افراسيانت - ساعات تفصل اليمنيين عن بدء سريان هدنة إنسانية أبدت «أنصار الله» استعدادها للتعاطي معها بإيجابية، بعدما وضعت السعودية التزام الجماعة كشرط لوقف الغارات «مؤقتاً»، فيما نفّذ «التحالف» تهديداته بجعل صعدة الشمالية هدفاً عسكرياً أمامه بعدما أمطر المحافظة بمئات الصواريخ، في إطار حربه المستمرة منذ ستة أسابيع.
كثافة الغارات المتواصلة على صعدة منذ ليل الخميس الماضي، والتي وصلت ذروتها، أمس الأول، بعدما نفّذ «التحالف» 130 طلعة جوية قصف خلالها 100 هدف، وفقاً للمتحدث باسمه أحمد عسيري، لم تمنع «اللجان الشعبية» والجيش اليمني من التقدّم في عدن جنوباً، حيث تمكّنوا من السيطرة على مدينة كريتر الاستراتيجية التي تضمّ قصر المعاشيق، فيما عزت الميليشيات الموالية لعبد ربه منصور هادي ذلك إلى نفاد الذخيرة التي توفّرها مقاتلات «التحالف».
ويوم أمس، اعتبر الملك السعودي سلمان أنّ التدخل العسكري في اليمن جنّب تحويله إلى منطلق لما وصفه بـ «مؤامرة إقليمية» الهدف منها «زعزعة استقرار دول المنطقة»، فيما كان الرئيس الإيراني حسن روحاني قد استبق تلك التصريحات بقوله، أمس الأول، إنّ الحملة الجوية التي تقودها السعودية هي من أعمال حكومة «تفتقر إلى الخبرة» ولا تفهم السياسة في المنطقة.
واعتبر الرئيس الإيراني أنّ «الحكومة السعودية التي لا تعلم بأوضاع المنطقة والعالم، وهي حكومة حديثة العهد جداً، كشفت الوجه الحقيقي للسعودية التي كانت تنفذ أهدافها دوماً عبر الدولار وصرف الأموال، لكنها اختارت اليوم القنابل بدلاً من الدولار وتظن أنّها تستطيع بلوغ أهدافها في المنطقة باستخدام القنابل، لكن هذا خطأ كبير جداً واستراتيجي».
وفي تبرير للعملية العسكرية قال سلمان: «ما كان للمملكة من غرض في عاصفة الحزم سوى نصرة اليمن الشقيق والتصدي لمحاولة تحويله إلى قاعدة تنطلق منها مؤامرة إقليمية لزعزعة الأمن والاستقرار في دول المنطقة وتحويلها إلى مسارح للإرهاب والفتن الماحقة والصراع الدامي على غرار ما طال بعض دول المنطقة».
وفي رسائل إلى «أنصار الله» وإيران، أضاف: «هبّت المملكة لتلبية نداء الواجب في إنقاذ اليمن وشعبه الشقيق من فئة تغوّلت فيها روح الطائفية فناصبت العداء لحكومة بلدها الشرعية وعصفت بأمنه واستقراره، وأخذت تلوّح بتهديد دول الجوار وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، بدعم من جهات خارجية تسعى إلى تحقيق أطماعها في الهيمنة على المنطقة وزرع الفتن فيها».
وتابع في إشارة إلى الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح «وازداد استقواء هذه الفئة بتآمر جهات يمنية داخلية نقضت ما سبق أن عاهدت عليه من الالتزام بمقتضيات المبادرة الخليجية التي كان فيها المخرج لهذا البلد الشقيق من حالة الانسداد ودوامة الصراع الذي كان يمزقه».
وفي ردّ غير مباشر على إعلان الرياض بدء هدنة مشروطة بالتزام الجماعة، أبدت «أنصار الله» استعدادها لـ «التعاطي بإيجابية» مع جهود «رفع المعاناة» في اليمن، وفق ما نقلت قناة «المسيرة».
وجاء في بيان المجلس السياسي للجماعة «إذ نؤكّد ضرورة الرفع الفوري للحصار الجائر وغير المبرر على أبناء الشعب اليمني الذي فاقم من معاناته، فإنّنا نشير إلى أنّنا سنتعاطى بإيجابية مع أيّ جهود أو دعوات أو خطوات إيجابية وجادة من شأنها رفع المعاناة»، فيما أشاد «بجهود الدول الشقيقة والصديقة في وقف العدوان ورفع المعاناة عن الشعب اليمني».
وجدّدت الجماعة تأكيدها «ضرورة استئناف الحوار السياسي في اليمن من النقطة التي توقف عندها نتيجة العدوان، على أن يكون برعاية الأمم المتحدة».
