بإصرار حكومة خالد بحاح على عدم التراجع عن الاستقالة، ورفضها تحمّل مسؤولية تصريف الأعمال يتحوّل الفراغ الدستوري إلى مأزق ويتحوّل البلد إلى سفينة تائهة.
صنعاء - افراسيانت - وصفت الحكومة اليمنية المستقيلة برئاسة خالد بحاح، أمس ما حدث في البلاد مؤخرا بالعملية الانقلابية قامت بها جماعة أنصار الله الحوثية ضد الرئاسة والحكومة والعملية السياسية، مؤكّدة عدم تراجعها عن الاستقالة ورفضها تحمّل مسؤولية تصريف الأعمال في البلاد.
وبهذا الإصرار على عدم التراجع عن الاستقاله، وقبله إصرار مماثل من الرئيس المستقيل عبدربه منصور هادي على عدم التراجع عن قراره، إضافة إلى فشل البرلمان في عقد جلسة له لتدراس الوضع، تتكرّس حالة الفراغ الدستوري في البلاد، وتدخل طور المأزق نظرا لغياب المؤسسات الشرعية المخولة قيادة البلد واتخاذ القرار وإدارة الوضع المعقد بكل ما ينطوي عليه من محاذير أمنية تنذر بتفكك البلاد واندلاع حرب أهلية شاملة.
وفي بيان لها قالت الحكومة اليمنية المستقيلة “نعرب عن استيائنا من العملية الانقلابية التي قادتها حركة أنصار الله يوم 19 يناير وذلك من خلال استيلائها على أهم موقع سيادي للدولة بطريقة عسكرية وهو دار الرئاسة والذي أسفر عن سقوط عدد من القتلى والجرحى بعد مهاجمة منزل الرئيس عبدربه منصور هادي والتسبب في مقتل وجرح عدد كبير من حراساته الشخصية”.
وأضاف البيان أنه “سبق ذلك عملية مدانة تمثلت في اختطاف الشخصية الوطنية أحمد عوض بن مبارك مدير مكتب رئاسة الجمهورية، ومحاولة اغتيال متعمّدة لرئيس مجلس الوزراء، ووضع الرئيس ورئيس الوزراء وعدد من الوزراء تحت الإقامة الجبرية في سابقة لم تحدث في التاريخ السياسي اليمني”.
وأكدت الحكومة في بيانها أن استقالتها التي أعلنتها قبل أسبوع نافذة وغير قابلة للتراجع، بما فيها عدم مسؤوليتها عن القيام بتصريف الأعمال في البلاد.
وحمّلت الحكومة جماعة الحوثي المسؤولية الكاملة عن “إيقاف عمل الدولة برئاستها وحكومتها وعملية الانتقال السياسي التاريخي، وما سوف تؤول إليه الأوضاع في البلاد”.
وقال البيان إن “جماعة الحوثي وضعت الرئيس ورئيس الوزراء وعدد من الوزراء تحت الإقامة الجبرية في سابقة لم تحدث في التاريخ السياسي اليمني، كما تمت ممارسة الضغط على عدد من المؤسسات الإعلامية والاستيلاء عليها والتدخل في شؤون الوزارات والمؤسسات الحكومية، والسيطرة بالقوة على عدد من محافظات الجمهورية. وعليه فإن استقالة الحكومة تعتبر عملية إجرائية، وأن الاستقالة الحقيقية هي ما خطّته جماعة أنصارالله على أرض الواقع بفعل القوة”.
وفيما عبّرت الحكومة اليمنية المستقيلة عن ارتياحها للإفراج عن أحمد بن مبارك مدير مكتب رئاسة الجمهورية، إلاّ أنها شدّدت على ضرورة “وقف هذا الأسلوب اللاأخلاقي الذي لن ينجو منه أحد”، حسب تعبير البيان.
واختتمت الحكومة اليمنية المستقيلة بيانها قائلة “نأمل من كافة المكونات السياسية أن تتحمل مسؤوليتها الوطنية والتاريخية بكل صدق في هذه الفترة العصيبة التي تعصف بالبلد، والعودة إلى مرجعيات مؤتمر الحوار الوطني المتمثل في مسودة الدستور، ومشروع الدولة الاتحادية، وليبقى صوت الوطن هو الأعلى”. ويعيش اليمن فراغا دستوريا منذ استقالة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وحكومته يوم الخميس قبل الماضي.
وانعكس هذا بشكل واضح على الوضع الأمني في البلاد، إذ على مدار أسبوع مضى دارت اشتباكات شرسة متقطعة بين قوات الحرس الرئاسي ومسلحين حوثيين في عدة مواقع بصنعاء، بينها محيط منزل الرئيس هادي، انتهت بسيطرة الحوثيين على قصر الرئاسة في العاصمة التي اجتاحها مسلحون حوثيون في أواخر شهر سبتمبر الماضي قبل أن يتوسعوا إلى محافظات شمالية وغربية.
وأوقف زحف الحوثيين عمليا المسار السياسي الانتقالي وعطّل تنفيذ ما انتهى إليه مؤتمر الحوار الوطني اليمني الذي اختتم في يناير من العام الماضي الماضي بما في ذلك إقرار شكل جديد للدولة اليمنية يقوم على فيدرالية من ستة أقاليم وهو ما يرفضه الحوثيون، لأنهم لا يحققون فيه مصالحهم وأهمّها الحصول على إقليم واسع مفتوح على البحر من الغرب، ويتضمن محافظة مأرب الغنية بالنفط.
ومن أخطر تبعات الانقلاب الحوثي إعلان عدّة أقاليم في البلاد رفضها تنفيذ الأوامر الصادرة عن صنعاء وتنصيبها إدارات محلّية وتشكيلها قوات للدفاع الذاتي ضد أي محاولة حوثية لفرض الأوامر بالقوّة.