افراسيانت - بعد أربعة أيام على اعتداءات باريس التي يزورها وزير الخارجية الأميركي جون كيري لتقديم الدعم، تتواصل حملة مطاردة مشتبه فيه قد يكون المنفّذ الثامن لاعتداءات باريس والتعرّف على آخر الانتحاريين.
كما تتواصل حملات الدعم الدولية لباريس، حيث أيّد الاتحاد الأوروبي "بالإجماع" طلب المساعدة الذي قدّمته فرنسا بعد الاعتداءات، في وقت أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني أن محاربة تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام"-"داعش" تحتاج إلى "كامل قوتنا".
وكان وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان طلب، الثلاثاء، من دول الاتحاد الاوروبي "مشاركة عسكرية متزايدة" في بعض مواقع العمليات في الخارج، داعياً إلى "دعم" فرنسا في مكافحة التنظيم.
واستشهد لودريان ببند من المعاهدات الأوروبية ينصّ على التضامن في حال تعرّض احدى دول الاتحاد لعدوان. وقال خلال اجتماع لوزراء الدفاع الاوروبيين في بروكسل: "لن يكون بوسع فرنسا أن تبقى وحيدة في هذه المواقع".
وهي المرة الأولى التي تستشهد دولة من أعضاء الاتحاد الاوروبي بهذا البند المشابه في مبدئه للمادة الخامسة من معاهدة "الحلف الأطلسي" والتي استندت إليها الولايات المتحدة بعد اعتداءات 11 ايلول 2001 وصولاً إلى تدخّل الحلفاء في افغانستان.
وقالت وزيرة خارجية الاتحاد فدريكا موغيريني، الثلاثاء، "اليوم أعرب الاتحاد الأوروبي بالإجماع على لسان جميع دوله الأعضاء عن أشد دعمه واستعداده لتقديم المساعدة المطلوبة" لفرنسا بعد الاعتداءات التي ضربت باريس.
وأضافت موغيريني أنها مادة "لم تُستخدم من قبل في تاريخ اتحادنا".
وقال إنه "دعم بالإجماع"، إنه "ميثاق سياسي كبير جداً، سيُتيح لنا الآن في الساعات المقبلة إجراء الاتصالات الثنائية الضرورية" لفرنسا مع كل من الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي، للاتفاق بالضبط على المساعدة التي تُعرب كل دولة عن استعدادها لتقديمها بصورة ملموسة إلى الفرنسيين.
وبعد الاجتماع مع زملائه الأوروبيين، أوضح أنه لمس "تأثّراً شديداّ من زملائه"، مشيراً إلى أن عدداً منهم تحدّث باللغة الفرنسية للتعبير عن دعمه.
وبعد وصوله إلى باريس من تركيا حيث حضر اجتماعات مجموعة العشرين، توجّه كيري مباشرة إلى السفارة الأميركية في وسط باريس وضغط على مفتاح كهربائي لتتحوّل الإضاءة خارج المبنى إلى الألوان الأزرق والأبيض والأحمر وهي ألوان العلم الفرنسي.
وقال كيري: "لا يشكّ أحد أن الضوء مازال يسطع في مدينة النور ... لقد مرّ على باريس لحظات أسوأ وتجاوزتها"، مؤكداً أن الولايات المتحدة ستقف "جنباً إلى جنب" مع فرنسا في تصميمها على هزيمة "داعش".
وأضاف: "الليلة نحن جميعاً باريسيون ... وفي النهاية سنهزم داعش (الدولة الإسلامية) وجميع من يشاركونها فكرها الخسيس. هذه مهمتنا في فرنسا ... سنقوم بها معاّ وسننتصر".
كما شدّد روحاني، في اتصال هاتفي مع هولاند، على أن العالم يحتاج إلى كل قوّته لمحاربة "داعش"، مؤكداً أهمية المفاوضات من أجل تسوية النزاع السوري.
وسعياً لتشكيل ائتلاف موحّد ضدّ "داعش"، يزور الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، كلاً من أميركا وروسيا الأسبوع المقبل، للقاء نظيريه باراك أوباما وفلاديمير بوتين.
داخلياً، نفّذت قوات الأمن الفرنسية "128 عملية دهم" ليل الاثنين الثلاثاء في إطار حال الطوارئ التي أُعلنت في البلاد إثر اعتداءات باريس الجمعة. وأوضح مقرّبون من وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف أنه تمّ توقيف عشرة أشخاص واعتقالهم رهن التحقيق.
