هراري - افراسيانت - طوى إيمرسون منانغاغوا اليوم ، صفحة 37 عامًا من حكم روبرت موغابي الاستبدادي نهائيا في زيمبابوي، بأدائه اليمين أمام عشرات الآلاف من أنصاره المتطلعين إلى مستقبل أفضل.
واقسم منانغاغوا اليمين في ملعب اكتظ بالحشود في احدى ضواحي هراري. وقال "انا ايمرسون دامبودزو منانغاغوا، اقسم بصفتي رئيسًا لجمهورية زيمبابوي بأن أكون وفيًا لجمهورية زيمبابوي، وأن التزم وأدعم وأدافع عن دستور وقوانين زيمبابوي".
حضر مراسم اداء القسم رؤساء موزمبيق وبوتسوانا وزامبيا وناميبيا. لكن رئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما لم يتمكن من السفر بسبب زيارة نظيره الانغولي جواو لورنشو.
ويتولى منانغاغوا (75 عامًا) السلطة في بلد مدمر، بعد ثلاثة أيام على الاستقالة التاريخية لموغابي (93 عامًا) الذي كان اكبر رؤساء الدول سنًا في العالم ودفعه الجيش وحزبه والشارع الى الاستقالة.
ومنذ الفجر، تجمع عشرات الآلاف من سكان العاصمة امام ابواب الملعب الرياضي الوطني ليحيوا رئيس الدولة الجديد.
وقالت شارون موياكوفا (23 عاما) لوكالة فرانس برس "نحن متحمسون جدا وننتظر الكثير من منانغاغوا". واضافت "لقد عشنا في ظل حكم ديكتاتوري منذ فترة طويلة جدا".
من جهته، قال بريسكا سيابيندا (52 عاما) وهو موظف متقاعد "نريد وظائف لابنائنا وادوية لمستشفياتنا وكتبا لمدارسنا". واضاف "نأمل في انطلاقة جديدة".
ورفع الحضور لافتات كتب عليها "شكرا لجنودنا" و"الشعب تكلم".
وقدم روبرت موغابي استقالته تحت ضغط الجيش وحزبه والشارع بعد أن تحرك للجيش الذي سيطر على البلاد ليل 14 الى 15 تشرين الثاني/نوفمبر على اثر اقالة منانغاغوا.
ويدرك الرئيس الجديد الملقب ب"التمساح" بسبب قسوته، حجم المهمة التي تنتظره وانتهز فرصة اول خطاب له ليطلق الوعود.
وعد منانغاغوا بايجاد وظائف و"خفض الفقر". وقال "سنوجد وظائف لشبابنا ونخفض الفقر في كل مجتمعاتنا"، مشددا على ان "اعمال الفساد يجب ان تتوقف على الفور".
واشاد بروبرت موغابي قائلا في خطاب القاه بعد أدائه اليمين "لنقبل ونعترف بمساهمته الكبرى في بناء أمتنا".
وقطع منانغاغوا وعدا رمزيا بدفع تعويضات للمزارعين البيض الذين صودرت ممتلكاتهم مطلع الالفية الجديدة. وقال ان "حكومتي تتعهد التعويض على هؤلاء المزارعين الذين صودرت ممتلكاتهم"، لكنه رأى في الوقت نفسه ان الاصلاحات التي جرت حينذاك "كان لا بد منها".
ووعد الرئيس الجديد في خطابه "بحماية كل الاستثمارات الاجنبية في زيمبابوي".
وكان هذا المسؤول الموجود في النظام منذ استقلال زيمبابوي في 1980 والمعروف بلقب "التمساح"، اقيل بامر من السيدة الاولى السابقة غريس موغابي التي كانت تنافسه على الرئاسة خلفا لزوجها الذي تراجع وضعه الصحي.
وبعدما قاوم ضغوط العسكريين وحزبه "الاتحاد الوطني الافريقي لزيمبابوي-الجبهة الوطنية" (زانو-الجبهة الوطنية) والشارع، انتهى الامر باستقالة "الرفيق بوب" تحت التهديد بعزله في البرلمان.
وعشية توليه مهامه، اجرى منانغاغوا محادثات مع موغابي ووعده بان يؤمن له ولعائلته "أفضل ظروف الامن والرخاء"، كما ذكرت صحيفة "ذي هيرالد" الحكومية.
بعد ثلاثة ايام على سقوط النظام، ما زال مصير الرئيس وزوجته وخصوصا أمام القضاء، مجهولا.
وقال احد وزرائه سوبا ماديوانزيرا لفرانس برس "لا اعرف ما جرى التفاوض بشأنه لكن استطيع ان اقول انه ليس هناك اي مواطن في زيمبابوي يريد ان يلاحق موغابي في القضاء او يشنق او يضرب".
واضاف ان "الناس يريدون طي الصفحة".
من جهته، نفى الناطق باسم الرئيس السابق جورج سارامبا بشكل قاطع حصول موغابي على حصانة، كما ذكر عدد من وسائل الاعلام. وقال لفرانس برس "لا سبب لمنحه الحصانة والمسألة لم تناقش خلال المحادثات".
وكان أفيد أن موغابي سيحضر مراسم تنصيب خلفه لكنه لم يفعل. وقال شارامبا "انه ليس في حالة تسمح له بالحضور".
ترك موغابي اقتصادا مدمرا في البلد الذي يعاني من نقص الاموال وشبح التضخم المفرط.
وبينما تبلغ نسبة البطالة تسعين بالمئة، يعتاش سكان البلاد من أشغال صغيرة في الاقتصاد الموازي، وهاجر آخرون الى جنوب افريقيا، الدولة العملاقة المجاورة.
ويعلق سكان زيمبابوي المنهكون بعد حكم موغابي، آمالا هائلة على هذا التغيير في السلطة.
وقالت اليس موانجيا (57 عاما) وهي ام لستة اولاد حضرت مراسم التنصيب "نريد اصلاح اقتصادنا، نريد ان نجد الاموال في المصارف، لا يمكننا مواصلة البحث في حاويات القمامة".
من جهته، اكد ارشيفورد غوانديزيفا وهو عاطل عن العمل في الحادية والعشرين من العمر "آمل في التغيير وفي ان نستعيد حرية التعبير التي فقدناها في عهد موغابي عندما كان يتم توقيفنا من أول انتقاد للحكومة".
لكن سيرة وشخصية الرئيس الجديد تثيران بعض القلق. فايمرسون منانغاغوا كان احد الموالين للنظام وهو قريب من الاجهزة الامنية، وقد تولى حقائب وزارية ومعروف بانه نفذ بعض المهام القمعية بأمر الرئيس السابق.
وذكرت منظمات غير حكومية عدة بحصيلة النظام. وقالت منظمة العفو الدولية ان "عشرات الآلاف تعرضوا للتعذيب او فقدوا او قتلوا".
وفي مسعى الى طمأنة السكان، قدم منانغاغوا نفسه على انه "خادم" البلاد، وناشد "كل الوطنيين في البلاد الى العمل معا".
وتدعو حركة التغيير الديموقراطي وهي اكبر أحزاب المعارضة الى تشكيل حكومة وحدة وطنية حتى الانتخابات المقررة في 2018.
وقال زعيم الحزب مورغان تشانجيراي لفرانس برس "آمل ان يبرهن الرئيس منانغاغوا على ان قيادة الأمة تغيرت. آمل الا يستسلم لاغراء التفرد بالسلطة".