افتتاح أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة .. أوباما يندد بالأسد.. وبوتين يتمسك بدعم دمشق
افراسيانت - افتتح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أمس، أعمال الجمعية العامة الـ70 للمنظمة الدولية بدعوة أوروبا لبذل المزيد من الجهود لحل أزمة الهجرة، فيما برز التناقض بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي باراك أوباما بشأن وضع الرئيس السوري بشار الأسد ودعم الحكومة والجيش السوري.
وقال بان كي مون، أمام قادة العالم، «أحث أوروبا على القيام بالمزيد» من الجهود، مؤكداً أن معالجة هذه الأزمة يجب أن تكون «بموجب القوانين الدولية وحقوق الإنسان والتعاطف».
واعتبر أن الحل في مواجهة هذه الظاهرة «ليس عبر بناء جدران»، كما فعلت المجر على سبيل المثال، وإنما عبر معالجة أسباب هذا النزوح مثل الحروب والاضطهاد الديني. ولفت إلى انه دعا إلى اجتماع وزاري في الأمم المتحدة غداً في محاولة لتحديد «مقاربة شاملة» لمواجهة أزمة الهجرة، مشيراً إلى أن لبنان وتركيا والأردن يستضيفون ملايين اللاجئين السوريين والعراقيين.
واعتبر بان كي مون أن خمس دول، هي روسيا والولايات المتحدة والسعودية وإيران وتركيا، تملك الحل للأزمة السورية، داعياً إلى المزيد من الجهود لتسوية الأزمة. وقال إن «العجز الديبلوماسي لمجلس الأمن الدولي وغيره على مدى 4 سنوات أدى إلى خروج الأزمة السورية من السيطرة»، مشيراً إلى أن «المسؤولية الأساسية عن تسوية النزاع تقع على الأطراف المتنازعة في سوريا الذي حوَّل بلادهم إلى أنقاض». وأشار إلى أن قوى إقليمية ومنافستها تغذي النزاع، عبر تقديم الأسلحة إلى جميع الأطراف، داعياً مجلس الأمن ودول المنطقة الرئيسية للمضي قُدماً في مجال تسوية الأزمة.
كما دعا بان كي مون، للمرة الأولى، إلى إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية. وقال «أناس أبرياء يدفعون ثمن البراميل المتفجرة والإرهاب»، معتبراً أنه «يجب ألا يكون هناك حصانة على الجرائم البشعة». وحث العالم على الوقوف بوجه وحشية الجماعات المتشددة، ضمنها «داعش».
وأكد بان كي مون أنه لا يوجد حل عسكري للنزاع في اليمن، داعياً جميع الأطراف المعنية للجلوس وراء طاولة المفاوضات وتسوية الأزمة من خلال الحوار، وإلى وقف القصف في اليمن الذي يدمر المدن والبنى التحتية والتراث التاريخي في هذا البلد.
وحذر من الانحراف الخطير لعملية حل النزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، داعياً المجتمع الدولي للضغط على الطرفين من أجل العودة إلى المفاوضات. وأشاد بأهمية الاتفاق النووي بين إيران و «السداسية» الدولية، وبأهمية تبني الأمم المتحدة خطة التنمية المستدامة حتى عام 2030.
وقالت رئيسة البرازيل ديلما روسيف إن اقتصاد بلادها تحسن بشكل كبير عن السنوات الماضية، فيما ألقى الملك الأردني عبد الله الثاني كلمة دعا فيها العالم الى مساعدة الأردن ولبنان لمواجهة أعباء اللاجئين.
وأكد الرئيس الصيني شي جين بينغ ضرورة بناء مستقبل العالم بجهود جميع البلدان.
أوباما
وأدان أوباما من يؤيدون قادة مثل الرئيس السوري بشار الأسد الذي وصفه بأنه «طاغية قاتل للأطفال». وقال إن بعض الدول تفضل الاستقرار على النظام الدولي الذي ينص عليه ميثاق الأمم المتحدة، وتحاول فرضه بالقوة. وأضاف «يقال لنا إن هذا الوضع هو المطلوب للتغلب على الفوضى، وهو السبيل الوحيد للقضاء على الإرهاب أو لمنع التدخل الخارجي». وتابع «استناداً إلى هذا المنطق، علينا أن ندعم طغاة مثل بشار الأسد الذي يلقي البراميل المتفجرة لقتل الأطفال الأبرياء لأن البديل هو أسوأ بالتأكيد».
لكن أوباما أكد أن «الولايات المتحدة مستعدة للعمل مع كل الدول، بما فيها روسيا وإيران لحل النزاع، ولكن ينبغي أن نقر بأنه بعد هذا الكم الكبير من المجازر وسفك الدماء، لا يمكن العودة إلى الوضع الذي كان قائماً قبل الحرب، وعندما يقتل الأسد عشرات الآلاف من أبناء شعبه لا يمكن لنا أن نعتبر ذلك شأناً داخلياً». وقال «الواقع يحتم التوصل إلى حل وسط من أجل إيقاف الاشتباكات المسلحة، لكن الواقع يحتم وجود مرحلة انتقالية منظمة من الأسد إلى رئيس جديد مع حكومة شاملة».
