الذكرى السادسة للعدوان على غزة: مشهد واحد يتكرر كل عام

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 


افراسيانت - لا يحتاج الفلسطيني رأفت أبو شنب، المتواجد في حي الشجاعية، شرق مدينة غزة، لكثير من الوقت كي يعود بذاكرته، إلى تفاصيل الحرب الإسرائيلية الأولى، التي حملت اسم "الرصاص المصبوب"، والتي يُصادف، اليوم، ذكراها السادسة.


فركام ما خلّفته الحرب الإسرائيلية الأخيرة (الثالثة) على القطاع، من دمار وحطام، يجعل ما شنته إسرائيل من حروب، ماثلاً أمام أعين الفلسطينيين، ويبدو كما لو أنه "مشهد واحد" كما يقول أبو شنب.


ويُضيف الرجل أن "ذاكرة الفلسطينيين في قطاع غزة، لم تعد تتسع لتخزين صور الألم، التي خلّفتها الحروب الإسرائيلية"، وهو الذي فقد ابنه في الحرب الأولى، وأصيبت زوجته في الحرب الثانية، ودمر منزله بالكامل في الحرب الأخيرة.


ويستدرك أبو شنب بحزنٍ، قائلاً إن "الحرب لا تهدأ في غزة، بل الجراح تتسع، الدمار لا يزال كما هو، وكل شيء على حاله".  


وفي 27 كانون الأول من العام 2008، شنّت إسرائيل حرباً على غزة، انتهت في 18 كانون ثاني من العام 2009، وأطلقت عليها عملية "الرصاص المصبوب"، فيما أطلقت عليها حركة "حماس" اسم "حرب الفرقان".


وفي اليوم الأول للحرب، شنت 80 طائرة حربية إسرائيلية سلسلة غارات على عشرات المقار الأمنية والحكومية الفلسطينية (التي كانت تسيطر عليها حركة حماس)، في آن واحد، ما أسفر عن استشهاد 200 فلسطيني، في الهجمة الجوية الأولى، أغلبهم من عناصر الشرطة الفلسطينية.


وجاءت هذه العملية العسكرية، بعد خرق إسرائيل اتفاق تهدئة مبرم مع فصائل المقاومة، وفي مقدمتها "حماس"، واستمرت ستة أشهر، برعاية مصرية، إلا أن إسرائيل اغتالت ستة مسلحين من "كتائب عز الدين القسام"، في الرابع من تشرين الثاني العام 2008.


وردت "كتائب القسام" والأجنحة العسكرية للمقاومة الفلسطينية، على العملية العسكرية، بإطلاق مئات القذائف والصواريخ محلية الصنع على البلدات والمستوطنات، جنوب الأراضي المحتلة.


وبعد مرور ثمانية أيام على قصف الجيش الإسرائيلي المكثف، اتخذت الحكومة الإسرائيلية قراراً بشن عملية عسكرية برية على قطاع غزة، بمشاركة سلاح المدفعية وجنود المشاة والدبابات، وسط تحليق مكثف للطيران في الأجواء.


واستخدمت إسرائيل، أسلحة غير تقليدية ضد الفلسطينيين العزل، كان أبرزها قنابل الفسفور الأبيض، واليورانيوم المخفف، الذي ظهر على أجساد بعض الشهداء، وفق تقارير صادرة عن خبراء ومراكز حقوقية ومؤسسات أوروبية.


وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، أيهود أولمرت، عن وقف إطلاق النار من جانب واحد، من دون الانسحاب من قطاع غزة، بعد 23 يوماً من بدء عملية "الرصاص المصبوب"، تلاه في اليوم التالي إعلان الفصائل الفلسطينية هدنة لمدة أسبوع، كمهلة لانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع.


وبحسب إحصاءات لجنة توثيق الحقائق التابعة للحكومة الفلسطينية والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فقد أدت عملية "الرصاص المصبوب"، إلى استشهاد أكثر من 1436 فلسطينياً بينهم حوالي 410 أطفال و104 نساء وحوالي 100 مسن، وإصابة أكثر من 5400 آخرين بينهم أكثر من 400 إصابة خطيرة، نصفهم من الأطفال.


