افراسيانت - علاء حلبي - في تطور جديد على الجبهة الشمالية في سوريا، وتحديداً في ريف إدلب الذي يرزح تحت وطأة «جبهة النصرة»، تمكن فرع تنظيم «القاعدة» في سوريا أمس من تحقيق خرق جديد في خريطة السيطرة، بعد هجوم عنيف استمر أياماً عدة على معسكر المسطومة، أكبر معسكرات الجيش السوري في محيط مدينة أريحا.
الهجوم العنيف الذي شنته «النصرة» وحلفاؤها على معسكر الجيش السوري، بدأ قبل نحو خمسة أيام، عن طريق القصف العنيف، تبعه تفجير سيارات، الأمر الذي أحدث ثغرة في خاصرة المعسكر، وخسر خلالها الجيش السوري تلة المقبلة الإستراتيجية، ونفذ بعدها عملية واسعة لاسترداد النقاط التي خسرها، قبل أن يقرر أخيراً الانسحاب من المعسكر والبلدة المحاذية له.
وأوضح مصدر ميداني، لـ«السفير»، أن الهجوم الذي شنته «جبهة النصرة» وحلفاؤها على المعسكر والقرى المحيطة به كان عنيفاً، وتركز على محاور عديدة، وهو تطور جديد في نوعية المعارك التي يخوضها التنظيم، والذي لم يكن قادراً في السابق على فتح أكثر من جبهة في الوقت ذاته، إلا أن الهجوم على معسكر المسطومة ومحاولة الزحف نحو مدينة أريحا ترافقا مع فتح جبهات على ثلاثة محاور، تركز أعنفها على معسكر المسطومة، فيما شن مسلحون آخرون هجومين على قريتي نحليا وكفر نجد، ترافقت مع قصف عنيف جداً على مدينة أريحا.
ونقلت وكالة الأنباء السورية-»سانا» عن مصدر عسكري قوله إن «سلاح الجو ووحدات الدعم الناري توجه ضربات مركزة على تجمعات الإرهابيين المتسللين إلى معسكر المسطومة ومحيطه في ريف ادلب وتكبدهم خسائر كبيرة». وأضاف ان «وحداتنا العاملة في المسطومة ومحيطها تخوض معارك عنيفة مع المجموعات الإرهابية، وتؤمن الانتشار على الخطوط الدفاعية الملائمة في محيط المنطقة لتعزز مواقعها في أريحا بريف إدلب».
ورغم خسارتها عدداً وصفه مصدر ميداني بأنه «كبير» في معارك الأيام الثلاثة الماضية، أصرت «النصرة» وحلفاؤها على متابعة الهجوم، وذلك عن طريق تنفيذ عملية انتحارية استهدفت معسكر المسطومة في وقت مبكر من صباح أمس، تبعها هجوم عنيف جداً، قررت على إثره قوات الجيش المرابطة في المعسكر الانسحاب إلى قرية نحليا ومدينة أريحا، بعد نقل المعدات العسكرية المهمة، وتدمير ما تبقى منها، وفق تأكيد المصدر.
وتزامنت عملية انسحاب قوات الجيش السوري مع معارك عنيفة على طريق المسطومة - أريحا، استخدمت خلالها مختلف الأسلحة الثقيلة، من دون ورود معلومات دقيقة عن الخسائر التي تسببت بها المعارك.
وتمثل خسارة معسكر المسطومة نقطة تحول جديدة في خريطة المعارك في الشمال السوري المفتوح على تركيا، حيث تفتح الباب أمام أريحا، آخر المدن التي تسيطر عليها الحكومة السورية في ريف إدلب، لتبقى المدينة صامدة رغم القذائف العنيفة، إلى جوار قريتي كفريا والفوعة اللتين تعانيان نقصاً حاداً في المؤن الغذائية والطبية، بانتظار استكمال العملية العسكرية الواسعة التي بدأها الجيش السوري لاستعادة الشمال.
وعلى جبهة قريبة في ريف إدلب، شهد مبنى المستشفى الوطني، الذي ترابط فيه قوة للجيش السوري، هدوءا بعد أيام من المعارك العنيفة، في وقت تستعد فيه قوات الجيش لاقتحام حاجز «معمل السكر»، على المحور الشرقي للمدينة، حيث باتت تتمركز على بعد نحو كيلومترين عن المستشفى الذي نجح عناصر حمايته في توسيع دائرة سيطرتهم وتأمين محيطه لزيادة تحصينه.
وفي حلب، فجرت قوة من الجيش السوري نفقاً كان قد حفره المسلحون في المدينة القديمة، الأمر الذي تسبب «بمقتل عدد من المسلحين» وفق مصدر ميداني، في وقت تشهد فيه بقية محاور المدينة حالة من الهدوء. إلى ذلك، تصدت قوات الدفاع عن مطار كويرس العسكري في ريف حلب الشرقي لهجوم جديد شنه مسلحو تنظيم «داعش»، الذي يسعى إلى السيطرة على المطار، آخر نقاط الجيش السوري في المنطقة المحاذية لمناطق سيطرة التنظيم.
وفي دمشق استعادت العاصمة وقع القذائف التي عادت لتطال بعض أحيائها، حيث سقطت قذائف عدة في ضاحية الأسد والعباسيين، تسببت بإصابة عدد من المدنيين، فيما قتل خمسة أشخاص، بينهم طفلان، بانفجار لغم كان قد زرعه مسلحو «داعش» على طريق حمص - تدمر.
وفي السويداء، تصدت قوة من الجيش السوري تؤازرها اللجان الشعبية لهجوم عنيف شنه مسلحو «داعش» على قرية الحقف بريف السويداء الشمالي، انتهى بمقتل عدد من المسلحين، وانسحاب بقية أفراد المجموعة المهاجمة، في وقت ذكرت وكالة الأنباء السورية - «سانا» أن «وحدات من الجيش، بالتعاون مع مجموعات الدفاع الشعبي، أحكمت سيطرتها على قرية قبر شامية في ريف الحسكة، بعد القضاء على آخر تجمعات إرهابيي داعش فيها».
الأسد وولايتي
وقال الرئيس السوري بشار الأسد، خلال لقائه مستشار قائد الثورة الإسلامية في إيران علي أكبر ولايتي في دمشق، إن «محور المقاومة تكرّس على الصعيد الدولي ولم يعد بإمكان أي جهة تجاهله».
وشدد ولايتي، الذي التقى وزير الخارجية وليد المعلم، على أن «إيران، قيادة وشعباً، عازمة على الاستمرار في الوقوف مع سوريا، ودعمها بكل ما يلزم لتعزيز المقاومة التي يبديها الشعب السوري في الدفاع عن بلاده وتصديه للإرهاب والدول الداعمة له».
وذكرت «سانا» أن اللقاء بين الأسد وولايتي أكد «أهمية العلاقة الاستراتيجية بين البلدين، التي تشكل أحد الأركان الأساسية في مواجهة المشاريع الغربية وأوهام إحياء الإمبراطوريات لدى بعض الدول الإقليمية وقوى التطرف والإرهاب الوهابية التي اعتدت على شعوب المنطقة وتسعى لتقسيم دولها وإضعافها».