وأضاف «لا مجال لقبول طائفة تؤمن بقرب نهاية العالم مثل داعش، ولن تعتذر الولايات المتحدة عن استخدام قواتها كجزء من تحالف واسع لملاحقته». وتابع إن «الديموقراطية وسماع حقوق الآخرين هو الذي جعل أميركا أقوى دولة في العالم، والحكومات التي تقمع معارضيها، تثبت ضعفها وليس قوتها، كما أن الزعماء الذين يعادون دساتير بلادهم هم في الحقيقة عاجزون عن قيادة بلد ناجح. تجارب التاريخ علمتنا أن الأنظمة التي تخشى شعوبها هي التي حتماً ستنهار، وعلينا أن نمضي للأمام وأن ندافع عن الديموقراطية، فكوارث مثل تلك التي حلت بسوريا لا يمكن أن تحدث في أي بلد ديموقراطي يحترم المبادئ العالمية التي من أجلها تأسست الأمم المتحدة».
واعتبر أوباما أن العقوبات الغربية على روسيا بسبب أوكرانيا «ليست رغبة في العودة إلى الحرب الباردة»، مشدداً على أنه لا يمكن للعالم الوقوف متفرجاً فيما تنتهك روسيا سيادة أوكرانيا. وأعرب عن ثقته بأن الكونغرس الأميركي «سيرفع حتماً الحظر الذي يجب ألا يكون مفروضاً بعد الآن» على كوبا، على وقع تصفيق ممثلي 193 دولة مشاركين في الاجتماع.
وأقر أوباما بأن سياسة واشنطن بشأن كوبا «فشلت في تحسين حياة الكوبيين»، إلا انه اعتبر أن حقوق الإنسان لا تزال موضع قلق في العلاقات مع هافانا.
وأشار أوباما، الذي تحدث لمدة 45 دقيقة فيما يحق لكل رئيس التحدث لمدة 15 دقيقة، إلى أنه يعي المخاطر التي يواجهها العالم اليوم، ويفهم في الوقت ذاته أن الولايات المتحدة لن تستطيع حل المشاكل الدولية لوحدها. وشدد على اعتماد الديبلوماسية وسيلة لإنهاء الخلافات، معتبراً أن القوة وحدها لا يمكن أن تفرض النظام في العالم. وقال «تعلمنا هذا الدرس في العراق»، مضيفاً أن «العراق كان تجربة صعبة برغم قوتنا وأثبتت أننا بحاجة إلى دول أخرى لحل المشكلات»، لكنه شدد على أن الولايات المتحدة ستستخدم قواتها العسكرية على الفور من جانب واحد في حال الحاجة إلى الدفاع عن البلاد أو حلفائها. وأقر بأنه كان على المجتمع الدولي القيام بالمزيد من اجل تجنب حصول فراغ في ليبيا.
بوتين
وقال بوتين «بعد الحرب الباردة ظهر للعالم تأثير القطب الوحيد، ومن وجد نفسه على قمة هذا الهرم (في إشارة مبطنة إلى أميركا) وأنهم يعرفون ماذا يجب أن يفعل العالم، وذلك من خلال تبني قرارات مطلوبة. لكن العالم يتغير وعلى الأمم المتحدة أن تواكب هذه التغيرات العالمية، وروسيا، بناءً على الوفاق العالمي مستعدة لمواصلة هذا العمل مع جميع الشركاء».
وأضاف «نعتقد أن أي محاولة لزعزعة الشرعية خطيرة لأنها قد تؤدي إلى انهيار هيكل العلاقات العالمية، ولن يكون هناك أي قاعدة سوى قاعدة القوي، وستكثر الديكاتورية».
وتابع بوتين «نشهد حالياً محاولات تصدير الثورات الديموقراطية. انظروا ماذا يجري في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. هذه المشاكل الاجتماعية والسياسية تتراكم منذ القدم. إن العدوان السافر أدى إلى انه وبدلاً من إصلاح المؤسسات الحكومية ونمط الحياة تم تدميرها، أما حق الإنسان في الحياة فهو يُدنَّس. هل تدركون ما هو الخطأ الذي ارتكبتموه. أعتقد أن الإجابة عن هذا السؤال ستُرفض نظراً إلى عدم الملاحقة. ونشهد حالياً في العديد من الدول في الشرق الأوسط وأفريقيا تدفق الإرهابيين تحت راية الدولة الإسلامية، ويحارب فيها عشرات الآلاف من المسلحين، بمن فيهم الجنود العراقيون الذين همشوا. كما يأتي التهديد من ليبيا التي تعرضت إلى عدوان سافر».
