افراسيانت - أعلنت واشنطن أن بإمكان روسيا أن ترسل دبلوماسيين جددا إلى الولايات المتحدة، بدلا ممن طردوا مؤخرا ضمن "الرد" الأمريكي على "قضية سكريبال".
وقالت الخارجية الأمريكية، الثلاثاء، إن من حق الحكومة الروسية أن تطلب اعتمادات من واشنطن لملء الشواغر في تشكيل بعثتها الدبلوماسية.
كما أشارت الوزارة إلى أن واشنطن تعول على قبول السلطات الروسية دبلوماسيين أمريكيين جددا بدلا من الموظفين الذين رحلتهم موسكو كـ"الرد بالمثل".
جدير بالذكر أن واشنطن حذت في ذلك حذو برلين التي أكدت في 28 مارس، إمكانية موسكو استبدال أربعة دبلوماسيين مطرودين من ألمانيا، موضحا أن ترحيلهم جرى بسبب تعاونهم مع الاستخبارات الروسية.
وكانت الولايات المتحدة طردت في 26 مارس، 60 دبلوماسيا روسا، إضافة إغلاقها القنصلية العامة الروسية في مدينة سياتل، وذلك من باب "التضامن" مع لندن، التي اتهمت موسكو بمحاولة اغتيال رجل الاستخبارات الروسي السابق، سيرغي سكريبال، وابنته يوليا، في مدينة سالزبوري البريطانية، مطلع الشهر الماضي.
وفي إطار "التضامن" مع بريطانيا أيضا، أعلنت حكومات 27 دولا، من بينها الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا ودول البلطيق، ترحيل دبلوماسيين روس من أراضيها.
وردت روسيا بالمثل معلنة 58 من موظفي السفارة الأمريكية بموسكو واثنين من عاملي القنصلية العامة الأمريكية في يكاترينبورغ (وسط روسيا) أشخاصا غير مرغوب فيهم، كما أعلنت وقف عمل القنصلية الأمريكي في سان بطرسبورغ، إضافة إلى اتخاذ إجراءات مماثلة في حق دول أخرى أقدمت على ترحيل دبلوماسيين روس.
ضغوطات متفاوتة
لكن ماذا وراء ما يمكن اعتباره "إشارات مصالحة" من قبل واشنطن وبرلين؟ من وجهة نظر بيوتر تسفيتوف، الباحث في قسم الشؤون الدولية بالأكاديمية الدبلوماسية الروسية (التابعة لوزارة الخارجية)، فإن السرعة التي وجهت فيها لندن اتهاماتها إلى موسكو بخصوص "قضية سكريبال"، دون أن تقدم أي أدلة دامغة تدعم روايتها للحدث، وضعت كثيرا من الدول الغربية في وضع محرج نسبيا، وإن لم تجرؤ تلك الدول على خرق "التضامن" الغربي.
أما أن تكون الولايات المتحدة وألمانيا هما اللتان بادرتا إلى القيام بخطوة باتجاه موسكو، فعزا الخبير الروسي ذلك إلى أن هاتين الدولتين هما الأكثر نشاطا واستقلالية في سياستهما الخارجية.
من جهته، يعتبر فلاديمير بروتر، الخبير بالمعهد الدولي للأبحاث الإنسانية والسياسية، أن المنعطف المذكور قد يكون جزءا من تكتيك "الضغوطات المتفاوتة" التي تمارسها الولايات المتحدة والدول الحليفة لها إزاء روسيا.
وفي حديث لـRT، ذكر بروتر أن برلين وواشنطن، بعرضهما استبدال الدبلوماسيين الروس تشيران إلى أنهما لا تتراجعان عن خطواتهما السابقة لكنهما تبادران إلى إعادة مستوى العلاقات مع روسيا إلى مستواها السابق. ورجح الخبير أن تحذو دول أكثر استقلالية، مثل فرنسا، حذو السلطات الأمريكية والألمانية، فيما ستمتنع عن ذلك دول أخرى "يكن قادتها كراهية لروسيا، مثل أوكرانيا أو ليتوانيا. أما بريطانيا فتوقع الخبير أنها ستكون الأخيرة في قائمة البلاد التي ستقرر إعادة الدبلوماسيين الروس، لأن هذه الخطوة ستعني بالنسبة للندن الاعتراف بخطأ موقفها.
كما أشار بروتر إلى أن عرض "ملء الشواغر"، وإن كان ممكنا اعتبارها إشارة إيجابية، لن يلغي التوتر المتراكم في العلاقات الروسية الأمريكية، وأن واشنطن تتبنى تكتيكات "الضغوطات المتفاوتة"، التي تسمح للولايات المتحدة بتفادي تدمير العلاقات مع روسيا بالكامل، مع مواصلة واشنطن محاولاتها لتحقيق أهدافها "خطوة خطوة".
من جانبه، لفت إيفان تسفيتوف، من قسم الدراسات الأمريكية في كلية الشؤون الدولية بجامع سان بطرسبورغ، إلى أن وزارة الخارجية الروسية لم ترد حتى الآن على عرض أمريكا وألمانيا، مشيرا إلى أن تحفظ موسكو بهذا الصدد يكشف عن عدم رغبتها في الاستجابة لكل إشارة مصالحة من طرف الولايات المتحدة، لأن ذلك سيضعها في موقف "ضعيف" في لعبتها مع واشنطن، ذلك أن قبولها هذا العرض قد يفسر على أنه موافقة موسكو على استبدال دبلوماسيين "سيئين" بآخرين "جيدين"، لإرضاء شركائها الغربيين.
وبحسب الخبير فالمطلوب الآن هو البحث عن طرق دبلوماسية لخفض التوتر وإيجاد حل مقبول لدى كلا الطرفين، وهي عملية بطيئة.
المصدر: RT