افراسيانت - دخلت عدة قطاعات حيوية بالجزائر في إضرابات عن العمل وفي حركات احتجاجية، مما وضع السلطات أمام تحدّي مواجهة هذا الغليان الاجتماعي الكبير الذي يتزامن مع سياق سياسي حساس وظروف استثنائية تواجه فيها السلطة صعوبة في إقناع الجزائريين بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية المرتقبة في 12 ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وعلى أبواب هذه الرئاسيات، بدأت قطاعات الطاقة والصناعة والتربية والنقل (ممثلةً في سيارات الأجرة) إضرابات عامة ستستمر لمدة 3 أيام، من المرجح أن تشل العمل داخل شركات استراتيجية على غرار "سوناطراك" و"سونلغاز"، وذلك استجابةً لدعوة "الكنفدرالية النقابية للقوى المنتجة" من أجل الضغط على الحكومة لتلبية مطالبها الاجتماعية والمهنية، وكذلك للاستجابة للمطالب السياسية للحراك الشعبي وعلى رأسها تنحية رموز نظام بوتفليقة وإلغاء انتخابات ديسمبر/كانون الأول.
ويتزامن هذا الأمر مع تواصل إضراب القضاة الذي دخل أسبوعه الثاني، وكذلك مع احتجاجات تشهدها قطاعات أخرى تمثل شريان الحياة العامة في الجزائر، على غرار إضراب المعلمين، وكذلك مع مسيرات الحراك الطلابي الأسبوعية. كما هددت "نقابة البنوك العمومية" بالدخول في إضراب عن العمل يوم الأحد المقبل، في حال بقاء مطالبها دون تسوية.
وقالت "الكنفدرالية النقابية للقوى المنتجة" في بيان , إن نسبة الاستجابة للإضراب في يومه الأول، والذي انخرطت فيه 36 ولاية، بلغت 57%، وقد وصلت هذه النسبة إلى 90% في بعض الولايات، مشيرةً إلى أنّ الشلل أصاب الجامعات والإدارات العمومية.
وفي هذا السياق، ربط المحلل السياسي عادل حسيني هذه الإضرابات المتزامنة من المنظّمة من قبل النقابات العمالية، بمطالب اجتماعية ومهنية بالدرجة الأولى، ووضعها في إطار محاولات للضغط على الحكومة من أجل تحقيق مكاسب مهنية.
إلا أن حسيني أكد أنه لا يمكن فصل هذه الإضرابات عن السياق السياسي الذي تعيشه الجزائر، حتّى أن مطالب الأطراف الاجتماعية جاءت داعمة لمواقف الحراك الشعبي الرافضة لإجراء الانتخابات الرئاسية قبل رحيل رموز النظام السابق، والداعية إلى التغيير.
واعتبر أن التصعيد الاجتماعي غير المسبوق الذي تعيشه الجزائر يؤشر إلى "تحرر النقابات من هيمنة الإدارة والسلطة عموماً"، كما أنه "انحياز علني للحراك الشعبي"، حسب تعبيره، مضيفاً أن "هذا المشهد يعكس المشكلات التي ستواجهها السلطات العليا في طريق تنظيم الانتخابات والوضع المشحون الذي سيجرى فيه هذا الموعد الرئاسي".
وختم قائلاً: "السلطة لا يبدو أنها منشغلة كثيراً بحالة الغليان الاجتماعي وبالمطالب السياسية، أكثر من انشغالها بتحقيق خطتها الرامية إلى انتخاب رئيس للبلاد في الموعد الذي حدّدته".