فيينا - افراسيانت - تعثر لقاء فيينا الذي عقد امس الجمعة في محاولة لايجاد تسوية سياسية للازمة السورية بسبب مصير الرئيس السوري بشار بشكل خاص، لكن المجتمعين اعلنوا عزمهم على الاجتماع مجددا خلال اسبوعين، في حين اعلنت الولايات المتحدة للمرة الاولى عن ارسال جنود على الارض في سوريا.
وفيما بحثت ابرز الاطراف الدولية المعنية بالملف السوري بينها ايران للمرة الاولى، امكانات التوصل الى حل سياسي للنزاع الذي يمزق سوريا منذ حوالى خمس سنوات، اعلنت الادارة الاميركية نشر قوات خاصة في سوريا لكنها اكدت في الوقت نفسها انها لن تشارك مباشرة في المعارك.
على الارض، شهد امس الجمعة تصعيدا في العمليات العسكرية التي قتل فيها 90 شخصا في المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة قرب دمشق وفي شمال سوريا.
وعند خروجه من فندق (امبريال) في ختام ثماني ساعات من المحادثات بين عشرين وفدا، قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس "تطرقنا الى كل المواضيع حتى الاكثر صعوبة منها. هناك نقاط خلاف، لكننا تقدمنا بشكل كاف يتيح لنا الاجتماع مجددا بالصيغة نفسها خلال اسبوعين".
واضاف فابيوس "هناك نقاط لا نزال مختلفين حيالها، وابرز نقطة خلاف هي الدور المستقبلي لبشار الاسد".
وقال الوزير الفرنسي ايضا "الا اننا اتفقنا على عدد معين من النقاط، خصوصا حول الالية الانتقالية واجراء انتخابات وطريقة تنظيم كل ذلك ودور الامم المتحدة".
بدوره، اعلن وزير الخارجية الاميركي ، جون كيري، ان المشاركين اتفقوا على ضرورة الحفاظ على الدولة السورية وكلفوا الامم المتحدة التفاوض حول وقف لاطلاق النار وتنظيم انتخابات عامة.
واضاف كيري ان بلاده مع روسيا وايران "اتفقت على عدم الاتفاق" حول مصر الرئيس السوري الذي سيشكل بالتأكيد نقطة الخلاف الاساسية خلال الاسابيع او الاشهر المقبلة.
وتابع كيري في مؤتمر صحافي "ان موقف الولايات المتحدة انه من غير الممكن ان يتمكن الاسد من توحيد وحكم سوريا"، مضيفا "نعتقد ان السوريين يستحقون ان يكون لديهم خيار افضل".
من جانبه، قال نائب وزير الخارجية الايراني، حسن امير عبداللهيان، في ختام الاجتماع حسب ما نقلت عنه وكالة الانباء الايرانية ان "بعض الدول حاولت اعتماد روزنامة لرحيل بشار الاسد، الا انه بفضل الجهود التي بذلت الغي هذا الامر".
وحسب الممثلة العليا لسياسة الاتحاد الاوروبي الخارجية الايطالية فيديريكا موغيريني فإن "مشاكل كبرى لا تزال قائمة، لكننا توصلنا الى نقاط اتفاق. هذا الاجتماع لم يكن سهلا لكنه كان تاريخيا".
وفيما كان الدبلوماسيون يجتمعون في فيينا، اعلنت واشنطن عن ارسال حوالي خمسين عنصرا من القوات الخاصة الى سوريا، للمرة الاولى، الى جانب ارسال طائرات هجومية من نوع (ايه-10) ومقاتلات (اف-16) الى قاعدة تركية.
وانتقد لافروف هذا القرار مذكرا "بان اي عملية عسكرية اكانت جوية او برية هي بحاجة لموافقة الحكومات المعنية ومجلس الامن".