واعترفت السلطات الإسرائيلية بمقتل 13 إسرائيلياً بينهم 10 جنود وإصابة 300 آخرين، إلا أن المقاومة الفلسطينية تحدثت عن قتل أكثر من 100 جندي إسرائيلي.


من جهتها، يبدو صوت سميرة حسونة منهكاً، وهي تتذكر حادثة استشهاد ابنيها، فالحرب تبدو كما لو أنها لم تنتهِ، كما تقول.


وتُضيف: "كأن الحرب شريط لا يتوقف، الجراح تتسع، ولا تندمل، هذه الأجيال التي مرت بثلاث حروب، ما ذنبها؟".


وفي الـ14 من تشرين الثاني العام 2012، شنت إسرائيل حرباً ثانية على قطاع غزة، أسمتها "عامود السحاب"، فيما أسمتها حركة حماس "حجارة السجيل"، واستمرت لمدة ثمانية أيام، وأسفرت عن استشهاد 175 فلسطينياً، وإصابة 1222 آخرين، فضلاً عن هدم أكثر من 200 منزل بشكل كامل، و1500 بشكل جزئي، بحسب أرقام فلسطينية رسمية.


وبدأت الحرب عقب اغتيال إسرائيل، لأحمد الجعبري، قائد "كتائب عز الدين القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس"، في اليوم نفسه، تنفيذاً لقرار اللجنة الوزارية المصغرة للشؤون الأمنية الإسرائيلية (كابينت)، الذي اتخذته سراً في صبيحة اليوم السابق، على الرغم من التوصل إلى مسودة اتفاق تهدئة مع المقاومة بوساطة مصرية، آنذاك.


وفيما لم يعلن الجانب الإسرائيلي عن الرقم الإجمالي لقتلاه في هذه الحرب، تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن سقوط 6 قتلى (2 عسكريين، 4 مدنيين)، فضلاً عن 240 جريحاً، وإسقاط طائرة استطلاع واحدة.


ولا تزال معظم المنازل التي دمرتها حرب "عامود السحاب"، تعاني من آثار الحرب، إذ يشكو أصحابها من عدم إعمارها.


وبعد عامين من حرب إسرائيل الثانية، شنت إسرائيل حربها الثالثة (الجرف الصامد) على قطاع غزة في السابع من يوليو العام 2014، واستمرت 51 يوماً.


وأسفرت هذه الحرب التي أطلقت عليها حركة "حماس" اسم "العصف المأكول"، عن استشهاد 2165 فلسطينياً، وإصابة أكثر من 11 ألفاً آخرين، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية، فيما أعلنت وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية،أن إجمالي الوحدات السكنية المتضررة جراء هذه الحرب بلغ ( 28366).


في المقابل، أفادت بيانات رسمية إسرائيلية بمقتل 68 عسكرياً، و4 مدنيين إسرائيليين، إضافة إلى عامل أجنبي واحد، وإصابة 2522 إسرائيلياً، بينهم 740 عسكريا.


وتوصل الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي، (يوم 26 آب الماضي)، إلى هدنة طويلة الأمد، برعاية مصرية، تنص على وقف إطلاق النار، وفتح المعابر التجارية مع غزة، بشكل متزامن، مع مناقشة بقية المسائل الخلافية خلال شهر من الاتفاق، ومن أبرزها تبادل الأسرى وإعادة العمل إلى ميناء ومطار غزة.


ويوم 23 أيلول الماضي، توافق الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي، على الالتزام بتثبيت التهدئة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وقدما مقترحاتهما لجدول أعمال بحث القضايا العالقة على أن يتم استكمال المفاوضات غير المباشرة نهاية الشهر الحالي في القاهرة.


ويخشى الفلسطينيون، في قطاع غزة، من اندلاع موجة جديدة من التصعيد مع إسرائيل، ودعت فصائل فلسطينية، مؤخراً مصر، إلى استكمال المفاوضات بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار.


ويتمنى الحاج الخمسيني، سعيد مهنا، أن يرتاح سكان قطاع غزة، من الحروب والمواجهات، لسنوات طويلة.


ويُضيف أن "الجراح لم تندمل، بل على العكس، إنها تتسع، وتزداد يوما بعد آخر، نريد أن نرمم بيوتنا، أن نأخذ نفساً طويلاً".

 

©2024 Afrasia Net - All Rights Reserved Developed by : SoftPages Technology