وأعلن المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية العقيد الركن شرف غالب لقمان أنّه «بناءً على مساعي بعض الدول الشقيقة والصديقة في إيجاد هدنة إنسانية يتم خلالها فك الحصار الغاشم والسماح للسفن التجارية بالوصول إلى الموانئ اليمنية وفتح المجال للمساعدات الإنسانية، فإننا نعلن موافقتنا على الهدنة الإنسانية» بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء اليمنية – «سبأ».
وشدّد لقمان على أنّ «أيّ اختراق عسكري للهدنة من قبل عناصر القاعدة ومن يقف معها ويدعمها ويمولها، فإنّ الجيش والأمن واللجان الشعبية سيردّون على ذلك كحقٍّ مشروع وواجب مقدّس دفاعاً عن الشعب اليمني في مواجهة العدوان الغاشم والظالم».
خطوة الجماعة كانت محلّ ترحيب لدى وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش الذي كتب على حسابه على «تويتر»: «استجابة الحوثيين لعرض الهدنة مهمّ. إدراكهم أنّهم مكوّن من نسيج يمني متنوّع لا أداة نفوذ إقليمي ضروري للخروج من الامتحان اليمني العسير».
وفي تطور آخر، وصلت إلى القواعد الجوية السعودية طلائع قوة ماليزية للمشاركة في الحرب، لتصبح ماليزيا، بحسب وكالة الأنباء السعودية – «واس»، الدولة الـ12 ضمن «التحالف» بعد السنغال التي قررت، الأسبوع الماضي، الانضمام إلى «التحالف».
وأوضحت وزارة الدفاع السعودية أنّ مركز عمليات «التحالف» يجري تحضيراته لانضمام القوة الماليزية والسنغالية والاستعداد لطبيعة المهام التي ستوكل إليهما بمشاركة دول «التحالف». إلا أن الوكالة لم تحدّد عدد القوات التي وصلت أو العدد الإجمالي من القوات الماليزية المقرر مشاركتها، وما إذا كانت القوات المشاركة برية أو جوية.
وعلى مدى اليومين الماضيين تعرّض منزل الرئيس السابق في صنعاء إلى القصف. غير أنّ صالح بدا وكأنّه لم يتأثّر، ووقف أمام أنقاض منزله منتقداً السعودية في تصريحات بثّتها قناة «اليمن اليوم». وقال: «هذا العمل عمل غير مبرر ومستهجن ضدّ الشعب اليمني وأنا واحد من الشعب اليمني.. هذا العدوان أنا أستطيع أن أقول إنه عدوان جبان. تفضلوا على الأرض تحركوا وسنستقبلكم استقبالاً رائعاً».
وأضاف «ابحثوا لكم عن حل للخروج من مستنقع القتل والتدمير للشعب اليمني.. لا توغلوا في شرب الدم اليمني. دعونا نحل خلافاتنا»، معتبراً أنّ الموازين في المنطقة ستنقلب جملةً وتفصيلاً نتيجة «العدوان على اليمن».
وتتزامن الهدنة مع قلق أممي متزايد إزاء ارتفاع عدد الضحايا المدنيين جراء الغارات الجوية، فضلاً عن الأزمة الإنسانية الناتجة من الحصار البحري والبري الذي تفرضه السعودية على اليمن لمنع وصول المساعدات.
وفي هذا الإطار، أشار إلى منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن يوهانيس فان دير كلاوف الى أنّ «القصف العشوائي للمناطق السكنية، سواء بتحذير مسبق أو من دونه، يتنافى مع القانون الإنساني الدولي». وأضاف أنّ «الكثير من المدنيين محاصرون فعلياً في صعدة وغير قادرين على استخدام وسائل النقل بسبب نقص الوقود. استهداف محافظة بأكملها يعرّض عدداً لا يُحصى من المدنيين للخطر».
وذكرت وكالة «تسنيم» الإيرانية للأنباء أنّ سفينة مساعدات إيرانية ستبحر إلى ميناء الحُديدة على البحر الأحمر لنقل 2500 طن من المساعدات الإنسانية وبينها مواد غذائية أساسية وأدوية. كما أعلن برنامج الأغذية العالمي، أمس، أن سفينة تابعة للأمم المتحدة محملة بـ300 ألف ليتر من الوقود وصلت إلى الميناء.
ووجهت السفن الحربية الإيرانية، يوم أمس، تحذيرات إلى سفن وطائرات حربية أميركية وفرنسية في مياه خليج عدن، بعدما حاولت الاقتراب من المجموعة البحرية الإيرانية «34» المؤلفة من المدمرة «البرز» والفرقاطة اللوجستية «بوشهر»، واخترقت حدود الخمسة أميال في محيطها.
السفير