اإلغاء مناصب نواب رئيسي الجمهورية والحكومة .. العبادي يقر "حزمة أولى" من "الإصلاحات"
افراسيانت - سعاد الراشد - بعد حوالي العام على توليه منصبه، أقدم رئيس الحكومة العراقي حيدر العبادي، أمس، على طرح مجموعة من الخطوات «الإصلاحية» نال موافقة الحكومة عليها بالإجماع، بعد جلسة استثنائية، تزامنت مع تصاعد وتيرة التظاهرات المطالبة بـ«الإصلاح» و«القضاء على الفساد» في العاصمة بغداد ومحافظات الوسط والجنوب.
وأيدت مختلف الكتل السياسية قرارات العبادي، الذي استند إلى دعم المرجع الديني السيد علي السيستاني بعدما دعاه في خطبة الجمعة، الأسبوع الماضي، إلى «الضرب بيد من حديد» واتخاذ «إجراءات إصلاحية صارمة».
وحصل العبادي على موافقة مجلس الوزراء على تقليص عدد المناصب الحكومية الكبيرة، إلا أن «حزمة الاصلاحات الأولى» التي أعلن عنها مجلس الوزراء في جلسته لا تزال بعض بندوها بحاجة إلى موافقة مجلس النواب عليها بغالبية الثلثين، خصوصا البند المتعلق بإلغاء منصب نائب رئيس الجمهورية.
وأكد المتحدث باسم العبادي في حديث الى «السفير» أن «هذه الاصلاحات تشكل قاعدة ومنطلقاً للسير في منهج ورؤية وبرنامج إصلاحي يكاد يأخذ طريقه إلى التنفيذ، وأن هذه الإصلاحات متى ما بدأ العمل بها بكل تأكيد سوف تتبعها خطوات أخرى في هذا المسار لتكملة المرحلة الاولى بدفعة من الاصلاحات اللاحقة». ما يفسر تسمية الإجراء الحكومي بـ «الحزمة الأولى».
واقترح العبادي إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء. وأيد المبادرة نائب الرئيس العراقي نوري المالكي الذي قال في تغريدة له عبر موقع «تويتر»: «نجدد موقفنا الداعم للإصلاحات التي تقتضيها العملية السياسية والتي وجهت بها المرجعية الدينية العليا السيد رئيس مجلس الوزراء». كما أبدى النائب الثاني لرئيس الجمهورية أسامة النجيفي تأييده لقرارات الحكومة، التي لم تصبح نافذة بعد.
ومن أبرز النقاط التي جاءت في حزمة الاصلاحات الاولى التي أعلنتها الحكومة العراقية، وقسمت إلى خمسة محاور، «إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء فورا». ويشغل مناصب نواب رئيس الجمهورية الثلاثة وهي فخرية أكثر منها تنفيذية، زعماء الاحزاب السياسية التي تحكم البلاد أي المالكي (دولة القانون) والنجيفي (كتلة متحدون)، ورئيس الوزراء الاسبق إياد علاوي (كتلة الوطنية).
وتشغل ثلاث شخصيات سياسية مناصب نواب رئيس مجلس الوزراء، هم بهاء الاعرجي عن «التيار الصدري»، وصالح المطلك رئيس «الكتلة العربية»، وروش نوري ساويش القيادي في «التحالف الكردستاني».
وتنص حزمة الاصلاحات ايضا على «تقليص شامل وفوري في أعداد الحمايات لكل المسؤولين في الدولة بضمنهم الرئاسات الثلاث.. ويتم تحويل الفائض الى وزارتي الدفاع والداخلية حسب التبعية لتدريبهم وتأهيلهم».
إلى ذلك تتضمن الاصلاحات «إبعاد جميع المناصب العليا من هيئات مستقلة ووكلاء وزارات ومستشارين ومدراء عامين عن المحاصصة الحزبية والطائفية»، على أن «تتولى لجنة مهنية يعينها رئيس مجلس الوزراء اختيار المرشحين على ضوء معايير الكفاءة والنزاهة».
كما تشمل «إلغاء المخصصات الاستثنائية لكل الرئاسات والهيئات ومؤسسات الدولة والمتقاعدين منهم»، و «فتح ملفات الفساد السابقة والحالية تحت إشراف لجنة عليا لمكافحة الفساد تتشكل من المختصين.. ودعوة القضاء الى اعتماد عدد من القضاة المختصين المعروفين بالنزاهة التامة للتحقيق فيها ومحاكمة الفاسدين».
وأعرب منظمو التظاهرات عن تفاؤلهم لان الإصلاحات تستهدف رأس هرم السلطة، لكن القلق لا يزال يساورهم حول صدقية التنفيذ. ونظمت مساء أمس، في ساحة التحرير في بغداد، تظاهرة بعنوان «نعم للتغيير والاصلاح» دعما لقرارات العبادي، وللمطالبة باتخاذ مزيد من الاجراءات و «تحذير كل من يحاول الوقوف بوجه الاصلاح». ورفع المتظاهرون لافتات أعربوا فيها عن تأييدهم للعبادي والقرارات التي اتخذها.
