واشنطن - افراسيانت - شنت الولايات المتحدة مؤخراً أعمالاً عسكرية في خمسة بلدان مختلفة دون العودة للكونغرس الأميركي، الهيئة المخولة دستوريا لإعلان الحروب، الأمر الذي يثير قلقاً بالغاً لدى الأعضاء التشريعيين، ما دفع البعض إلى "تدخل عاجل من الكونغرس" في عملية صنع قرار الحرب.
وبحسب قانون "قرار قوى (شن) الحروب" الذي سنه الكونغرس في العام 1973 (ابان رئاسة ريتشارد نيكسون) فإن قرار شن الحرب هو قانون اتحادي (بشقي الكونغرس الشيوخ والنواب) يهدف إلى التحقق من سلطة الرئيس لزج الولايات المتحدة في نزاع مسلح دون موافقة الكونغرس الأميركي.
وينص القرار على أنه لا يمكن للرئيس الأميركي أن يرسل القوات المسلحة الأميركية إلى العمل في الخارج إلا بإعلان الكونغرس الحرب، أو "الإذن القانوني"، أو في "حالة طوارئ وطنية تنشأ عن هجوم على الولايات المتحدة أو أراضيها أو ممتلكاتها أو القوات المسلحة".
ويتطلب قرار شن الحرب من الرئيس أن يُخطر الكونغرس في غضون 48 ساعة من إلزام القوات المسلحة بالعمل العسكري، ويمنع القوات المسلحة من البقاء لأكثر من 60 يوما، مع فترة انسحاب إضافية مدتها 30 يوما، دون إذن الكونغرس لاستخدام القوة العسكرية أو إعلان الحرب من قبل الولايات المتحدة.
وأصدر الكونغرس بالفعل تفويضين لاستخدام القوة العسكرية، عام 2001 في أفغانستان، وعام 2002 في العراق.
وقد استخدم الرؤساء الأميركيون القوة أكثر من 200 مرة دون موافقة الكونغرس. وأكد الرئيسان باراك أوباما ودونالد ترامب أنهما ليسا في حاجة إلى مزيد من التفويضات، فيما لم تعترض المحاكم على ذلك، بحجة أن الأهداف الأساسية ، وهي "هزيمة تنظيم داعش ومكافحة التهديدات الإرهابية ومعاقبة مستخدمي الأسلحة الكيميائية" تبدو معقولة بما فيه الكفاية.
ويخشى كثيرون في الكونغرس الأميركي وبين الأوساط القانونية الدستورية الأميركية من أن الصلاحيات المطلقة التي يتصرف بها الرؤساء الأميركيون تشكل خطراً على السلطات الأميركية الثلاث، التنفيذية (الرئيس والوزراء) والتشريعية (الكونغرس بشقيه النواب والشيوخ) والقضائية (المحاكم) ما يستوجب تدخل الكونغرس على وجه السرعة لأن البلاد بحاجة إلى جلسات استماع ونقاش شاملة حول التشريعات الجديدة التي تحدد أهدافاً واضحة وتأذن باستخدام القوة اللازمة لتحقيق تلك الأهداف وتفرض حدوداً واضحة، وتعدل أو تلغي السلطات القانونية التي يعتبر البعض أنه عفا عليها الزمن.
ويقول مايكل غلينون، وهو أستاذ قانون في كلية فليتشر للشؤون القانونية والدبلوماسية بجامعة تافتس الشهيرة في ولاية ماساشوستس، "إن التفويضين السابقين لا ينطبقان على استخدام القوة ضد سوريا".
ويشرح غلينون في مقال نشرته له صحيفة "ذي هيل-التل" المختصة بشؤون الكونغرس الأربعاء 19 نيسان 2017 انه "فيما يتعلق بتنظيم داعش، يسمح قانون عام 2001 باستخدام القوة ضد منفذي هجمات 11 أيلول ، وهما القاعدة وطالبان، ولا يوجد ما يبرر تفسيره على أنه يصرح بإعلان الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، الذي يقاتل حالياً تنظيم القاعدة في سوريا ولم يكن له يد في هجمات 11 أيلول".
يشار إلى قانون عام 2002 الذي نص على استخدام القوة ضد العراق في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين "وليس على حماية العراق بعد الحرب من التهديدات الداخلية أو الخارجية مثل داعش" بحسب غلينون.
واستخدم الرؤساء القوة مرات عديدة دون موافقة الكونغرس، ولكن" كل هذه الحوادث كانت تنطوي تقريباً على معارك مع القراصنة، ومناوشات عبر الحدود مع قطاع الطرق، ومواجهات بحرية صغيرة أو غيرها من الأعمال التي لم تتضمن خطورة كبيرة بوقوع عمليات انتقامية ضد أهداف أميركية أو بالانزلاق في حرب أوسع نطاقاً" بحسب الخبير القانوني.
ويسمح الدستور للرئيس باستخدام القوة الدفاعية في حالات الطوارئ المتعلقة بالأمن القومي، أي التهديدات العنيفة الوشيكة التي لا تمنح الكونغرس وقتاً للتحرك. وفي الحالات غير الطارئة، مثل معاقبة الرئيس السوري بشار الأسد على إدعاءات استخدام الأسلحة الكيميائية، يلزم الحصول على موافقة مسبقة من الكونغرس.
ويلفت غلينون إلى أنه "لم يُعقد حتى الآن أي نقاش هادف حول ما إذا كانت المصلحة الوطنية الأميركية تتطلب عملاً عسكرياً ضد داعش أو سوريا، أو بشأن ما هي طبيعة الإستراتيجية التي يجب إتباعها، كما لم يتحمل أي عضو في الكونغرس المسؤولية السیاسیة لأنهم لم یصوتوا علی تفويض خاص بمحاربة تنظیم داعش أو آخر خاص بسوریا، ولكن في النهاية، تستند قوة نظام الفصل بين السلطات في الولايات المتحدة إلى استعداد المسؤولين لاتخاذ موقف محدد".
من جانبه، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأسبوع الماضي إنه منح الجيش "تفويضا مطلقا"، و"لكن هذا ينافي ما ينص عليه الدستور الذي وضعه الآباء المؤسسون للولايات المتحدة" بحسب قول غلينون الذي يصر على أن المسؤولية تقع الآن على عاتق الكونغرس لتحديد ما إذا كان سيواصل العمل بالدستور الراهن أم سيصيغ دستوراً جديداً.