مدريد تدعو المجتمع الدولي إلى التحرك لمحاربة داعش الليبي وسط تحذيرات من تدخل عسكري محتمل للحلف الأطلسي.
طرابلس - افراسيانت - أكدت تقارير إخبارية احتمال قيام حلف شمال الأطلسي بتدخل عسكري في ليبيا لتحجيم التنظيمات الجهادية المتطرفة وإنهاء الفوضى والانقسام، رغم تصريحات الأمين العام للناتو التي تستبعد الإقدام على هذه الخطوة المهمة في ظل انتقادات لتركة الفوضى الثقيلة التي تسبب فيها الحلف جرّاء تدخله سنة 2011.
وأكد وزير الخارجية الأسباني خوسيه مانويل غارسيا مارغالو، أن أي تدخل محتمل لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في ليبيا يجب أن يكون في إطار قرار يصدره مجلس الأمن الدولي الذي تشغل فيه مدريد مقعدا منذ عام.
والتقى الوزير الأسباني الذي أبدى قلقه إزاء الوضع في ليبيا، أمس الأول، بمدريد، الأمين العام للحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ للتباحث حول الأوضاع الإقليمية.
وشدد وزير الخارجية الأسباني على “أن أي تدخل للحلف الأطلسي في ليبيا، يحتاج إلى قرار من مجلس الأمن الدولي”.
وأضاف قوله “يعود إلى الحلف اتخاذ القرار المناسب بهدف التوصل إلى الاستقرار في ليبيا الذي بات أمرا ملحا”، مشيرا إلى ضرورة التحرك سريعا لأن الوضع “يهدد استقرار المنطقة بأسرها”.
في المقابل، أعلن أمين عام حلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، في تصريحات سابقة له، أن الناتو يدعم جهود الأمم المتحدة المتمثلة في إجراء حوار في ليبيا بهدف إيجاد مخرج من الحالة الصعبة التي تعيشها البلاد، مؤكدا أنه لا يوجد أي حديث عن تدخل عسكري لقوات الناتو في ليبيا.
يذكر أن مصدرا رسميا بالناتو أفاد بأن أي تدخل عسكري جديد في ليبيا سيكون “أكثر صعوبة بعشر مرات” عن ذلك الذي قام به سنة 2011.
ووصف المصدر تدخل المجتمع الدولي عسكريا في ليبيا سنة 2011 لإسقاط نظام القذافي، بأنه “خطأ فادح”.
وجاءت هذه التصريحات خلال محادثات جمعت المصدر في حلف الأطلسي بأعضاء الوفد الجزائري، الذي قام بزيارة الناتو، حسب ما ذكرته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية.
وأعرب المسؤول عن أسفه “لغياب المتابعة” بعد التدخل العسكري، من أجل “تحقيق استقرار الوضع” في ليبيا، كما أعرب عن استعداد الناتو لتقديم الدعم من أجل تحسين الوضع الأمني في ليبيا.
وكان الحلف الأطلسي نفذ في مارس 2011 غارات في ليبيا في إطار قرار لمجلس الأمن يهدف إلى حماية المدنيين من قمع النظام حينها، لكن بعض أعضاء مجلس الأمن، وخصوصا روسيا والصين، اعتبروا أن الغارات الأطلسية تجاوزت تفويض القرار الدولي.
وأكد مراقبون، آنذاك، أن الهدف الاستراتيجي لحلف الناتو من خلال عملياته العسكرية في ليبيا هو السيطرة على مقدرات الدولة ومواردها المحورية من نفط وغاز، وكذلك جعل ليبيا موطئ قدم للأوروبيين في منطقة شمال أفريقيا، في ظل ضعف النفوذ الأوروبي الحاصل منذ سنوات، بفعل التنافس الأميركي الصيني على هذه القارة، بالإضافة إلى الموقع الجيوإستراتيجي الليبي وطول الساحل البحري، الذي يؤهل ليبيا لأن تكون محطة أوروبية جديدة للنقل البحري من وإلى أفريقيا، الأمر الذي شجع الأوروبيين على القيام بهذه العملية العسكرية.
وأصبحت ليبيا بعد الإطاحة بنظام معمر القذافي سنة 2011 مسرحا لمعارك بين ميليشيات وقوات موالية للسلطات، كما أصبحت مسرحا لاعتداءات إرهابية يتبناها تنظيم داعش الذي تمكن من اختراق الحدود الليبية والـسيطرة على بعض المدن والمنـاطق.
وحذر خبراء أمنيون من تحول ليبيا إلى قبلة للإرهاب وملاذ آمن له نظرا إلى حالة الفوضى التي تتخبط فيها البلاد منذ سقوط نظام القذافي سنة 2011، وقد أكد في هذا السياق وزير خارجية الحكومة المعترف بها دوليا أن قرابة 5 آلاف متشدد أجنبي يقاتلون ضمن صفوف داعش في ليبيا وهو ما يشكل خطرا حقيقيا على أمن دول الجوار.
وتعالت في الآونة الأخيرة الأصوات المنادية بضرورة دعم الجيش الليبي في حربه ضد التنظيمات الجهادية ورفع حظر الأسلحة عن ليبيا، وهو ما لم تستجب له الأمم المتحدة لاعتبارات عدة، أهمها أن قرارا مماثلا سيكثف حالة الفوضى وسيحول ليبيا إلى خزان للأسلحة، وهو وضع من المرجح أن يستفيد منه المتشددون.
والمعلوم أن مجلس الأمن أصدر قرارا سنة 2011 (قرار رقم 1970) بحظر الأسلحة عن ليبيا، ولكن هذا القرار تضمن استثناءات تبيح تزويد الأسلحة والمواد ذات العلاقة وبيعها ونقلها، بما في ذلك ذخائرها وقطع غيارها، إلى ليبيا بعد الموافقة عليها مسبقا من قبل لجنة العقوبات.