* حل سياسي "صعب"
وعن ارسال جنود اميركيين الى الارض في سوريا، اكد الناطق باسم البيت الابيض ان الاستراتيجية الاميركية في سوريا "لم تتغير"، مشيرا الى ان العسكريين الذين سيرسلون الى سوريا لن يقوموا "بمهام قتالية".
ورغم انه لم يكن من المتوقع احراز تقدم دبلوماسي كبير في فيينا وخصوصا حول دور الرئيس السوري بشار الاسد المدعوم من موسكو وطهران، الا ان مجرد مشاركة اطراف متباعدة جدا حول هذا الملف، اعتبر بمثابة تقدم.
وغابت سوريا، حكومة ومعارضة، عن المحادثات التي شاركت فيها ايضا تركيا والعراق والاردن ومصر ولبنان والامارات العربية المتحدة والاردن وايطاليا والمانيا وفرنسا وبريطانيا والصين، بالاضافة الى الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة.
وقال وزير الخارجية الروسي "لقد تمكنا اخيرا من جمع كل الاطراف على طاولة واحدة بدون استثناء".
واضاف في ختام الاجتماع ان "العملية السياسية يجب ان تقود الان الى اتفاق بين الاطراف (السورية) للتوصل الى اقامة هيكلية تتيح تسوية المسائل الحيوية للبلاد وتحضير دستور جديد وتنظيم انتخابات عامة".
واكد لافروف إن المحادثات متعددة الأطراف التي استضافتها فيينا اليوم الجمعة حول الأزمة السورية فشلت في التوصل لاتفاق على مصير الرئيس السوري بشار الأسد.
وفي تصريحات صحافية عقب المحادثات، قال لافروف إنه يرى أن "الشعب السوري هو من يقرر مصير الأسد"، معربا عن أمله في المزيد من التسويات لإنهاء الحرب الأهلية السورية.
وهو الاجتماع الجدي الاول على هذا المستوى سعيا الى تسوية سياسية للنزاع الذي أودى بحياة اكثر من 250 الف شخص وشرد الملايين.
وعقد اجتماع دولي في حزيران (يونيو) 2012 ضم ممثلين عن الدول الخمس الكبرى في مجلس الامن والامم المتحدة وجامعة الدول العربية صدر عنه ما عرف ببيان (جنيف )1 الذي نص على تشكيل حكومة بصلاحيات كاملة من النظام والمعارضة تشرف على المرحلة الانتقالية.
وعقدت في نهاية 2013 ومطلع 2014 جولتا مفاوضات بين وفدين من الحكومة والمعارضة باشراف الامم المتحدة لم تؤد الى نتيجة.
وفي اجتماع امس ، جلس وزير الخارجية الاميركي جون كيري على رأس الطاولة التي جمعت ابرز الاطراف المعنية بالنزاع والتي تنقسم بين داعمة للنظام واخرى داعمة للمعارضة، بالاضافة الى دول تحاول ان تبقى على مسافة من النزاع وان كانت تتأثر به.
وتمثلت غالبية الدول بوزراء الخارجية باستثناء الصين التي اوفدت نائب وزير الخارجية لي باودونغ، في حين مثل الامم المتحدة مبعوثها الخاص الى سوريا ستافان دي مستورا.
واتخذ وزير الخارجية السعودي عادل الجبير مكانا بعيدا عن وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف في قاعة الاجتماعات في فندق (امبريال).
الا ان خبراء اعتبروا ان مجرد جلوس ايران والسعودية الى طاولة واحدة يعد تقدما.
واكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية، ان الرياض تتمسك برأيها بان الاسد يجب ان يتنحى عن منصبه بسرعة.
واضاف "سيغادر اما من خلال عملية سياسية او سيتم خلعه بالقوة".
وكان فابيوس صرح لدى وصوله الى مقر الاجتماع بالقول "يجب أن تكون الاولوية لمكافحة أكثر فعالية للارهابيين" في تنظيم الدولة الاسلامية وجبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة.
