قيادة موحدة لشرق السويس .. وخطة لتنمية سيناء .. السيسي: الحرب ضد الإرهاب لن تمس حقوق المصريين
القاهرة - افراسيانت - في خطوة ربما تعكس تغييراً إستراتيجياً في المقاربة المصرية للحرب على الإرهاب، بعد الهجمات غير المسبوقة من قبل الجماعات التكفيرية ضد المقرات الأمنية في سيناء مساء الخميس الماضي، أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قراراً جمهورياً بتشكيل قيادة موحدة لمنطقة شرق قناة السويس، في موازاة إقرار خطة تنمية لسيناء بقيمة 10 مليارات جنيه، في ما يفتح نافذة امل لتصويب المسار الذي سارت عليه الحكومات المتعاقبة ازاء شبه الجزيرة المصرية، التي تحولت الى بؤرة للتنظيمات المتشددة.
وفي تطوّر لافت في الخطاب الرسمي المصري، أكد السيسي أن الحرب على الإرهاب لا ينبغي ان تشكل ضغطاً على الشعب المصري، مشدداً على ضرورة وقف التجاوزات التي تمس بحقوق المصريين، ومشدداً على ان القوات المسلحة ستثأر لدماء شهداء العمليات الارهابية.
وجاءت تلك القرارات والمواقف عقب الهجمات غير المسبوقة، التي اعلنتها «ولاية سيناء» («انصار بيت المقدس سابقاً) التابعة لـ«الدولة الإسلامية في العراق والشام»، التي طالت مراكز وحواجز امنية في سيناء، مساء الخميس الماضي، والتي اسفرت عن مقتل 31، معظمهم من العسكريين، وإصابة ما لا يقل عن 60 آخرين.
وأصدر السيسي، امس الاول، قراراً جمهورياً بتشكيل قيادة موحدة لمنطقة شرق قناة السويس ومكافحة الإرهاب بقيادة اللواء أركان حرب أسامة رشدي عسكر، الذي كان يتولى قيادة الجيش الثالث الميداني، بعد ترقيته إلى رتبة فريق.
جاء ذلك، في اعقاب اجتماع طارئ عقده المجلس الأعلى للقوات المسلحة، برئاسة السيسي، لبحث تطورات الأوضاع في منطقة شمال سيناء، واستعرض أبعاد الهجمات الإرهابية الأخيرة وتداعياتها.
وقال السيسي، في تصريحات صحافية عقب اجتماع المجلس العسكري: «نحن مستعدون لتحمل الجوع من أجل بناء مصر»، مشيراً إلى أن «المصريين مستعدون للتضحية ليس فقط من أجل مصر بل من أجل المنطقة العربية».
وحذر السيسي الجماعات الارهابية قائلاً «الجيش والشرطة مستعدان للدفاع عن مصر والمنطقة، و لن نترك سيناء لأحد، وهي إما أن تكون لنا أو نموت».
وتعليقا على قرار تشكيل القيادة الموحدة، قال وكيل جهاز المخابرات العامة الأسبق ووزير التنمية المحلية الأسبق اللواء محسن النعماني، فى حديث الى «السفير»، إن «الجيش المصري يواجه في سيناء حالة من التصعيد السريع من قبل جماعات الإرهاب الدولي، لتحقيق نتائج في مواجه الدولة المصرية»، مشيرا إلى انه «كان لابد من توحيد الجهود فى جبهة سيناء لتحقييق المزيد من السيطرة».
وأشار النعماني الى ان «هذا القرار سيحقق الكثير من المكاسب والأهداف خلال الفترة المقبلة»، موضحاً ان «الحرب على الإرهاب لا تقتصر على مواجهة الجماعات التكفيرية بالسلاح، بقدر وجود تغيرات مطلوبة تتعلق بالتنسيق بين الأجهزة السيادية والمعلوماتية التي ستعمل تحت قيادة واحدة»، لافتا إلى أن مهمات الجيشين الثاني والثالث ستبقى على حالها، في حين سيكون دور القيادة الموحدة «تعبوياً» في إطار مكافحة الارهاب.
وأوضح أن «الجيوش الميدانية ستستمر في عملها، ولا يوجد تغيير للمهمات القتالية وانما إعادة تخصيص لتلك المهمات، وذلك تحت قيادة واحدة تمتلك رؤية وإدارة لمكافحة الإرهاب».