وحول موقف الكتل السياسية في البرلمان من الاصلاحات، قال المتحدث باسم رئاسة الحكومة سعد الحديثي لـ «السفير» إن «الكتل السياسية الموجودة في البرلمان تكاد تكون نفسها التي في الحكومة اليوم، حيث جرى التصويت على حزمة الاجراءات الاصلاحية التي سنها العبادي في مجلس الوزراء بالإجماع، ما يعكس موقفا ايجابيا للكتل».
وقال الحديثي «نحن نعتقد أن ذلك سوف يؤدي بالضرورة إلى استجابة إيجابية للكتل، وإضفاء طابع قانوني عليها (الاصلاحات) والبيانات التي أعلنت كانت بهذا الاتجاه، سواء كانت من رئاسة البرلمان أو على مستوى الكتل السياسية المختلفة». وحول المعلومات المتداولة عن توجه وفد ايراني إلى العراق من أجل إجراء «مصالحة» بين العبادي والمالكي، نفى الحديثي علمه بهذا الأمر.
وأكد الحديثي أن العبادي ومعه مجلس الوزراء سيمضي قدما لتنفيذ الاصلاحات على اعتبار أنها جزء من البرنامج الحكومي، ومن مطالب الجماهير، إضافة إلى مساندة من المرجعية في هذا الاتجاه. وأضاف «سنمضي قدما نحو التطبيق والدكتور العبادي عازم على تفعيل هذا الامر لأنه جزء من رؤيته الإصلاحية في إدارة الدولة. السقوف الزمنية المحددة في داخل الخطة تلزم تنفيذها بأوقات محددة لا يمكن تأجيلها وإيجاد آليات متابعة، من خلال الوزارات وآلية مكافحة الفساد. في الحقيقية الامور تسير سيراً صحيحاً».
وشدد الحديثي على أن إجراء من «أين لك هذا» الذي شملته الاجراءات الاصلاحية، أي طلب المسؤولين بالكشف عن حساباتهم المالية وممتلكاتهم سوف «يسري على جميع الموظفين من الدرجات العليا والخاصة إلى الدرجات الدنيا، من خلال كشف الذمم المالية لكبار المسؤولين ومتابعة ومراقبة مداخيل هولاء إذا ما كانت هناك مداخيل غير شرعية لهم، ومجرد تطبيق تلك الاصلاحات في البرلمان سيطبق هذا الامر».
ولفت الحديثي إلى أن الآلية تتلخص «بمجلس لمكافحة الفساد برئاسة العبادي بالتنسيق مع ديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة»، مؤكداً أن «الجهات القضائية ستجري هذه الاصلاحات تفصيليا». وأكد أن الاجراءات الاصلاحية «سوف تسري على جميع الوزارات ومؤسسات الدولة الاخرى»، وأشار إلى أنه «لا توجد أي جهة مستبعدة من هذه القرارات بما فيها الرئاسات الثلاثة أيضا».
بدوره، اعتبر النائب عن دولة القانون التي ينتمي إليها العبادي، موفق الربيعي، أن الاصلاحات «خطوة في الاتجاه الصحيح ومن المفترض أن تعقبها خطوات أخرى من أجل إصلاح النظام السياسي والاقتصادي في البلاد. وهذه الاصلاحات كنا ندعو لها لان العملية السياسية في العراق أصيبت بالفساد وسوء ادارة الدولة والمحاصصة والطائفية، هذه ينبغي أن تعالج وأن لا تضيع العملية السياسية مع هذه الخطوات».
واعتبر الربيعي أنه من المهم تنفيذ هذه الاصلاحات وأن «لا توضع على الرف». وأضاف «ندعو العبادي إلى أن يأخذ هذه النقاط ويذهب بها الى مجلس النواب ويطلب منهم التصويت لكي تكون قرارات ملزمة بقوة القانون».
ورأى الربيعي أن «الضغوط الاقليمية والمحاصصة السياسية والطائفية هي التي دمرت العراق وأوصلته إلى ما هو فيه من دولة تكاد تكون فاشلة، لذلك ينبغي تجاوزها والقفز عليها، فالمحاصصة هي التي قتلت الكفاءة والاخلاص والخبرة والشهادة، واعتمدت على المحازبين عبر المحاصصة الحزبية».
وحول رؤية البعض لهذه الاصلاحات على أنها عودة للديكتاتورية والتفرد بالسلطة، رأى الربيعي أن «هذه ليس بداية للديكتاتورية»، معربا عن اعتقاده أنها «بداية إلى الاصلاح الحقيقي الجذري، وإنما هي ثورة دستورية».
وحول إلغاء منصب المالكي اعتبر الربيعي أن «القضية ليست مواقع لأشخاص بل القضية قضية بلد»، مشيراً إلى أن الاصلاحات التي أقرها العبادي ستصبح دستورية «إذا أقرها مجلس النواب بأغلبية الثلثين تكون دستورية».
وعمّا اذا كان متفائلا بهذه الاصلاحات. قال الربيعي «الحقيقة متفائل على حذر، متفائل بأن هذه الاجراءات هي بالطريق الصحيح ويجب تنفيذها. وحذر ومتخوف من الكتل السياسية التي قد تسوّف هذه المطالب وتبردها وتضيف عليها الثلج والماء، وتقوم بتحليلها وتذهب أدراج الرياح».