لماذا لا يمكن أن تفوز إسرائيل في الحرب؟

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 


 افراسيانت - حرب غزة أثبتت أن الكيان الصهيوني لا يمكن أن يكون دولة بالمفهوم القانوني وإنما هو تشكيل عصابي امتهن السطو على ممتلكات الغير دون وجه حق منتهكا كل المواثيق والأعراف.


اختزال أسباب حرب غزة في أحداث السابع من أكتوبر قراءة تتسم بتسطيح الأمور؛ ذلك أن أحداث طوفان الأقصى هي بالأساس جاءت نتيجة لتراكمات تاريخية وسياسية واقتصادية، تعود إلى سنوات طويلة من الانتهاكات الصهيونية والمعاناة الإنسانية الفلسطينية.


ومع ذلك فإن قبضة الغضب يوم الطوفان كانت لها عدة إنجازات غير مسبوقة في تاريخ الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، أولها أنها أثبتت بما لا يدع مجالا للشك وهم فكرة “الشراكة الإقليمية” مع الكيان الصهيوني، والتي سعى الغرب لترويجها في العالم العربي والإسلامي، وثبت خلال حرب غزة الأخيرة أنه كيان فوضوي – عبثي لا يفقه المبادئ الإنسانية، ولا يفهم قواعد القانون الدولي عند الحروب، ومن أبرزها اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.


بمعنى آخر أثبتت أحداث حرب غزة أن الكيان الصهيوني لا يمكن أن يكون دولة بالمفهوم القانوني، وإنما هو تشكيل عصابي امتهن السطو على ممتلكات الغير دون وجه حق، منتهكا كل المواثيق والأعراف الدولية. وبناء على ذلك أصبحت الدعوة إلى حل الدولتين دعوة ساقطة تماما، إذ لا توجد أساسا دولة أخرى مقابل الدولة الفلسطينية يمكن التفاوض معها، وما يقال عن حل الدولتين ما هو إلا ألغام كامنة.


أما بالنسبة إلى مفاوضات إطلاق الأسرى والمعتقلين ووقف الاعتداءات، والتي يتم الترتيب لها، فهي تقوم بين الدولة الفلسطينية من جهة، ومنظومة دولية ترعى التشكيل الإجرامي المسمى بإسرائيل، من جهة أخرى. وهذا النفي لا يتم بناء على موقف عقائدي أو قومي فقط وإنما أيضا اعتمادا على معطيات سياسية أبرزها اقتناع قادة إسرائيل بأنهم تشكيل عصابي وليسوا دولة،

ويتبين ذلك من تجاوزهم لكل القوانين والأعراف الدولية، فكيف يمكن اعتبارهم دولة؟


بقاء سيطرة حماس على قطاع غزة هو انتصار واضح وصريح على إسرائيل، وإعلان فشل الأخيرة في تحقيق أبسط أهداف الحرب المعلنة


حقق طوفان الأقصى أيضا انتصارا مهما في تجريد الصهاينة من مبرر الوجود في المنطقة وإسقاط نظرية “الأمن المستدام”. فخلال السنوات الأخيرة حاول الكيان بمساعدة الدول الغربية أن يقنع المحيط الإقليمي بأن الاعتراف بإسرائيل ضروري لتحقيق أمن واستقرار دائميْن في المنطقة، وبادرت بعض دول المنطقة إلى عقد اتفاقات وصلت حد التطبيع مع الكيان الغاصب.


لكن تداعيات طوفان الأقصى كشفت أن بقاء الكيان في المنطقة هو من أهم أسباب عدم استقرارها، وأنه نظام فاشي إجرامي لا يمكن أن يتحقق الاستقرار في حال وجوده على قيد الحياة، وأنه لا حل ولا أمن إلا باقتلاع هذا الكيان الغاصب من المنطقة حتى ولو كان ذلك بأغلى الأثمان، وخلال فترة هدمت المقاومة مشروع التوسع على رأس الصهاينة باحترافية كبيرة.


وما لا يفهمه الصهاينة ولن يفهموه هو أن استمرار الانتهاكات وتزايدها لا يردعان الشعب الفلسطيني عن المقاومة، بل يزيدانه صلابة، ويولدان المزيد من أساليب القتال المتطورة. بل يمكن لتقسيم غزة -وهو المشروع العسكري الذي تعمل إسرائيل على تحقيقه الآن- أن يساهم في نشوء منطقة رخوة ينتشر فيها التطرف مما ستكون له ارتدادات كارثية على الكيان الصهيوني والدول المجاورة.
يعني ذلك أن بقاء سيطرة حماس على قطاع غزة هو انتصار واضح وصريح على إسرائيل، وإعلان فشل الأخيرة في تحقيق أبسط أهداف الحرب المعلنة. ومن جهة أخرى فإن إنهاء وجود حماس في غزة ستكون له تداعيات وخيمة؛ فحماس ليست حركة مقاومة فقط، وإنما هي أيضا إدارة سياسية واجتماعية منذ عام 2006، ولها ارتباط وامتداد اجتماعيان واسعان مع شرائح ستظل تعبر عن غضبها بأساليب قد تكون أكثر عنفا.


وفي السياق ذاته لا تقنع الجرائم الوحشيةُ المحيطَ العربي بأهمية السلام، وإنما تؤلب الشعوب العربية، بل وشعوب العالم التي هالتها همجية السلوك الإسرائيلي ضده، وهو ما يزيد من ضغط الشارع العربي والإسلامي على حكوماته ضد التطبيع، ويدعم فكرة أن إسرائيل ما هي إلا كيان لقيط لا يمكن إعادة تأهيله للعيش الآمن في المنطقة، وهو ما يبقيه تحت هاجس الرفض والمقاومة المستمرين.

©2024 Afrasia Net - All Rights Reserved Developed by : SoftPages Technology