موسكو تنفي بحثها والرياض مصير الأسد مقابل النفط .. الجيش يسبق علوش: قصف وتقدم في جوبر
افراسيانت - لم يكد قائد «جيش الإسلام» زهران علوش ينشر بياناً، على حسابه على «تويتر»، يحذّر فيه أهالي دمشق بأن مدينتهم ستكون «مسرحا لعمليات عسكرية»، متوعداً باستهداف المراكز الأمنية، حتى بدأ الجيش السوري عملية استباقية فجر أمس، حيث قصفت المدفعية مناطق في الغوطة الشرقية، وخاصة حي جوبر، الذي تقدم الجيش فيه، في إطار عملية القضم المتواصل التي ينتهجها كمقدمة للانطلاق الى عمق الغوطة.
إلى ذلك، نفت موسكو وجود مفاوضات مع الرياض لخفض إنتاج النفط مقابل توقف روسيا عن دعم الرئيس السوري بشار الأسد، فيما كان مسؤولون إيرانيون يؤكدون لنائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، مواصلة طهران دعمها لدمشق على كافة الصعد، خصوصا في مواجهة الإرهاب.
وتوجه السكان إلى أعمالهم وجامعاتهم، متوقعين أن تتساقط القذائف الصاروخية كما حدث الأسبوع الماضي، لكن اليوم مضى من دون سماع صافرات تلك الصواريخ تدخل أجواء العاصمة.
واعتبر متابعون للتطورات الميدانية، أن علوش نشر البيان في إطار حرب نفسية، وليفرض نفسه كأقوى مجموعة في الغوطة الدمشقية، أو أن العمليات العسكرية التي نفّذها الجيش، أدت إلى تراجعه عنها، مع تدمير منصّات إطلاق الصواريخ.
ويقول مصدر ميداني، لـ «السفير»، إن وحدات من الجيش السوري وصلت إلى محيط مسجد غزوة بدر، الذي يقع في الشمال الشرقي لحي جوبر. ويضيف «تشكل تلك المنطقة عقدة وصل بين جسر زملكا والمتحلق الجنوبي ووسط الحي، والسيطرة عليها تشكل تقدماً مهماً نحو السيطرة على جوبر بشكل كامل، وانطلاق العمليات نحو عمق الغوطة».
ويوضح المصدر أن العملية العسكرية كانت على أكثر من محور في الغوطة الشرقية، فهي كانت تهدف للوصول إلى داخل حي جوبر، من محيط مسجد غزوة بدر ومحور طيبة من جهة، ومن جهة ثانية التقدم نحو المناطق المحيطة بدوما، مثل المزارع وتل كردي، والعمل أيضاً على تأمين اوتوستراد دمشق ـ حمص من جهة حرستا، عبر السيطرة على كتل سكنية مطلّة على الطريق الدولي.
وأشارت صفحات المعارضة إلى استهداف المدفعية محيط دوما من ناحية مخيم الوافدين، في محاولة لتسهيل دخول الجيش إليها. وأشارت «التنسيقيات» الى انسحاب المسلحين من مسجد غزوة بدر، قبل أن يحاولوا السيطرة عليه مجدداً.
وتتشابك الأحداث داخل الغوطة. ففي زملكا، التي تستعد لتكون المسرح الجديد للعمليات العسكرية بعد الانتهاء من جوبر، تقوم المجموعات المسلحة بزيادة تحصيناتها، وخاصة من جهة المتحلق الجنوبي الذي أصبح خط الدفاع الأول عنها. وفي عربين تنقسم الأمور بين من يرغب بالمصالحة وإنهاء العمليات العسكرية منعاً لأي دمار، ومن يدفع لمواصلة القتال، كونها تشكل الخط الأخير الذي يفتح الطريق إلى حرستا ودوما بشكل كامل. وما حدث في سقبا في الأيام الأخيرة يشكل صورة مصغّرة عن الصراعات التي تدور بين المجموعات المسلّحة، وخاصة «جيش الإسلام» الذي يعمل جاهداً، بحسب مصدر معارض، إلى تثبيت نفسه على أنه القوة الوحيدة في المنطقة عبر محاولة إبعاد وتصفية كافة الأطراف.
ويضيف المصدر إن خروج المدنيين من دوما، وتوجههم إلى مراكز إيواء تابعة للحكومة السورية، شكّل نقطة ضعف لدى كافة المجموعات المسلّحة، وهذا ما دفع «جبهة النصرة» إلى إصدار بيان تهدد فيه سكان عربين من التوجه إلى المصالحة مع الدولة السورية.
موسكو وطهران
وسارعت موسكو إلى نفي تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، ونقلت فيه عن مسؤولين سعوديين وأميركيين أن الرياض تستخدم السياسة النفطية الراهنة للضغط على روسيا من أجل التراجع عن دعمها للحكومة السورية. وأشارت إلى أن السعودية وروسيا دخلتا في نقاشات عديدة على مدى الأشهر القليلة الماضية من دون الوصول إلى اختراق مهم حول القضية السورية.
وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، في بيان، إن هذه المعلومات «ليست إلا افتراءات صحافية»، فيما كتب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الدوما الروسي اليكسي بوشكوف، على حسابه على «تويتر»، «لم تكن هناك أي مفاوضات حول تقليص السعوديين لإنتاج النفط مقابل تخلي موسكو عن دعم الأسد. هذا كذب».
وفي طهران، بحث المقداد مع رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي ومساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية حسين أمير عبد اللهيان ومساعد وزير الخارجية للشؤون القانونية والدولية عباس عراقجي تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وآخر التطورات في سوريا.
وشدّد المقداد، خلال الاجتماع مع عبد اللهيان، على «أولوية مواجهة الإرهاب لدى الحكومة السورية، وتأمين الاحتياجات الأساسية للشعب السوري، الذي يتعرض لإرهاب التنظيمات التكفيرية المدعومة إقليمياً ودولياً، في ظل الحصار الظالم الذي يستهدف قوت يومه لثنيه عن مواجهة الإرهاب والمشروع الصهيوأميركي».
وأكد المقداد أن «المجتمع الدولي بات يلمس صوابية الموقف السوري حيال ظاهرة الإرهاب والإرهابيين منذ بداية الأزمة في سوريا»، مشيرا إلى أن «الإرهاب المدعوم دولياً وإقليمياً، الذي يضرب في سوريا ارتدت آثاره على داعميه ما يحتم تضافر الجهود المشتركة لمواجهته». وشكر القيادة الإيرانية على دعمها للشعب والحكومة في سوريا، مضيفا «معركتنا ضد الإرهاب واحدة، والشعب السوري سينتصر بحكمة قيادته وتضحيات جيشه وصمود شعبه».
وكرر عبد اللهيان «دعم إيران لسوريا، حكومة وشعباً، في تصديها للإرهاب»، مؤكداً أن «إيران تدعم أي جهد يسهم في حل الأزمة في سوريا عبر الحوار، وبعيداً عن التدخلات الأجنبية، مع التأكيد على وحدة وسيادة الأراضي السورية».
وأكد بروجردي، خلال لقائه المقداد، «استمرار الحكومة والشعب الإيراني في دعم الشعب السوري والوقوف إلى جانبه في مواجهة الإرهاب»، معتبراً أن «صمود سوريا أفضى إلى تغيير مواقف الكثير من حماة الإرهابيين».