمسة معتقلين بتهمة التعاون مع «داعش»، اثنان منهم من عناصر «جند الأقصى». وقد أعلن الأخير نتيجة ذلك انسحابه من «القوة التنفيذية» لـ«جيش الفتح» التي تعتبر بمثابة الذراع العسكري لـ «المحاكم» وتكون مهمتها إنفاذ قرارات القضاء بالقوة.
وما يشير إلى مدى تأزّم الأوضاع الأمنية داخل مدينة إدلب، بالإضافة إلى ما سبق، قيام عناصر من «جبهة النصرة» بمداهمة مقر «راديو فريش» في كفرنبل واعتقال الناشطين هادي العبدالله ورائد فارس، ومصادرة أجهزة البث بعد إغلاق مبنى الراديو. وقد تبين أن سبب الاعتقال هو عدم التزام إدارة الراديو بتوصيات «اللجنة الدعوية في جبهة النصرة» بضرورة الامتناع عن بث الأغاني وإشاعة الفسق. ولكن يبدو أن خلفيات الأمر أبعد من ذلك، لأن عناصر «النصرة» أجبروا العبدالله، الذي اخلي سبيله في وقت لاحق، وغيره من النشطاء على الدعس بأقدامهم على «علم الثورة». وهذه هي المرة الثانية التي يتعرض فيها العبدالله لاعتداء من «جبهة النصرة» في نفس المكان، حيث قام أحد قادتها بصفعه على وجهه أثناء مداهمة سابقة، واكتفى العبد الله آنذاك بتقديم شكوى إلى «دار القضاء». ومع ذلك كان الأخير أحد الإعلاميين الذين شاركوا في «المؤتمر الصحافي» لزعيم «النصرة» أبي محمد الجولاني الشهر الماضي.
إلى ذلك، استمرت المواجهات في مدينة الضمير بريف دمشق، بين «جيش الإسلام» من جهة وكتائب من «جيش تحرير الشام» بقيادة فراس البيطار من جهة ثانية، وذلك بعد أيام من اشتباكات مماثلة اندلعت في القابون بين «جيش الإسلام» و «لواء فجر الأمة»، الأمر الذي يشير إلى أن سياسة «جيش الإسلام»، بعد مقتل قائده زهران علوش، لم تتغير حيال هذه الفصائل، رغم تغيير سياسته، ولو ظاهرياً، تجاه «أحرار الشام» و «جبهة النصرة» اللتين دخل معهما في تحالف مشترك لصد هجوم الجيش السوري على الغوطة انطلاقاً من منطقة المرج.
وكان «جيش الإسلام» أصدر بياناً طالب فيه بتزويده بصواريخ ضد الطائرات، معتبراً أن هذه أفضل طريقة لإجبار «النظام السوري على التوصل لتسوية». وأشار البيان إلى أنه من غير المقبول الحديث عن حل سياسي للحرب، بينما يموت الناس من الجوع والقصف.