واضاف "ثم لا بد من تنظيم عملية الانتقال السياسي (...) لا يمكن للاسد، المسؤول عن جزء كبير من المأساة السورية، ان يكون ضمن مستقبل سوريا".
واعرب مسؤولون اميركيون عن املهم في أن يتفق المشاركون على الخطوط العريضة لعملية انتقالية من شأنها أن تؤدي في نهاية المطاف الى تنحي الاسد.
الا ان كيري استبعد التوصل الى حل فوري، مشيرا في الوقت نفسه الى وجود امل.
وقال قبيل الاجتماع "لدي آمال لا اصفها بالتفاؤل. آمل في ان نتمكن من التوصل الى طريقة للمضي قدما. انه أمر صعب".
وخفف المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف من جهته من احتمالات التوصل الى حل سريع، وقال ان "التوصل الى تسوية سياسية سيكون أمرا صعبا طالما لم يتم توجيه ضربات مؤلمة للجماعات المتطرفة والارهابية".
وفيما يلي النص الكامل للبيان المشترك الصادر اليوم الجمعة بعد المحادثات الوزارية بشأن إيجاد حل سياسي لإنهاء الحرب الأهلية السورية كما اتفقت عليه 17 دولة والاتحاد الاوروبي والأمم المتحدة.
النص:
المجتمعون في فيينا في الثلاثين من أكتوبر تشرين الأول -وهم الصين ومصر والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيران والعراق وإيطاليا والأردن ولبنان وعمان وقطر وروسيا والسعودية وتركيا والإمارات والمملكة المتحدة والأمم المتحدة والولايات المتحدة ("المشاركون")- التقوا لبحث الوضع الخطير في سوريا وسبل إنهاء العنف في أقرب وقت ممكن.
وأجرى المشاركون مناقشات صريحة وبناءة شملت القضايا الرئيسية. ولا تزال توجد خلافات جوهرية بين المشاركين إلا أنهم توصلوا لتفاهم مشترك على النقاط التالية:
1- وحدة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها وهويتها العلمانية أمور أساسية.
2- مؤسسات الدولة ستظل قائمة.
3- حقوق كل السوريين يجب حمايتها بصرف النظر عن العرق أو الانتماء الديني.
4- ضرورة تسريع كل الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب.
5- ضمان وصول المنظمات الإنسانية لكل مناطق سوريا وسيعزز المشاركون الدعم للنازحين داخليا وللاجئين وللبلدان المستضيفة.
6- الاتفاق على ضرورة هزيمة داعش (تنظيم الدولة الإسلامية) وغيرها من الجماعات الإرهابية كما صنفها مجلس الأمن الدولي واتفق عليه المشاركون.
7- في إطار العمل ببيان جنيف 2012 وقرار مجلس الأمن الدولي 2118 فإن المشاركين وجهوا الدعوة للأمم المتحدة لجمع ممثلي الحكومة والمعارضة في سوريا في عملية سياسية تفضي إلى تشكيل حكومة ذات مصداقية وشاملة وغير طائفية على أن يعقب تشكيلها وضع دستور جديد وإجراء انتخابات. وينبغي إجراء هذه الانتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة بموافقة الحكومة وبالتزام أعلى المعايير الدولية للشفافية والمحاسبة وأن تكون حرة نزيهة يحق لكل السوريين ومنهم المغتربون المشاركة فيها.
8- سوريا هي التي تملك وتقود هذه العملية السياسية والشعب السوري هو من يحدد مستقبل سوريا.
9- المشاركون ومعهم الأمم المتحدة سيدرسون ترتيبات وتنفيذ وقف لإطلاق النار بكل أنحاء البلاد يبدأ في تاريخ محدد وبالتوازي مع هذه العملية السياسية الجديدة.
ويعكف المشاركون في الأيام المقبلة على تضييق هوة الخلافات المتبقية والبناء على نقاط الاتفاق، على ان يجتمع الوزراء خلال اسبوعين لمواصلة هذه المباحثات.