وقال «حالياً نشهد العدوان السافر نفسه من خلال دعم ما يسمى المعارضة المعتدلة، حيث يتم تدريبهم وتسليحهم ثم ينتقلون إلى الدولة الإسلامية، التي تم تربيته كوسيلة لإسقاط أنظمة غير مرغوب فيها، والدولة يقوم بالزحف إلى مناطق متعددة في الشرق الأوسط والعالم. لا يمكن الحديث هنا عن خطر الإرهاب العالمي من جهة ومن جهة أخرى التغاضي عن قنوات التمويل، بما فيها تجارة الأسلحة وتجارة النفط غير الشرعية. أولئك الذين يفكرون بهذا الشكل نقول لهم أنتم تتعاملون مع رجال قساة لكنهم ليسوا جهلة ومن السابق لأوانه معرفة مَن سيستغل مَن. والمعلومات الأخيرة حول تسليم الأسلحة الأميركية إلى الإرهابيين من قبل المعارضة المعتدلة أفضل مثال على ذلك، ولذلك نعتقد أنه من الخطير أن تكون التصرفات بهذا الشكل، لأن الخطر الإرهابي يتزايد في هذه الظروف وينتقل إلى مناطق جديدة في العالم. وخلال عمليات التدريب في الدولة الإسلامية هناك روس، ونحن لن نسمح لقاطعي الرؤوس هؤلاء بالعودة إلى بلادهم».
وقال «روسيا كانت دائماً تواجه الإرهاب، ونحن اليوم نقدم مساعدة عسكرية وتقنية للعراق وسوريا وغيرهما من الدول في المنطقة التي تواجه الإرهاب. ونعتقد أنه سيكون خطأ فادحاً التخلي عن التنسيق مع الحكومة السورية والجيش السوري الذي يواجه الإرهاب، ويجب الاعتراف بأنه ليس هناك أي قوة فعالة أخرى تواجه الدولة الإسلامية والتنظيمات الإرهابية سوى الجيش السوري ووحدات الحماية الكردية، وعلينا أن ننطلق من هذه الحقيقة. نحن لا نستطيع أن نتحمل أكثر من ذلك».
ودعا بوتين إلى «تشكيل تحالف حقيقي لمواجهة الإرهاب الدولي على غرار التحالف الذي كان يواجه الشر النازي. وبالطبع يجب أن يكون هناك دول رئيسية في التحالف، وهي الدول الإسلامية، التي تتعرض للخطر المباشر من التنظيمات التي تدنس الإسلام ويشوهون القيم الإسلامية».
وأعلن بوتين أن روسيا ستعقد في الأيام القريبة اجتماعاً وزارياً لمجلس الأمن الدولي لبحث التنسيق بين جميع القوى لمواجهة «داعش»، داعياً إلى إعادة إعمار مؤسسات الدول لوقف تدفق اللاجئين، عبر تقديم مساعدات عسكرية وسياسية لهذه الدول. وقال «كل ما سيتم إنجازه يجب أن يمر عبر الأمم المتحدة ويجب أن يمر عبر الحكومات الشرعية، ويجب «تقديم مساعدة إلى الحكومة الشرعية في سوريا والعراق ومؤسسات الدولة في ليبيا». ودعا من جهة أخرى إلى تطبيق اتفاقات مينسك لحل الأزمة الأوكرانية.
روحاني
واتهم الرئيس الإيراني حسن روحاني السعودية بالتقصير على خلفية حادث التدافع في منى قرب مكة المكرمة أثناء الحج.
وقال «على الإدارة الأميركية أن تغير سياساتها الخاطئة التي تنفذها مع حلفائها في المنطقة بدل تحوير الحقائق»، مشيراً إلى أن «العراق وسوريا واليمن هي نموذج للأزمات التي قامت بسبب التطرف والعنف».
وأكد استعداد إيران للمساعدة في اجتثاث الإرهاب في المنطقة. وقال «نحن على استعداد للمساعدة في اجتثاث الإرهاب وفتح الطريق أمام الديموقراطية. كما ساهمنا في إحلال الديموقراطية في العراق وأفغانستان فنحن على استعداد للمساعدة في قضية الديموقراطية في سوريا واليمن».
وربط روحاني بين اندلاع الأزمات في الشرق الأوسط والغزو الأميركي لأفغانستان والعراق ودعم واشنطن المتواصل لإسرائيل ضد الفلسطينيين. وقال «أود أن أدعو العالم بأجمعه، خاصة الدول في منطقتي، إلى وضع خطة عمل مشتركة شاملة لتشكيل جبهة موحدة ضد التطرف والعنف»، مقترحاً أن تكون المواجهة مع الإرهاب ضمن وثيقة في الأمم المتحدة، محذراً من أن «الخطر الأكبر هو أن تتحول المنظمات الإرهابية إلى حكومات إرهابية».
وقال «إذا أردنا النجاح في محاربة الإرهاب، فلا يمكننا إضعاف الحكومة في دمشق، والتي يجب ان تكون قادرة على مواصلة القتال». وأضاف «إذا اخرجنا الحكومة السورية من المعادلة، فإن الارهابيين سيدخلون دمشق وسيسيطرون على البلد بأكمله الذي سيتحول الى ملجأ آمن للإرهابيين».
وكرر روحاني أن إيران لم تكن يوماً تسعى إلى الأسلحة النووية والعقوبات ضد طهران كانت غير مبررة، لكنه أكد أن بلاده مستعدة دائماً للدفاع عن نفسها ضد أي اعتداء.
(«السفير»، ا ف ب، ا ب، رويترز)