افراسيانت - التقى الرئيس الأميركي باراك أوباما امس الاثنين مع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض للمرة الأولى بعد تراكم سلسلة من الإهانات والاتهامات المتبادلة بين الزعيمي، انعكست انقساما غير مسبوق على الساحة السياسية الاميركية بشأن إسرائيل وذلك كنتيجة لاساليب وتحريض نتنياهو العدواني الذي استند لقوة وتأثير اللوبي الإسرائيلي في العاصمة الأميركية بشكل عام وفي الكونغرس بشكل خاص.
وبحث أوباما مع نتنياهو تمديد مذكرة التفاهم الخاصة بحزمة المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل، والتي من المقرر أن تنتهي عام 2017، (تبلغ قيمتها 31 مليار دولار)، لعشر سنوات، إلا أن مصادر مطلعة تقول بأن نتنياهو طالب برفع المبلغ السنوي المقدم ليصبح 4 مليارات أو ما مجموعه 40 مليار دولار خلال فترة السنوات العشر المحددة.
وتم خلال اللقاء بحث "أساليب تخدم تخفيف التوتر والعنف القائمين بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي لاستعادة الهدوء" بما يسمح في إعادة إنعاش عملية السلام عبر التفاوض المباشر.
وبينما أعرب أوباما عن معارضة الإدارة الأميركية للنشاط الاستيطاني المستمر في الاراضي الفلسطينية فإنه في الوقت نفسه عبر عن معارضة إدارته "للخطوات الانفرادية الفلسطينية" في المحافل الدولية انطلاقا من انه "ليس هناك بديلاً للمفاوضات المباشرة كوسيلة وحيدة لتحقيق سلام يقوم على مبدأ حل الدولتين".
من جهته قال نائب مستشارة الأمن القومي الأمريكي، بين رودس "إن الرئيس أوباما يشعر بخيبة أمل من عدم تمكنه من دفع الطرفين، الإسرائيلي والفلسطيني على التوصل إلى حل سياسي للنزاع، وأن أوباما يفكر في إلقاء خطاب يعبر فيه عن رؤيته بالنسبة للحل المنشود".
وأضاف رودس، إن "المجتمع الدولي سيواصل التعبير عن قلقه وانزعاجه من عدم إحراز التقدم نحو حل الدولتين، وإزاء توسيع النشاط الاستيطاني الإسرائيلي"، بحسب ما أوردته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية.
وكان نتنياهو (وصل واشنطن مساء الأحد) قال في مستهل جلسة مجلس الوزراء الأسبوعية، قبيل إقلاعه متوجهاً إلى واشنطن الأحد انه سيناقش مع الرئيس أوباما تعزيز أمن إسرائيل والحفاظ على تفوقها العسكري النوعي في منطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى الأوضاع في سوريا والملف الفلسطيني.
وتناول اللقاء بين اوباما ونتنياهو عدداً من القضايا الإقليمية، من بينها الأزمة السورية، والاتفاق النووي بين إيران ومجموعة الـ " 5+1"، التي تضم روسيا والولايات المتحدة والصين وفرنسا وبريطانيا، إلى جانب ألمانيا.
ويقوم رئيس الوزراء الإسرائيلي بزيارة رسمية إلى واشنطن تستغرق ثلاثة أيام، ومن المقرر أن يلتقي ممثلي الجالية اليهودية في الولايات المتحدة، إلى جانب لقائه عددا من المسؤولين الأميركيين وأعضاء في الكونغرس.
كذلك نجح اللوبي الإسرائيلي (إيباك) بالضغط على "مركز التقدم الأميركي" وهو مركز أبحاث ليبرالي في واشنطن مقرب من المرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة عام 2016 هيلاري كلينتون، وهي المرة الأولى التي يُدعى فيها نتنياهو لإجراء حوار في مركز بحثي ليبرالي، وذلك لتحسين صورته كشخصية سياسية يمينية ومتطرفة في الولايات المتحدة " بحسب مصادر مقربة من "إيباك".
ويلاحظ أن عددا من الإعلاميين الذين يعملون في وسائل الإعلام الليبرالية مثل صحيفة "نيويورك تايمز" بدأوا بالتخفيف من حدة اللهجة المناهضة لنتنياهو حيث كتب كل من بيتر بايكر وجودي ردورن تقريراً نشرته الصحيفة الاثنين تحت عنوان "أوباما ونتانياهو، تاريخ من الإهانات والانتقادات المتبادلة" قالا فيه ان العلاقة الممزقة بين الرئيس باراك أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو هي نتيجة "سلسلة من سوء الفهم والانتقادات المتبادلة والإهانات المتصورة والحقيقية، وذلك لانعدام الثقة والانقسام الأيديولوجي، حيث تجاهل كل زعيم منهما الآخر على مدى سنوات إلى أن قادت القطيعة بشأن الاتفاق النووي مع إيران إلى مشهد انتقاد نتنياهو لجهود الرئيس الأميركي خلال اجتماع مشترك في الكونغرس".
ودعت الصحيفة الزعيمين إلى "رؤية الأسباب التي يجب أن تدفعهما لنسيان الماضي والمضي قدماً، ومنها مناقشة اتفاقية أمنية جديدة وسبل مواجهة إيران".
ولكن الكاتبين لا يعتقدان أن علاقتهما (أوباما ونتياهو) قد تصبح أكثر دفئاً، نظراً إلى أن وجهات نظريهما مختلفة تماما بشأن العالم "إذ يرى أوباما أن نتنياهو وقع أسيراً لأيديولوجية متشددة تمنعه من التقدم، ويعتقد أن أوباما يتعامل بسذاجة شديدة مع واحدة من أكثر المناطق اضطراباً في العالم".
ويقول مارتن إنديك، المبعوث الخاص السابق للرئيس الاميركي إلى الشرق الأوسط، إن علاقة الزعيمين متوترة بسبب اعتقاد كل منهما بأن الآخر يحاول إحباط جهوده وإفشال سياساته والضغط عليه ومهاجمته" فيما يوضح عوزي أراد مستشار الأمن القومي السابق لنتنياهو -بحسب نيويورك تايمز- أن الخلاف لم يحدث بسبب قضية معينة ولكنه جاء تدريجياً واتسع بمرور الوقت مؤكداً أن اللوم لا يقع على طرف واحد.
وتشير الصحيفة إلى أن العداء القائم بين الولايات المتحدة وإسرائيل ليس فريداً من نوعه في تاريخ العلاقات بين الحكومتين، ولكنه الأسوأ منذ أكثر من عقدين من الزمن، إذ يشعر نتنياهو بأن أوباما لا يحترمه وأنه لا يكترث لمصلحة إسرائيل في حين يشعر الرئيس الأمريكي بالظلم لوصفه بانه معاد لإسرائيل رغم المساعدات الأمنية الواسعة التي يزودها بها ومحاربته لجهود الفلسطينيين الرامية للحصول على اعتراف الأمم الدولة بدولتهم.
وكان قد جاء على لسان أحد مسؤولي البيت الأبيض الأسبوع الماضي تخلي الرئيس أوباما عن أمله في إبرام اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين بسبب عزوف الطرفين عن اتخاذ "خطوات كافية للمضي قدماً" رغم المحاولات المتكررة لصنع السلام خلال السنوات السبع الماضية بالنظر إلى أن أوباما جعل التفاوض على حل الدولتين إحدى أولويات إدارته منذ بداية ولايته.