في موازاة ذلك، اعلن السيسي، خلال مشاركته في ندوة اقامتها القوات المسلحة في مسرح الجلاء، بحضور وزير الدفاع الفريق اول صدقي صبحي ورئيس الاركان محمود حجازي وكبار قادة الجيش وعدد من رؤساء الاحزاب والشخصيات العامة، عن تخصيص ميزانية قدرها 10 مليارات جنيه (حوالي 1.4 مليار دولار) للتنمية ومكافحة الإرهاب في سيناء، مؤكدا أن القوات المسلحة «ستعمّر وتبني، وستحارب الإرهاب في وقت واحد».
وتوجه السيسي الى الفريق عسكر بالقول «أنت مسؤول أمامي وأمام المصريين عن أن الحادث (الهجمات الاخيرة) لن يتكرر مرة أخرى، وأنت أيضا مسؤول بشكل كامل عن تنمية سيناء».
واكد السيسي انه لن يكبّل أيدي المصريين للثأر لشهداء مصر الذين راحوا في الأعمال الإرهابية، مخاطباً قادة الجيش بالقول «انتم من ستأخذون بثأر مصر، وانتم من سيحميها ويدافع عنها». كما توجه الى قوات الجيش والشرطة التي تكافح الإرهاب بالقول: «لا تظلموا أحدا، وليس معنى أننا نريد الثأر أن نقتل الأبرياء، وسنستمر كما بدأنا، وهذا التزام عليكم جميعاً، لأن الشرفاء والأمناء لا يقاتلون إلا بهذه الطريقة».
وطالب السيسي وزير الداخلية اللواء محمد ابراهيم بسرعة القبض على قاتل الناشطة شيماء الصباغ قائلا: «هي ابنتي، وخالص التعازي لها ولأسرتها، ولكل من يتألم لها من المصريين»، مؤكداً أن «أي فرد أخطأ سيحاسب».
وأضاف «نحن نحتاج إلى دولة القانون والمؤسسات، يتم فيها محاسبة أي مخطئ... وليس عيباً أن نعترف بأي خطأ مهما كان حجمه»، مشدداً على انه «ينبغي على جهاز الشرطة أن يحمي حقوق المصريين».
وتابع «أنا مسؤول عن كل المصريين، الفقير قبل الغني، والضعيف قبل القوي، والصغير قبل الكبير»، مطالبا بعدم التجاوز في حق المصريين، داعيا الى الاحترام المتبادل بين الشرطة والشعب.
وخلال الندوة، مازح الرئيس السيسى منافسه في الانتخابات الرئاسية السابقة حمدين صباحي فور لقائه، بالقول: «إنت ربنا بحبك»، في إشارة الى كثرة الأعباء الملقاة على عاتقه بعد انتخابه رئيساً للجمهورية، مضيفاً «أنا سعيد جدا بحضورك اليوم ووجودك معنا»، فيما رد صباحي بعبارة «كلنا واحد»، رافعاً يده تعبيراً عن تضامنه، ليرد السيسي قائلاً: «كلنا مع بعض».
الى ذلك، أصدرت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، أمس الأول، حكما بحظر كتائب عز الدين القسام - الجناح العسكري لحركة «حماس»، وإدراج أي شخص ينتمي إليها داخل مصر إرهابياً.
وكان احد المحامين قد أقام الدعوى معتبراً ان «كتائب عز الدين القسام ارتكبت عمليات إرهابية لمساندة (جماعة) الإخوان»، مشيراً الى ان الجناح العسكري لحركة حماس «تورط في هجوم نفّذ في شمال سيناء العام الماضي أسفر عن مقتل 33 من رجال الأمن».
وأضاف المحامي، في صحيفة الدعوى، ان مقاتلي «كتائب عز الدين القسام» استخدموا الأنفاق السرية المقامة تحت خط الحدود بين مصر وقطاع غزة في دخول البلاد، وتهريب الأسلحة المستخدمة في الهجوم الذي استهدف نقطة أمنية في منطقة كرم القواديس، والذي تبنته جماعة «أنصار بيت المقدس».
وأعربت حركة حماس، على لسان المتحدث الرسمي باسمها سامي ابو زهري، عن رفضها لقرار المحكمة المصرية، واصفة اياه بأنه «مسيّس وخطير ولا يخدم إلا الاحتلال الاسرائيلي».
وأضاف ابو زهري «نرفض الزج باسم كتائب القسام في الشأن المصري الداخلي» مشدداً على أن «القسام «هي «عنوان المواجهة مع الإحتلال الإسرائيلي، برغم كل محاولات التشويه التي تتعرض لها».