وقال رئيس الوزراء مانويل فالس إن عدد الأشخاص الضالعين في اعتداءات باريس الجمعة "لا يزال مجهولاً"، طارحاً فرضية وجود شركاء في فرنسا وبلجيكا.
وأضاف: "علينا اليوم بالتالي التركيز على التحقيق. لا نملك بعد الحقيقة كاملة، الرؤية كاملة للواقع، وبالأخص عدد الضالعين في اعتداءات مساء الجمعة".
وتساءل: "هل هناك فرقتان أم ثلاثة فرق، كيف تحرّكت، وما الذي جرى تحديداً في ستاد دو فرانس" مؤكداً أن "التحقيق مستمر ولكن وسط التكتم الضروري"، موضحاً أن "الهدف لا يقتصر على تدمير داعش ... بل يشمل كذلك التوقيف والاعتقال وفهم ما حصل فعلاً".
وفي آخر مستجدّات التحقيق، عثرت الشرطة الفرنسية على سيارة من نوع "رينو كليو" يُعتقد أنها استخدمت من قبل عدد من المهاجمين الذين نفّذوا الهجمات.
وطوّقت الشرطة المنطقة التي عثرت فيها على السيارة، المرخّصة في بلجيكا، في الضاحية 18 في شمال باريس، وفتّشتها قبل أن تنقلها بعيداً لمواصلة التحقيق.
ولا يزال البحث مستمراً في فرنسا وبلجيكا اليوم الثلاثاء عن أحد المهاجمين الثمانية.
وأعلن مصدر قضائي أن محقّقين فتشوا منزلاً في ضاحية بوبيني استأجره أحد الانتحاريين، لكنّها لم تعثر على دليل ذي فائدة.
وفي النمسا، قالت وزيرة الداخلية يوهانا ميكل لايتنر إن مشتبهاً فيه في هجمات باريس سافر إلى النمسا من ألمانيا في أيلول لأسباب غير معروفة.
وأفادت إذاعة "او ار اف" بأن المشتبه فيه هو الفرنسي البلجيكي المولود صلاح عبد السلام (26 عاما) الذي فرّ عائداً إلى بلجيكا صباح السبت واستطاع الإفلات من حملة اعتقالات للشرطة في حي مولنبيك في بروكسل حيث كان يعيش مع أخويه.
وقالت لايتنر: "أحد الجناة المشتبه فيهم دخل النمسا من ألمانيا في أيلول والسؤال الآن هو أين أقام في النمسا ولأي غرض. التحقيقات تجري بشكل كامل. لقد قال إنه ذاهب لقضاء عطلة في فيينا لكن لا توجد أدلة أخرى حتى الآن".
وفي بلجيكا، عثرت الشرطة على طلقات رصاص ومواد كيميائية يُمكن استخدامها في تصنيع قنبلة في منزلي رجلين في بروكسل اعتُقلا للاشتباه في ارتكابهما جرائم ارهابية ذات صلة باعتداءات باريس.
ونقلت صحيفة "ديرنيير أور" البلجيكية عن مصدر لم تكشف هويته، قوله إن الرجلين المحتجزين كان لديهما في منزلهما مادة نترات الأمونيوم المستخدمة في الأسمدة.
وذكرت الصحيفة أن الرجلين نفيا شرائها لتصنيع متفجرات.
ويقول محامو الرجلين إنهما بريئان وتورّطا في القضية لأنهما سافرا بالسيارة إلى باريس السبت لإحضار صلاح عبد السلام وهو مشتبه فيه رئيسي هارب بعدما اتصل بهما ليقول إن سيارته تعطّلت.
وذكرت الصحيفة أن الشرطة عثرت على ذخيرة في منزل أحد الرجلين من بينها طلقات رصاص لبندقية "كلاشينكوف" من النوع الذي استخدمه المهاجمون في باريس.
وفي المانيا، أفاد تلفزيون "إيه آر دي" بأن الشرطة الألمانية ألقت القبض على ثلاثة أشخاص في مدينة آخن غرب المانيا في عملية مرتبطة باعتداءات باريس.
(السفير- "ارنا"، ا ف ب، رويترز)