افراسيانت - وجهت روسيا، خلال استعراض عسكري أقامته في الساحة الحمراء في موسكو، أمس الأول، رسائل في اتجاهات عدة، بشأن مدى جهوزية جيشها، على مستوى مختلف القطع العسكرية، في ظل التحديات التي تواجهها عند حدودها المترامية من شرق آسيا حتى القطب الشمالي، مرورا بـ«خطوط التماس» السابقة مع أوروبا الوسطى والغربية.
ولم يوفر الاستعراض العسكري الروسي، الذي اقيم لمناسبة عيد النصر على الفاشية، والذي وصف بأنه الاضخم منذ ايام الاتحاد السوفياتي، أيا من المكونات التكتيكية للجيش الروسي.
واعاد مشهد الاستعراض العسكري، والذي شاركت فيه تشكيلات من القوات البرية والجوية والبحرية والصواريخ الاستراتيجية، العروض العسكرية التي كان يقوم بها الجيش الاحمر السوفياتي خلال فترة الحرب الباردة.
واظهرت التحديثات العسكرية، التي بدت واضحة خلال احتفالات يوم النصر، عقيدة جيش قادر على مواجهة تحديات برية على مستوى أسلحة المدرعات والمشاة، وتهديدات استراتيجية على مستوى الصواريخ البالستية والقاذفات الاستراتيجية بعيدة المدى.
وأحاطت بروسيا خلال السنوات الأخيرة سلسلة تهديدات وأزمات، لم يوفر خلالها «حلف شمال الأطلسي»، العدو اللدود لها منذ ايام الحرب الباردة، أي فرصة لاستعراض قواته عند حدودها، وكان آخرها في ليتــوانيا وأستونيا بمناورات ضخمة لسلاح المدرعات، ومناورات بحرية في البلطيق والشواطئ الاسكندينافية.
فائض القوة الروسي الذي ظهر في الاستعراض، بات مناقضاً للنبرة الهادئة التي اتسم بها خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تجاه الغربيين، حيث أشاد بمساهمتهم في الانتصار على ألمانيا النازية، برغم مقاطعتهم للاحتفالات، على خلفية الازمة الاوكرانية، بينما كان ملفتاً حضور الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الهندي براناب موخرجي، والامين العام للامم المتحدة بان كي مون، الى جانب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وعرض الجيش الروسي مختلف قطعاته العسكرية التي برزت منها الدبابة الروسية الجديدة «ارماتا تي-14»، والتي باتت تعتبر اليوم من أقوى أسلحة المدرعات في العالم، بالإضــافة إلى الصــواريخ الباليـستية العابــرة للقارات، والتي تنــاهز زنتها الخمسين طنا.
وقال بوتين في خطاب ألقاه في الساحة الحمراء قبيل العرض، الذي شارك فيه 16 ألف جندي روسي إضافة إلى قوات صربية وهندية وصينية وأذرية: «يجب التذكير بأن الجيش الأحمر، وفي اطار هجوم ضخم على برلين، وضع حدا للحرب ضد المانيا ـ هتلر»، مضيفا إن «الاتحاد السوفياتي شارك في المعارك الاشد دموية».
وقدم الرئيس الروسي الشكر «لشعوب بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة لمساهمتها في الانتصار»، قبل الوقوف دقيقة صمت حداداً على ضحايا الحرب، في خطوة غير مسبوقة في تاريخ احتفالات ذكرى التاسع من أيار في روسيا.
وخلال لقائه نظيره التشيكي ميلوس زيمان، أكد الرئيس الروسي استعداد بلاده لاعادة علاقاتها بالكامل مع الاتحاد الاوروبي، الذي فرض سلسلة عقوبات على موسكو على خلفية الازمة الاوكرانية. وأعرب زيمان عن ثقته التامة بأن «العلاقات الطبيعية (بين الاتحاد الاوروبي وموسكو) ستعود بعد فتور».
وحذر بوتين من صعود الفاشية من جديد، وأشار إلى أن دولا أخرى تعيد كتابة التاريخ حاليا للتقليل من شأن دور روسيا في الانتصار في الحرب، قائلا إنه «تم تجاهل المبادئ الأساسية للتعاون الدولي بشكل أكبر خلال العقود الماضية»، وأضاف «لقد شهدنا محاولات لخلق عالم أحادي القطب».
وبالتوازي نظم إقليم دونيتسك شرق أوكرانيا عرضا عسكريا، وسار نحو 1500 مقاتل من «جيش الدفاع الشعبي» في شوارع مدينة دونيتسك، عارضين مدرعات ومضادات للطائرات.