افراسيانت - مع عرض الصين اليوم الخميس صواريخ بالستية "قاتلة لحاملات الطائرات" وإعلان الرئيس شي جين بينغ عن خفض عديد الجيش، تظهر بكين عزمها على تبديل الوضع القائم في المحيط الهادئ في مواجهة الولايات المتحدة، من خلال التركيز على تطوير بحريتها.
وعرضت أكثر من عشرة صواريخ بالستية بعيدة المدى من طراز "دي اف-21 دي" ("دونفينغ" أو "رياح الشرق") للمرة الأولى خلال عرض عسكري ضخم في الذكرى السبعين لاستسلام اليابان.
ووصف التلفزيون الرسمي هذه الصواريخ الجديدة بأنها "مكسب حاسم" في أي نزاعات قد تنشب في المستقبل، فيما وصفتها الصحف الصينية بـ"قاتلة حاملات الطائرات".
وتشكل حاملات الطائرات تقليدياً ركيزة أساسية تستند إليها الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية لنشر قوتها العسكرية.
وقال المحلل في جامعة نايانغ في سنغافورة جيمس شار إن هذه الصواريخ هي "وسيلة ردع ترغم الدول الخصمة على التفكير ملياً قبل نشر حاملات طائرات موجهة ضد الصين".
وتشير هذه الوسيلة التكنولوجية الجديدة التي لم يتم اختبارها حتى الآن، بحسب شار، إلى "الأهمية المتزايدة للقوات البحرية الصينية" مع سعي بكين إلى نشر قوتها البحرية والجوية بشكل أوسع.
وهذه الصواريخ البالستية تدخل الغلاف الجوي بسرعة كبيرة تقارب 3500 كيلومتر في الساعة، ما يجعلها شبه محصنة ضد الدفاعات الجوية التقليدية. كما أنها مجهزة بنظام الكتروني متطور، يسمح لها بالتوجه نحو هدفها وبعبوة متفجرة قادرة على إنزال أضرار هائلة بحاملة طائرات.
وتسجل ميزانية الدفاع الصينية زيادة بأكثر من عشرة في المئة في السنة منذ أكثر من عقد، وتتبنى بكين موقفاً يزداد عدوانية في النزاعات الجغرافية التي تقوم بينها وبين جيرانها في بحري الصين الشرقي والجنوبي، وهم بمعظمهم حلفاء لواشنطن.
إلا أن الولايات المتحدة تبقى مهيمنة منذ العام 1945 على المحيط الهادئ الذي تنشر فيه الأسطول السابع، وتقع المنطقة في صلب اهتمام واشنطن منذ أن جعل منها الرئيس باراك أوباما "محور" سياسته الخارجية.
وان كانت واشنطن تنفق أكثر بكثير من بكين على ميزانيتها العسكرية، إلا أن بكين "قلقة للغاية حيال ما يمكن لخصومها وعلى الأخص القوات البحرية الأميركية أن تقوم به"، بحسب شار.
والصواريخ البالستية الجديدة يمكن أن تبلبل الوضع القائم، لأنها "قادرة على إصابة القاعدة العسكرية الأميركية الأساسية في غوام في غرب المحيط الهادئ"، مثلما كتبت صحيفة "غلوبال تايمز" الرسمية الصينية .
وقال الخبير العسكري في جامعة شنغي في تايوان ارثر دينغ إن "الصاروخ دي اف- 21 دي سيعقد قليلاً عمليات الولايات المتحدة في المنطقة"، ولو أن الأميركيين لديهم "مجموعة من الإجراءات المضادة".
ويبقى أن ذلك يؤكد على المنعطف الاستراتيجي الذي باشرته بكين، ولاسيما بعد الإعلان في أيار الماضي أن بحرية جيش التحرير الشعبي مدعومة من الطيران ستركز على العمليات "في عرض البحر" بما يتخطى مجال "الدفاع عن المياه الإقليمية".
واعلن الرئيس شي جين بينغ بصفته القائد العام للقوات المسلحة لدى افتتاحه العرض العسكري عن تخفيض عديد "جيش التحرير الشعبي" بمقدار 300 ألف رجل، فيما يقدر هذا العديد حالياً بحوالي 2,3 مليون عسكري.
وهو، بحسب وكالة الصين الجديدة للأنباء "شينخوا"، رابع تخفيض كبير للقوات المسلحة في ثلاثة عقود، بعدما كانت تعد 4,2 ملايين عسكري في العام 1987، بموازاة تحديثها بشكل مكثف.
ورأى آرثر دينغ أن هذا التخفيض الجديد "مطابق للتوقعات"، وقد تم "تحسين القوة النارية والحركية بشكل كبير، ويمكن بالتالي تخفيض القوات".
من جهته، رأى الأستاذ في "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" تايلور فرافيل أن "قوات سلاح البر ستتحمل على الأرجح القسم الأكبر من الخفض"، وكذلك مختلف طبقات القيادة والبيروقراطية في "جيش التحرير الشعبي".
غير أن الرئيس أكد اليوم أن الجيش الصيني "سيضطلع بمهمته القاضية بالحفاظ على السلام في العالم"، مضيفاً أن "الصين لن تسعى أبداً إلى الهيمنة".
ويعتبر الحزب الشيوعي في الصين، الذي يسيطر بشكل وثيق على القوات العسكرية، أن تحديث الجيش مهدد بعمليات اختلاس الأموال والرشاوى التي تثير فضائح متتالية في الصين.
وفي هذا الشأن، قال دينغ إن "الضباط الكبار قلقون لان العديد منهم تمت ترقيتهم بواسطة رشاوى"، مضيفا انه "يتحتم عليهم إظهار ولائهم وشي يسيطر بحزم على الجيش".
(أ ف ب)